الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    حركة النهضة تصدر بيان هام..    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه ثغرات المسرح الصيفي سيدي منصور صفاقس ...
بعيدا عن تحقيقات حادثة ستار أكاديمي: كتب صابر فريحة
نشر في الشعب يوم 16 - 06 - 2007

كشف لنا بعض المختصين عن وجود ثغرات فادحة تتصل بظروف السلامة والأمان بالمسرح الصيفي سيدي منصور صفاقس، وقد تكون بعض هذه الثغرات جزء من المسؤوليات الناجمة عنها حادثة التدافع الواقعة ليلة الاثنين 30 افريل 2007 بآثارها المأسوية ( 07 ضحايا وأكثر من 30 جريحا .. خلال حفل ستار أكاديمي4 ) ، وفي هذه الأثناء تنكبّ هيئة مهرجان صفاقس الدولي على الإعداد لبرمجة صائفة 2007 وسط توقعات وتخوفات من أن تلقي تلك الحادثة المروعة بظلالها على خيارات البرمجة والتنظيم إلى حد يتوقع معه بعض الملاحظين أن تكون الدورة الجديدة لمهرجان صفاقس الدولي بين الشكّ واليقين...
وفي غضون تلك التداعيات يستمر التحقيق العدلي الذي أذن بفتحه رئيس الدولة للكشف عن ظروف وملابسات الحادثة ولتحديد المسؤوليات لرفع كلّ الإلغاز الذي اكتنف تلك الفاجعة بما يخفّف من لوعة العائلات المنكوبة في ضحاياها ، وبما يطمئن الرأي العام في صفاقس خاصة وتونس عموما لعدم تكررها مستقبلا، باعتبار أن هذه الحادثة غير مسبوقة في بلد بلغ من السمعة في حسن التنظيم والتميّز في احتضان عديد الاحتفاليات والتظاهرات دون ثغرات أو مفاجآت ، ثم إن الشهرة التي حظيت بها ظاهرة ستار أكاديمي عربيا ودوليا جعلت العديد من أنصارها ومناوئيها في الداخل والخارج يتشوّقون لمعرفة حقيقة ما استجدّ خاصة بعد أن تناقلت خبر الحادثة القنوات العربية والدولية ووكالات الأنباء والمواقع الالكترونية وغيرها دون تفاصيل أحالت العديد إلى التأويل أو المزايدة أو التقليل أو التهويل ..ورفعا لهذه الملابسات وبعيدا عن نتائج الأبحاث العدلية والتحقيقات القضائية وما ستفرزه من تحديد مسؤوليات مدنية أو حتى جنائية ... حرصت «الشعب» على إنارة الرأي العام بجملة من الملاحظات وربّما النقائص والثغرات وبعض التوصيات التي قدمها لنا جمع من الخبراء في التنظيم الاحتفالي والتوضيب الركحي والإخراج المسرحي وتصميم وهندسة المساحات الفرجوية والاحتفالية .... وغيرهم ممن كشفوا أن المسرح الصيفي «الخليج» بسيدي منصور صفاقس تعتريه عديد المآخذ وثغرات السلامة ونقائص الأمان للعارضين والجماهير على حدّ السّواء .
مسرح الأحداث أم الحوادث؟
المسرح الصيفي بسيدي منصور صفاقس يعتبر من آخر الانجازات الثقافية والفضاءات التنشيطية الجماهيرية جهويا ووطنيا والتي تمّ إنشاؤها خلال العشرية الأخيرة وهو لا يقل قيمة عن مسرح الهواء الطلق ببنزرت او غيره من المسارح ...وقد جاء إنشاؤه ليسدّ ثغرة ونقيصة عانى منها منظمو التظاهرات والعروض الثقافية بمختلف أشكالها بصفاقس وفي مقدمة هؤلاء الهيئات التي تداولت الإشراف على مهرجان صفاقس الدولي والذي ظل يراوح مواقع وفضاءات متعددة من صائفة إلى أخرى فمن «القصبة» بالمدينة العتيقة الى المعهد الفني 9 افريل ومنه الى المستودع البلدي بالرائد البجاوي ثم ليشارك المهرجان الأندية الرياضية بصفاقس ملعب الطيب المهيري بعد أن تركن البطولة الوطنية إلى الراحة الصيفية وليحطّ الرحال أخيرا بفضاء المسرح الصيفي «الخليج» بسيدي منصور . مسرح للهواء الطلق ، كان ثمرة للزيارة الرئاسية إلى صفاقس في 14 افريل .1997 وتمّ الانجاز في قسطه الأول كما أعلن آنذاك ودخل طور الاستغلال قبل أن تتكامل أجزاؤه على ما هو عليه الآن والى حدّ حصول الحادثة الفاجعة ليلة 30 افريل 2007 . وبهذه المواصفات فان المسرح يبلغ في طاقة استيعابه القصوى 12 ألف متفرج أما الطاقة الاستيعابية المرخّص فيها أمنيا فلا تتجاوز 9100 أو أقل أو أكثر قليلا وهو فيما يبدو مالم يراع في الحفل الحادثة كما كشفت عن ذلك الزميلة «الصباح الأسبوعي»
نقائص بنيوية وثغرات تقنية بالجملة
يمكن تحديد أهم الثغرات اللاحقة بالمسرح سواء بالعودة إلى ا النموذج المصغر ا المودع ببهو ولاية صفاقس بمعية المشاريع الأخرى الكبرى التي تفاخر بها الجهة، أو من خلال المعاينة الميدانية لفضاءات المسرح ومكوناته، وما ينكشف من مآخذ وملاحظات وصعوبات لدى تنظيم مختلف التظاهرات الاحتفالية منذ دخول المسرح طور الاستغلال ، ويمكن إجمال النقائص ومخاطر السلامة في التالي :
1/ البوابات الخارجية = وهي المداخل الرئيسة للمسرح والمتمثلة في بوابتين اثنتين إحداهما للعموم (المفضية إلى المدارج) والثانية بمثابة البوابة الشرفية ولأصحاب الاشتراكات والضيوف وغيرهم وقد أثبتت التجارب عدم توفر ظروف الدخول والخروج السريع والآمن بسبب ضيقها من ناحية، وعدم كفايتها لهذه المهمة التنظيمية الرئيسية (الدخول / الخروج )، وهنا تجدر الإشارة الى أن النموذج المصغر لمشروع المسرح المتكامل والمكتمل تتضمن 3 بوّابات رئيسية وهو ما لم يراع فيما يبدو في الانجاز.
