تسارعت الاحداث على الساحة الفلسطينية الداخلية, ولم تمض ساعات قليلة على اعلان وزير الداخلية في حكومة حماس سعيد صيام عن بدء عمل القوة الخاصة لمساندة قوات الشرطة, حتى طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من القوات الامنية الانتشار في كافة المناطق لمنع اي طرف من "القيام بالمهام الملقاة على عاتقها". واعلن مصدر مسؤول في الرئاسة الفلسطينية مساء الاربعاء 17-5-2006 ان الرئيس الفلسطيني اصدر تعليمات الى الاجهزة الامنية الفلسطينية ب"الانتشار في كافة المناطق وعلى المفترقات والطرقات العامة في مدن قطاع غزة والقيام بمهامها لحفظ الامن والنظام, وعدم السماح لاي شخص من القيام بالمهام الملقاة على عاتقها" في اشارة الى القوة الامنية الخاصة التابعة لوزارة الداخلية التي بدات عملها اليوم. واضاف المصدر ان تعليمات الرئيس تقضي "بعدم السماح لاي شخص من القيام بمهام الشرطة والامن غير الاجهزة الشرطية والامنية لان اي قوة اخرى تعتبر غير قانونية", في اشارة واضحة الى هذه القوة التي بدات الاربعاء انتشارها في مناطق قطاع غزة. واوضح مسؤول كبير في الرئاسة الفلسطينية فضل عدم ذكر اسمه ان القوة الخاصة التي نشرها وزير الداخلية "قوة فصائلية وعلى المسؤولين عنها ان يسحبوها فورا من الشوارع كي يتسنى لاجهزة الامن والشرطة القيام بمهامها الملقاة على عاتقها بحفظ النظام وتطبيق القانون". واكد مصدر امني ان "قوات الشرطة والامن الفلسطينية بدأت في ساعات المساء بالانتشار الفعلي في الشوارع الرئيسية في المدن والقرى وعلى مداخل المخيمات في قطاع غزة تنفيذا لتعليمات واوامر الرئيس ابو مازن". وكان وزير الداخلية الفلسطيني سعيد صيام اعلن الاربعاء بدء عمل القوة الخاصة المساندة للشرطة الفلسطينية والمكونة من عناصر من الاجنحة العسكرية الفلسطينية التي شكلها رغم قرار الرئيس محمود عباس بالغائها. واعتبرت حركة فتح بدء عمل القوة "تصعيدا خطيرا باتجاه الفتنة". وانتشر افراد القوة الخاصة التي قوامها ثلاثة الاف عنصر في الطرقات وحول بعض المؤسسات في قطاع غزة. ولوحظ ان غالبيتهم من اعضاء القسام والذين ارتدوا زيا موحدا وكان بعضهم ملثمين ويحملون اسلحة خفيفة خصوصا رشاشات كلاشنيكوف. وقام افراد القوة الذين لوحظ ان عددا كبيرا منهم من ذوي اللحى بدوريات راجلة ومحمولة في كافة المناطق في القطاع. وقال نبيل ابو ردينة المتحدث باسم الرئاسة من عمان حيث يرافق الرئيس عباس ان مرسوم الرئيس القاضي بالغاء تشكيل القوة الامنية الخاصة "لا زال ساريا". ووصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء الاربعاء الى عمان في الاردن قادما من ستراسبورغ حيث كان صرح ان انشاء قوة امنية فلسطينية جديدة لا يمكن ان يتم من دون موافقته. واعلن صيام خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارته بمدينة غزة "من منطلق مسؤولياتي عن الامن الداخلي كوزير للداخلية والامن الوطني اعلن عن بدء عمل القوة التنفيذية التي تم تشكيلها في اطار وزارة الداخلية لحماية امن المواطنين وممتلكاتهم". واكد صيام ان "القوة المساندة ليس جهاز امنيا جديدا, وانما هي مشكلة من كافة الوان الطيف الفلسطيني وقوامها 3000 عنصر وجاءت لتثبيت القانون والامن والنظام في الشارع الفلسطيني" داعيا "الجميع الى تقديم التسهيلات امامها". وكان وزير الداخلية اتخذ قرارا مطلع الشهر الجاري بتشكيل قوة خاصة تضم عناصر من عدد من الاجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية خصوصا من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس. وجاء الاعلان عن بدء عمل هذه القوة التي سيتولى وزير الداخلية الاشراف عليها مباشرة رغم قرار الرئيس عباس بالغائها, ليكشف حدة الخلاف وتضارب الصلاحيات بين الرئاسة والحكومة. وكان عباس اصدر مرسوما رئاسيا يلغي فيه قراري وزير الداخلية بتشكيل القوة الامنية, وتعيين جمال ابو سمهدانة مراقبا عاما لوزارة الداخلية. وحول قرار الرئيس الفلسطيني بالغاء هذه القوة قال صيام "ان القضية منتهية ومتفق عليها وهي في اطار القانون واطار صلاحياتي كوزير للداخلية وفي اطار قانون قوى الامن الفلسطيني". من ناحيته قال توفيق ابو خوصة المتحدث باسم حركة فتح لفرانس برس "هذا تصعيد خطير باتجاه الفتنة التى يقودها وزير الداخلية عبر الاعلان اليوم عن تفعيل هذه القوة التى هي اصلا جزء من المشكلة وليس الحل" مؤكدا ان جميع افراد هذه القوة من "كتائب القسام وهي قوة حزبية ويراد اعطاؤها شرعية وغطاء لتصفية حسابات قديمه" في اشارة ضمنية الى العلاقات مع فتح والسلطة الفلسطينية. وكانت تشكيلات عسكرية منبثقة عن حركة فتح خصوصا كتائب "شهداء الاقصى" والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اعلنت عدم مشاركتها في القوة. واوضح صيام ان "القوة ستكون ضمن اطار الشرطة الفلسطينية لكنها تتبع لي مباشرة, وهذا ليس امرا جديدا وقد سبقني قبل ذلك وزراء داخلية وكان تحت امرتهم العديد من الاجهزة". وشارك مئات الفلسطينيين في تظاهرة نظمتها حركة فتح في مدينة غزة احتجاجا على تشكيل القوة. وسارت التظاهرة التي شارك فيها عدد من قياديي فتح في شوارع المدينة قبل ان تتمركز امام مقر المجلس التشريعي في غزة حيث رفعوا شعارات منها "لا للميليشيات السوداء" في اشارة الى القوة الخاصة التي شكلها وزير الداخلية. والاسبوع الماضي ادى التوتر بين فتح وحماس التي تقود الحكومة الفلسطينة, الى مواجهات مسلحة في قطاع غزة اسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى.