مشروع تهييئة المدخل الجنوبي للعاصمة ستنتهي اشغاله في اواخر شهر ديسمبر 2025    تونس تتلقى دعوة للمشاركة في قمة "استثمر في باوتشي" خلال شهر جويلية 2025    قضية التآمر 2: 21 متهما..هذه قائمة الموقوفين والمحلين بحالة فرار..    رسمي: ''الويفي'' مجّاني في هذه المطارات التونسية    تونس: أسعار ''علّوش'' العيد بين 800 و مليون و200 دينار    عاجل/ عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية..    مصر وقطر في بيان مشترك: "جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة"..    هدف فراتيسي يحسم تأهل إنتر لنهائي رابطة الأبطال بفوز مثير على برشلونة    بطولة الكويت : طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    باريس سان جيرمان وأرسنال..موعد المباراة والقنوات الناقلة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    يهم أولياء تلاميذ المدارس الابتدائية: تعرفوا على روزنامة الامتحانات المتبقية    قفصة: أفاعي سامة تهدد التونسيين في الصيف    يقطع الكهرباء ويجدول الديون.. القبض على شخص ينتحل صفة عون ستاغ..    سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية    نفوق الأبقار: فلاحو بنزرت يستغثون    تعليق الرحلات بمطار صنعاء عقب هجوم إسرائيلي    الإصابة تنهي موسم المهاجم الدولي إلياس سعد    المهدية: تحيّل باسم ''الستاغ'' وسلب أموال المواطنين    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    رسالة من البابا فرنسيس في مقابلة لم تنشر في حياته    باكستان تتهم الهند بشن هجوم على محطة الطاقة الكهرومائية    مصطفى عبد الكبير: لا زيادات جمركية على الواردات التونسية نحو ليبيا والحركة التجارية طبيعية    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    واشنطن تعلن تهريب خمسة معارضين فنزويليين من داخل كاراكاس    الترفيع في نسق نقل الفسفاط عبر السكك الحديدية بداية من جوان 2025    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    المهدية: اختتام مهرجان الوثائقي الجوّال في نسخته الرابعة: الفيلم المصري «راقودة» يفوز بالجائزة الأولى    في تعاون ثقافي قطري تونسي ... ماسح الأحذية» في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما    تنصيب الأعضاء بمباركة الوزارة...تعاونية الرياضيين مكسب كبير    ر م ع ديوان الحبوب: جاهزون للموسم الفلاحي    أخبار فلاحية.. أهم الاستعدادات لعيد الإضحى وتأمين أضاحي سليمة    أقر اجراءات استثنائية.. مجلس وزاري مضيق حول تحسين جودة قطاع النقل    البرلمان يصادق على قرض من البنك الإفريقي للتنمية قيمته 270 مليون دينار    كاس العالم للاندية 2025: مباراة فاصلة بين لوس انجلس ونادي امريكا لتعويض ليون المكسيكي    ديناميكية التحويلات: مساهمة حيوية للمغتربين في دعم الاقتصاد التونسي    زغوان: امتلاء سدود وبحيرات الجهة بنسبة تتجاوز 43 بالمائة    افتتاح مقر جديد بتونس للشركة السويسرية "روش فارما" بتونس وليبيا    مجموعة شعرية جديدة للشاعرة التونسية وداد الحبيب    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    ثورة في عالم الموضة: أول حقيبة يد مصنوعة من ''جلد ديناصور''    تظاهرة ثقافية في باجة احتفالا بشهر التراث    اختتام الدورة العاشرة لمهرجان "سيكا جاز"    قابس: وفاة شخصين وإصابة 8 آخرين في حادث مرور    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    انطلاق محاكمة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة 2"    هام/ تطوّرات الوضع الجوي خلال الأيام القادمة..    منزل بوزلفة: الاحتفاظ بتلميذ من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية    بعد نقصها وارتفاع أسعارها: بشرى سارة بخصوص مادة البطاطا..    الدورة الثامنة لتظاهرة 'الايام الرومانية بالجم - تيتدروس' يومي 10 و11 ماي بمدينة الجم    حملات أمنية على مروّجي المخدرات وحجز كميات متفاوتة من مخدّري القنب الهندي والكوكايين    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    سعيد: تونس تحملت الكثير من الأعباء ولا مجال ان تكون معبرا أو مقرّا للمهاجرين غير النّظاميّين    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ركن الرأي : د.أحمد القديدي : صانع التغيير هو صانع الوفاق

تحية خالصة من القلب للخطاب الأخير الذي ألقاه الرئيس زين العابدين بن علي يوم الاثنين 23/4 فهو خطاب أقنع الأغلبية من التونسيين بأن صانع التغيير هو الذي يكون صانع الوفاق.و عبارة الوفاق استعملها سيادة الرئيس نفسه حين تحدث عن شروط المناعة و الرفاه لبلادنا فقال حرفيا بأن في طليعة هذه الشروط توسيع مجالات الحوار والتشاور و الوفاق و ترسيخ قيم التسامح و الوسطية و الاعتدال والتصدي لكل مظاهر التعصب و التطرف و العنف. و أضاف الرئيس بأن الاهتمام بالشأن الوطني و المشاركة في صياغة مضامينه و أهدافه حق مشاع بين جميع التونسيين والتونسيات. و هنا لا بد من أن نشيد بهذه الروح الوطنية العالية التي تخللت كل فقرات هذا الخطاب بمناسبة يوم الجمعيات أي يوم المجتمع المدني، وهي معاني الحرص على الوفاق الوطني الذي نعتبره استكمالا لمسيرة التحول الواقع في تونس على يد الرئيس و الحزب الحاكم و بمشاركة طلائع المجتمع المدني الموقعة على الميثاق الوطني في السابع من نوفمبر 1987. و نحن حين نبارك كل ما جاء على لسان سيادة الرئيس في هذا الخطاب التاريخي فانما ندعو كل التونسيين الذين يعانون من محنة المنافي الى مد اليد ذراعا بعد أن مدها السيد الرئيس باعا، فالوفاق هو وفاقهم قبل كل شيء و لا شرط لانجازه سوى الانخراط في هذه القيم التي عددها السيد الرئيس، وهو أمر بديهي لأن كل التونسيين مهما تباعدت بينهم الشقة ينبذون العنف و يدينون التطرف و يطمحون الى المشاركة في الشأن العام في اطار الشرعية و احترام القانون و التخلص من التحزب الضيق لأن الوطن فوق الأحزاب. ثم ان رفض الوفاق لم يكن حكرا على المختلفين مع التوجهات الرسمية بل اننا مع الأسف نجده لدى أقلية متنفذة في بعض وسائل الاعلام أو هياكل الأحزاب و دواليب التربية و التعليم و الثقافة، تحت شعارات متنوعة و لكنها باطلة وهي تؤجل الوفاق لأسباب ايديولوجية أو مصلحية ضيقة لا تخدم البلاد. و بالعكس نسجل في عديد الأوساط الدستورية و الادارية و الاعلامية ما يشرفها من مواقف الاعتدال والتسامح و طي الصفحات القديمة، وهي القوى الخيرة التي تساند الرئيس بحق وتتجاوب مع رغبته الصادقة في اقرار الوفاق.
