تحوّل حفل «ستار أكاديمي» الذي نظم ليلة أوّل أمس بمسرح الهواء الطلق بسيدي منصور بصفاقس إلى كارثة توفّي خلالها بعض الشباب وجرح العشرات. هذه المأساة انطلقت منذ عشية الحفل فقد توافد على طريق سيدي منصور عدد مهول من المتفرجين فاق الخيال تعطلت خلالها حركة المرور رغم الإجراءات الأمنية الصارمة ليجد أغلب الذين اقتطعوا تذاكرهم أنفسهم في التسلل إذ تمّ غلق أبواب المسرح في وجه حوالي سبعة آلاف متفرج فضلا عن الذين لازالوا أمام الشبابيك يقتطعون التذاكر التي تتراوح بين 12 و50 دينارا... لتنطفئ الأنوار ويطلّ أبناء الأكاديمية في حدود الساعة التاسعة الا ربع تقريبا على ركح المسرح بأغنية جماعية قبل أن تؤدّي نجمة الأكاديمية أغنية فلم يرحّب بها الجمهور.. ثم جاء دور مروى وتينا وسالي اللواتي ردّدن إحدى أغنيات نانسي عجرم وقد تفاعل معهنّ الجمهور الحاضر بشكل كبير ممّا ألهب مشاعر المراهقين والمراهقات الذين من فرط تفاعلهم تدافعوا بقوّة لحظة انفتاح باب المسرح خاصة بعد انطلاق الحفل وهم مازالوا خارج أسوار المسرح قرابة السبعة آلاف دون احتساب المتفرّجين داخل المسرح الذين ناهز عددهم عشرة آلاف متفرّج هذا ما جعل الجمهور يتدافع بقوّة ويصطدم بعضهم ببعض ليتهاووا من المدرّجات إلى الأماكن المخصّصة للكراسي والمحاذية للرّكح... هذا السّقوط الجماعي تسبّب في وفاة خمسة متفرّجين على عين المكان التحق بهم إثنان الأولى لفظت أنفاسها داخل سيارة الإسعاف والثانية فارقت الحياة في الصباح. وحسب ما رواه لنا بعض شهود العيان الذين كانوا ضمن المتفرجين أنّه إثر حصول المكروه تمّ إيقاف الحفل في الحين والإعلان عن تأجيله إلى موعد لاحق حينها هاج الجمهور العريض واستبدت به حالات هستيرية جنونية أعربوا من خلالها عن رفضهم لهذا القرار المفاجئ وحرمانهم من متابعة نجومهم الذين تواروا وراء الكواليس وقد أصيبوا بحالة ذهول ليختلط الحابل بالنابل، حينها كان أعوان الأمن منهمكين في نقل جثث الموتى والمصابين والتصدّي لبعض الشغب. وببلوغ الخبر المشؤوم إلى مسامع أهالي وذوي المتفرجين توافدوا إلى مسرح الواقعة وقد انتابتهم حالات من الفزع والهلع للاطمئنان على أبنائهم خاصة وأن عملية الاتصال بهم هاتفيا كانت معدومة... ربما بسبب غلق الهواتف أو بسبب انعدام «الرّيزو»... «الصباح» تحوّلت إلى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس الذي غصّ بأهالي وعائلات الضحايا والمصابين وغيرهم... وقد لاحظنا حركة غير عادية داخل أقسام المستشفى وتم تعزيز قسم الاستمرار بإطار طبّي وشبه طبّي. هذه الكارثة أسفرت عن وفاة سبعة مواطنين من بينهم 6 فتيات وهنّ: أمل المصفار، سهام بن زينة، ندى الجراية، فردوس القروي، هناء المسدي، نادية بن صالح. وطفل عمره 12 سنة هشام صدود تزامنت وفاته مع يوم عيد ميلاده الذي كانت هديته بالمناسبة تذكرة دخول حفل «ستار أكاديمي». وهكذا كانت نهاية التدافع من أجل «ستار أكاديمي» في نسخته الرّابعة وخلّفت الأسى واللوعة في قلوب جميع أهالي ومتساكني صفاقس الذين ارتسم الذهول على وجوههم غير مصدّقين لما حصل ومتسائلين عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الكارثة التي حلّت بعدد غير محدود من العائلات التي كانت تمنّي النفس بعودة فلذات أكبادها بكلّ نشاط وحيوية إلى اجتياز مختلف الامتحانات بعد أن كانوا قد قضوا أمسية رائقة وخالدة ولحظات انتشاء مع نجومهم المفضّلة. لكن حالت دونهم ومأساة ستبقى راسخة في أذهان كل من عاشها... والسؤال المطروح والذي يفرض نفسه في مثل هذه الحالات هو من المتسبّب في ذلك..؟؟ هل هو سوء التنظيم أم الجشع أم أسباب أخرى ستكشف عنها التحقيقات التي فتحت في الغرض... لا سيما وقد تمت مواراة جثامين الضحايا زوال يوم أمس في مواكب خاشعة حضرها عدد مهول من المواطنين المتعاطفين مع الضحايا...