"الفقر لا يبرر الإرهاب ..." هذه المقولة لأحمد أويحي لا يختلف حولها اثنان لأنه لا يمكن تبرير ما لا يبرر. ولكن ما لا يختلف حوله اثنان أيضا هو وجود تربة تساعد على نمو الإرهاب والجريمة وغيرها من الآفات. مراد بودينة الملقب ظلما وعدوانا بمعاذ بن جبل صاحب ال 28 ربيعا الذي حول جسده الى قنبلة انفجرت يوم الأربعاء الماضي بقصر الجكومة عاش بمزرعة بن بولعيد بحي المقرية بباش جراح واحذروا من كلمة مزرعة فتلكم مغالطة كبيرة فالحي مستنقع كبير به بيوت قصديرية لا مجاري لا كهرباء لا غاز لا شيئ...فهو ببساطة مصنع لإنتاج الإرهاب والجريمة "صحيح انه كان يعاشر رفقاء السوء وأن سلوكه لم يكن ولا بد ..ولكن لو كان يعمل لما وجد الوقت الكافي لارتكاب جريمته الشنعاء لم أره منذ أن طردته من البيت منذ ثلاثة أشهر بعد اعتدائه على أشقائه وسرقة بعض أغراضهم لو كنت أدري ما كان ينوي فعله لأبلغت مصالح الأمن فخير له ولي أن يظل حيا وراء القضبان حتى وان استغرق ذلك أكثر من 20 سنة بدل سفكه دماء الأبرياء "تقول السيدة بودينة مسعودة أم مروان التي انقلبت حياتها رأسا على عقب لحظة نشر وسائل الإعلام صورة ابنها "يا ريت لو لثم وجهه وستر العائلة فما ذنبي أنا وما ذنب أبنائي الآخرين فيما صنعه مروان" لا يمكن أن يكون إبني " الإرهابي " مبشرا بالجنة هي السيدة بودينة مسعودة والدة مروان وجدناها أمام باب أو ما يشبه الباب مكتوب عليه "رقم هذا الباب 86 وشكرا" لم تدعونا إلى الدخول لأنها كما قالت "سئمت الحديث إلى الصحافة خاصة الأجنبية منها "لأنهم يريدون تسويد صورة الجزائر وهذا ما لا أقبله أبدا طرحوا علي بعض الأجانب أسئلة غريبة عن القاعدة وما علاقة مروان بهذا التنظيم "واعترفت مسعودة أنها تجهل كل شيئ عن هذا التنظيم الذي يسمى القاعدة قائلة" أنا كباقي الجزائريين سمعت به في النشرات في التلفزيون وكنت أظن أنه يستهدف أعداء الكفار والمريكان و لكن أن يستهدف أبناء بلدي أبرياء ولاحول ولا قوة لهم فهذا مرفوض حتى وان كان من فعل هذه الفعلة هو فلذة كبدي الذي اختارت له القاعدة احد العشرة المبشرين بالجنة وهو معاذ بن جبل الذي لم يكن مروان يعرفه أو يقرأ عنه علما وأن مستواه التعليمي لا يتعدى الثامنة أساسي رفض هذا الطفل الذي تقول عنه والدته صعب السلوك منذ صغره العودة الى صفوف الدراسة بعد إجرائه لعملية جراحية للدودة الزائدة الأمر الذي أدى به إلى إعادة السنة لكن مروان لم يقبل ذلك لأنه حسب والدته يرفض أن يجالس الصغار لأنه كبير ويرفض أن يظهر ضعيفا وقد يكون ذلك سببا في تفجير نفسه أمام قصر الحكومة وتابعت الأم قائلة "استبعد أن يكون مروان من المبشرين بالجنة بعد فعلته هذه لتضيف قائلة "كان ابني بائع خضر وعمل أيضا عند الخليفة لكن سرعان ما وجد نفسه في الشارع وهو دليل أنه لم يكن سيئ الى الدرجة التي وصل إليها يوم الأربعاء الماضي". وما زاد في حزن هذه المرأة العجوز رغم صغر سنها نسبيا أنها لن تتمكن من زيارة قبر ابنها فلا رفاة ولا جنازة ولا معزون لأن من توفى ارهابي فجر نفسه زاهقا أرواح عشرات الأبرياء "وبعد هذا وقبل هذا انا فقيرة ليس بوسعي تحمل نفقات العزاء فلا يتجاوز راتب منظفة اقسام ثانوية 10 ألاف دينار واعلموا أنني الوحيدة التي تعمل في هذا البيت الذي هجره ربه الذي فضل الزواج والتنصل عن مسؤولياته, أحد أبنائي في سجن الحراش والآخر توفي أثناء سنوات الجمر والثالث أراد التوبة بعد أن قضى فترة في السجن لكنه ما حظ صاحب السوابق العدلية للحصول على العمل " . في هذه اللحظة بالذات تذكرت مقولة الجزائر غنية والجزائريون فقراء وتذكرت أيضا أن احتياطي الصرف بلغ 80 مليار دولار وأن عائدات البترول بلغت 230 مليار دولار منذ ست سنوات وأن هناك برنامجا خماسي للتنمية الاقتصادية قيمته 140 مليار دولار و, و,...