و لنكن صرحاء في هذا المناخ الايجابي من بوادر الوفاق ،فالقطيعة ظلت مستحكمة فقط بين شريحة واحدة من المجتمع و بين الدولة بجميع مكوناتها،وهي شريحة الراديكاليين، لأننا نعلم بأن الاختلافات موجودة بل و طبيعية بين الدولة و بعض أطياف المجتمع المدني الأخرى من يسارية و عروبية و حقوقية، لكنها لم تبلغ القطيعة و لم تصل الى غلق الباب و لم تدخلها مزايدات و لم تشبها مشاحنات. وهذه الشريحة التي نالها السجن و المنفى مهما ساد سوء التفاهم بينها و بين الاخرين تظل جزءا من تونس ويظل أبناؤها أبناء تونس، لكن المطلوب والضروري و المأمول هو أن تقوم هي نفسها بنقدها الذاتي و تهجر خطابها الراديكالي و المهدد و تتخلى عن عبارات الشتيمة و الحقد و تكفير الخصم و تجريم المختلف، و احتكار تمثيل الاسلام رسميا بتحريف الخلاف الطبيعي و المدني بين أبناء الأمة من خلاف بين التوجهات و الخيارات الى خلاف بين الحق و الباطل، وتحريف الاختلاف بين الصالح و الأصلح سياسيا و اقتصاديا الى اختلاف بين الحلال و الحرام، حتى نقترب من حل هذه المعضلة التي طال أمدها، لا في تونس وحدها بل في كل مجتمعات العالم الاسلامي بتفاصيل طفيفة، وحتى نفتح صفحة ناصعة تتميز بالوفاق الوطني الذي تحدث عنه السيد الرئيس. و قد لمسنا في حديث بعض الاخوة المقربين من السلطة على قناة المستقلة ليلة الجمعة 27/4 كلاما طيبا من المنطقي و الأخلاقي أن يكون الجواب عليه بالكلام الطيب. فالرفض القاطع الذي يميز الخطاب السائد لدى البعض ممن لا يوقع باسمه الصريح لن يحل أي اشكال ولن يجلب أي خير، في محيط اقليمي و دولي يدرك الجميع بأنه لا يتحرك حسب الأمال الطوباوية بل حسب نواميس المصالح العالمية، و بلادنا قدرها أنها تقع في ملتقى الحضارات الكبرى و تشكل حلقة من سلسلة متماسكة من المستحقات الجغراستراتيجية، وهو قدر لم ينشأ في العصر الحديث، بل واكب مسيرة الشعب التونسي منذ فجر تاريخه حتى قبل الفتح الاسلامي لبلاد شمال افريقيا. و لم تحد تونس يوما خلال القرون منذ قرطاج الفينيقية و القيروان الأغلبية و المهد ية الفاطمية و تونس الحفصية عن أداء رسالتها الخالدة في كونها جسر حضارات ومفترق طرق ثقافات و محطة اعتدال و حمالة وسطية في الدين والسياسة والفكر. و هذا هو سر ما نسميه بالعبقرية التونسية التي قدمت للعالم تباعا القديس أوغسطين مجدد التعاليم المسيحية و القادة الفاتحين عقبة و طارق وشعراء العربية المجددين الحصري و ابن شرف و ابن رشيق و حجة اللغة العربية ابن منظور صاحب لسان العرب و رائد استقلال القضاء الامام سحنون بن سعيد التنوخي و العلامة ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع و فلسفة التاريخ ثم كوكبة المصلحين أمثال الوزير خير الدين و ابن أبي الضياف وصولا بنفس العبقرية الى أبطال الاستقلال و من أخذ منهم المشعل الى اليوم. فكيف ينكر عاقل اليوم بأن تونس تعد من أفضل بلدان اقليمها المغاربي و محيطها العربي و اكثر المجتمعات تجانسا و أمنا و بأن مستوى الحياة ارتفع بالنسبة للمواطن على مدى العقدين الأخيرين بشكل يشرف كل من ساهم في هذا التطور الكبير. و هذا ييسر الوفاق الوطني لأنه يحمي تونس من المغامرة و يقيها من الفتنة. و أنا كمسلم أضعه في فقه مقاصد الشريعة لأن الدولة الحديثة في تونس حققت سعادة البشر و وفرت أرضية التميز و النجاح لكل المواطنين، و لا نتراجع عن هذا التقييم حين نؤيد دعاة الوفاق ايمانا بأن الوفاق الذي تحدث عنه السيد الرئيس هو المسار الطبيعي للأهداف النبيلة التي رسمها التحول لجميع التونسيين و التونسيات. و يبقى رجائي هو أن نجتمع على كلمة سواء و أن نلغي الحقد و البغضاء و أدعو الله سبحانه أن يجمعنا في يوم قريب للصلاة في جامع العابدين في قرطاج وهو المعلم العظيم الذي رفعه سيادة الرئيس أعلى و أشمخ من كاتدرائية القديس لويس التي انفردت بهضبة قرطاج منذ ألف سنة. و الله من وراء القصد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.