يعتقد خبراء الحركات الاسلامية في المغرب العربي ان المعركة التي يخوضها تنظيم القاعدة في العراق سيكون لها انعكاسات واسعة النطاق على دولهم وستحدد معالم التحرك المقبل للمجموعات السلفية الجهادية المغاربية المرتبطة به. وفيما تواصل اجهزة الامن المغاربية جهودها للكشف عن العناصر المرتبطة بمجموعات "السلفيين الجهاديين" بعد قرابة عشرة ايام من التفجيرات الانتحارية التي شهدتها مدينتي الدارالبيضاءوالجزائر العاصمة فانها تؤكد في الوقت ذاته ان المعركة مع الارهاب "ايديولوجية وفكرية" كما قال الاربعاء وزير الاتصال المغربي محمد نبيل بن عبد الله. ولكن الخبراء يتجهون بأنظارهم الى العراق ويترقبون بقلق نتائج المعركة الدائرة حاليا على اراضيه وتاثيراتها المحتملة على بلادهم. ويقول استاذ العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة عين الشق بالدارالبيضاء محمد طوزي "ان العراق بات الان بحق جامعة للشهادة" كما قال زعيم القاعدة في هذا البلد ابو عمر البغدادي. وكان البغدادي زعيم ما يسمى ب"دولة العراق الاسلامية" قال في تسجيل صوتي بث الثلاثاء على شبكة الانترنت "نحن نعلن عن تخريج اكبر دفعة في تاريخ العراق لضباط الجهاد في سبيل الله وبالدرجة العالمية العليا" مشيرا الى انه اذا كانت "افغانستان هي المدرسة" التي تخرج منها مقاتلو القاعدة فان "العراق هو الجامعة". ويضيف طوزي "اصبح العراق ساحة تجريب في الزمن الحقيقي وبالحجم الحقيقي كما اصبح بالامكان نشر تقنيات واساليب حرب المدن التي تستخدمها القاعدة هناك بشكل فوري عبر شبكة الانترنت". ويشير طوزي الى ان الانتحاريين الذين فجروا انفسهم في الدارالبيضاء حتى يتجنبوا السقوط في ايدي اجهزة الامن "انتهجوا في الواقع اسلوبا ابتدعه" زعيم القاعدة السابق في العراق ابو مصعب الزرقاوي الذي قتلته القوات الاميركية في حزيران/يونيو 2006. ويتابع "ان التنقل الدائم بحزام ناسف هو نموذج عملياتي موقع باسم الزرقاوي". ويؤكد طوزي ان "الجزء الاكبر من السلفييين الجهاديين يعطون الاولوية الان للعراق واذا نجحوا هناك فانهم سيوسعون ساحة معركتهم وسيتمددون في المغرب العربي واذا فشلوا فان تمدد السلفية الجهادية سينحسر". ويعتبر ان تفجيرات الدارالبيضاءوالجزائر "تندرج في اطار حرب الاستنزاف المستمرة بين الولاياتالمتحدة من جهة والقاعدة والمجموعات السلفية الجهادية المرتبطة بها التي تريد ان تزرع الخوف وان تقول انها موجودة في كل مكان وقادرة على زعزعة أسس الدول المتعاونة مع اميركا وعلى توجيه ضربات في كل مكان". ويعتقد انها "ترد بذلك على الحرب الشاملة المعلنة على الارهاب من قبل الولاياتالمتحدة التي تؤكد بدورها ان هذه الحرب لا نطاق جغرافيا محددا لها". ويتبنى استاذ العلوم السياسية محمد ظريف التحليل نفسه ويعتبر ان ما "يشهده المغرب العربي لا يمكن عزله عما يحدث في دول اخرى". ويوضح هذا الخبير في الحركات الاسلامية انه "اعتبارا من 2004 ومع تمكن الزرقاوي من اعادة بناء التنظيم في العراق كان ذلك بمثابة محطة للقاعدة لاعادة النظر في استراتيجيتها وقررت انه عوضا عن توزيع الجهد في مواجهة الانظمة العربية يتم تركيز الجهد في العراق لان اقامة الدولة الاسلامية في العالم العربي يبدأ باقامتها في العراق". ويتابع انه "بين العام 2004 و2006 كانت التنظيمات المرتبطة بالقاعدة في المغرب العربي واوروبا منشغلة بتشكيل خلايا لاستقطاب مقاتلين الى العراق" ويشير الى ان السلطات المغربية فككت خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة 16 خلية كانت تعمل على ارسال مقاتلين الى العراق اخرها في مدينة تطوان (شمال المغرب) مطلع العام الجاري. ويعتقد ظريف ان "المغرب مازال بالنسبة للقاعدة قاعدة خلفية لتوفير الدعم اللوجيستي للعراق". ويرى في تفجيرات الدارالبيضاء الاخيرة "رد فعل على قيام السلطات المغربية بتفكيك خلايا بعد تعاون امني بينها وبين الجزائر وموريتانيا ودول اوروبية". ويعتبر انها شكلت "في ذات الوقت رسالة الى هذه السلطات مفادها ان المعلومات المتوافرة لديكم غير دقيقة لان الشابين اللذين فجرا نفسهيما السبت امام القنصلية الاميركية والمعهد اللغوي الأميركي في الدارالبيضاء لم يكن اسماهما ضمن لائحة المطلوبين التي اعلنتها الأجهزة الأمنية".