ومزرعة بن بولعيد " وما أدراك من هو بن بولعيد"التي بدت لي كمصنع لإنتاج الإرهاب والجريمة في قلب العاصمة. "كلما فتحت بابي يقابلني حي دالاس الخيالي بفلاته وقصوره وبذخه فلماذا حلال عليهم وحرام علينا أعيش منذ أكثر من 15 سنة في الكوخ وعدونا في أكثر من مرة بحل مشكلتنا ولكن لا حياة لمن تنادي ومن ينظر الى ناس غلابة مثلنا لا نسمن ولا نغني من جوع ومع ذلك نحمد الله على كل حال تقول خالتي مسعودة التي أنهكها المرض العضوي منه والمعنوي, حيث تعاني من مرض السكري و ارتفاع الضغط و آلام في الكبد زادت يوم الأربعاء الماضي بعد فقدان فلذة منها" بعد الانفجار دعوت الله أن ينتقم من الانتحاريين وما زاد في الطين بلة, حسب هذه السيدة التي كانت آثار الصدمة بادية عليها وكأنها لم تسترجع بعد وعيها اذ كانت تجيب على أسئلتنا أحيانا وتتيه أحيانا أخرى " إقدام مروان على فعلته ورواج اسمنا فكيف أستطيع مواجهة المجتمع والحديث إلى الناس قد يكون من بينهم من فقد قريب أو حبيب بسبب مروان فكيف يمكن أن التكفير عن هذا الخطأ وتجيب هذه السيدة بلا تردد أنا على استعداد أن رأى في ذلك الرئيس إخماد النار الفتنة أن احرق مع أولادي في ساحة الشهداء ان كان ذلك يخفف من آلام وأنات عائلات ضحايا ابني مروان.فهذا وطني وليس لي مكان آخر أعيش فيه رغم كل الظروف ا لاجتماعية الصعبة التي نمر بها فما هو ذنبي وذنب أولادي بعد فعلة مروان؟ اليوم حكم ابني على عائلته بالفناء كيف يمكننا أن نظهر وجوهنا للمجتمع" يكفي أن ليس لدي قبر أبكي عليه أتذكر يوم الانفجار كنت يومها أعمل بالثانوية وككل الناس توجهت إلى الله راجية منه أن ينتقم من منفذي الجريمة ساعتها لم أكن أعلم أن أحد الانتحاريين كان ابني مروان وبعد أن علمت بذلك انتابني الحزن والأسى ليس لأن مروان مات بل لأنه وبكل بساطة ارتكب كبيرة من الكبائر والكل يعلم أن الانتحار حرام في ديننا الحنيف "فكيف يمكن له أن يعرف ذلك وهو الذي لم يصلي إلا منذ عيد الأضحى المبارك في جانفي الأخير ومع ذلك بقي مروان يتعاطى المخدرات والكحوليات ويتصرف بعنف مع الجيران وعائلته" والدليل على ذلك أن كل رجال الأمن في باش جراح يعرفه جيدا بسبب السرقة وتصرفاته المخالفة للإسلام" واختصرت الجدة أم التهاني التي خرجت من البيت تستفسر عن غياب مسعودة في البيت"أنا من ربى مروان كان صعب السلوك مع الجميع كان يسكن معي في لا مونتاني لا أتذكر من مروان ذكريات جميلة على الرغم من أنه كان يعمل من حين لآخر ويكسب أموالا من عمله ومع ذلك فأنا لا ألومه وأسامحه لأنه لم يكن واعي بأفعاله بسبب تعاطيه المفرط للكاشيات كنت احلم أن يتزوج مروان لعله يستقر, وأن يشتري لي قطعة أرض نبني عليها بيتا يضمنا بدل الشتات الذي نعيشه اليوم" وتضرعت لله عز وجل أن "يلعن الله من كان سببا في الطريق الذي أخذ مروان إلى قصر الحكومة لتفجير نفسه , مروان كان طفلا صغيرا لا يعي خطورة أفعاله وبالرغم من أننا نعيش في هذا الفقر إلا أن ذلك لا يبرر حسب هذه العجوز ما فعله مروان. ومرة أخرى تذكرت كلاما عن مليون سكن قبل 2009 و2 مليون منصب شغل جديد و ميترو الجزائر وعود تحول الجزائر الى فردوس افريقيا ولكن ما جدوى الكلمات أمام واقع مزرعة بن بولعيد. مروان كان عنيف جدا مع إخوته سألنا شقيقة مروان الصغرى فقالت أن هذا الأخير كان عنيف جدا معنا ككل الإخوة طبعا مع أخواتهم البنات في بلادنا فهذا ليس غريب "كان يضربني كلما رآني في طريقه ويضربني أيضا عندما لا ألبي طلباته كما كان يرفض أن أخرج إلى الشارع ومع ذلك تمنيت لأخي أن يستقر وأن يتوقف عن تعاطيه الكاشيات "فرحت عندما رأيت أنه بدأ يتوب في الأشهر الأخيرة حيث بدأ الصلاة لكن سرعان ما أراه سكيرا أو فاقد الوعي في الليل..فأنتم تعرفون حالة المدمن على هذه الآفات" وتأكدنا في نهاية حديثنا مع عائلة بودينة مروان أنه لا يمكن تبرير الإرهاب تحت أي ذريعة وفي هذا تتفق الأم مسعودة مع السيد أحمد أويحي لكن ما حدث لهذه العائلة يؤكد أيضا أن الإرهاب لا يأتي من العدم.