2/ البوابات الداخلية = المفضية الى المدارج ، والتي من المفترض أن تكون 3 بوابات ، ولكن في حقيقة الواقع والتجسيم لايتعامل المنظمون سوى مع اثنتين إحداهما مستوفاة وهي قيد الاستغلال، أما الثانية فهي غير مستغلة يتهدّدها الصدأ الذي يعلوها من جوانب مختلفة ، وأما البوابة الثالثة فهي لا تستوفي شروط البوابة فهي دون مدرج.
3/ مدخل المدارج = هذه المداخل المفضية مباشرة الى مدارج جلوس الجمهور تتضمن كل مواصفات الصدمة ، فالصاعد الى المدارج يفاجأ بوجوده مباشرة في المدارج عند الدخول، فهي لاتوحي أو تنبه الى نهايتها، بما أنه لاتتخللها إشارات ضوئية أو علامات أو حواجز أو غير ذلك ، وهو ما يتسبب في الاكتظاظ والاغتصاص في مدخل ضيق ، مما يترتب عنه التدافع.. وهذا الخلل البيّن لم تقع مراعاة مخاطره في كافة العروض السابقة على كثرتها ،ولم تبرز عواقبه الوخيمة إلا في أعقاب حادثة ستار أكاديمي 4 لذلك يوصي الخبراء في تنظيم القاعات والمساحات الفرجوية إما بترقيم التذاكر عبر البوابات على غرار الملاعب، أو خلال الاجتماعات الشعبية الكبرى في المناسبات الوطنية ، أو بتلوين هذه البطاقات عبر تصنيفات للمواقع عند الدخول / والالتحاق بالأماكن الشاغرة / والخروج/ وبما يمنع كل أشكال التجمهر المؤدي الى التدافع .
4/ الممرات خلال المدارج = هذه الممرات تأكد أنها ضيقة ولاتستوعب إلا فردا واحدا أو بالكاد ، وفي غالب الاحيان يتخذ الجمهور تلك الممرات مواقع لمتابعة العروض الفرجوية، مما يعيق عملية ملء البقاع الشاغرة. أما في حالات التدخل الأمني او الإسعاف او الإنقاذ فتكون هذه الممرات عائقا واضحا أمام سرعة تجسيم تلك العمليات لصعوبة التنقل فيها ويقترح في هذا الصدد النظر في إمكانيات توسيعها من ناحية ، ثم العمل على تحديدها بشكل يمنع استخدامها كمقاعد باعتماد الإشارات الضوئية) ضوء شاهد (lampes témoins حتى تكون بارزة للعيان وخاصة مسؤولي التنظيم المشرفين على المدارج ...
5/ الإضاءة والإنارة = افتقار المد ارج إلى أضواء توجيهية خافتة تحدد الأبعاد والمسافات (lampe aide ) وهذه التقنيات معتمدة في مختلف فضاءات العروض المفتوحة والمغلقة، وهي مواصفات تقنية دولية تشترطها مكاتب الدراسات والمراقبة للمشاريع .
6/ افتقاد المد ارج إلى مضخمات الصوت الأمنية المستخدمة في عمليات النداء لتوجيه الجمهور أو إطلاق نداءات الخطر والاستغاثة أو التدخل الأمني..، وهي مضخمات خاصة بجهاز الأمن والوقاية والإنقاذ بالمسرح ولا علاقة لها بالمضخمات المستخدمة في العروض الفرجوية ....
7/ افتقاد المد ارج إلى مقاعد بلاستيكية أو خشبية أو غيرها بما يمنع مظاهر العشوائية والتدافع والفوضى أو ربما عند الاقتضاء ترقيم المواقع أو تحديدها بالطلاء والدهن .... وهذه النقيصة ظلت على الدوام محلّ جدل عند تحقيق الطاقة الاستيعابية لكل تظاهرة بين الطرف الأمني والحماية المدنية والأطراف المنظمة أو الراعية للتظاهرات الاحتفالية.. وهي حقيقة تكشف عنها مختلف محاضر الجلسات المدونة بين المنظمتين والمشرفين بحيث تتراوح بين (8) آلاف مكان و9 آلاف ومائة إلى عشرة آلاف.. بحيث لم يستقر عدد الجمهور المحافظ عمليا على ظروف الأمن والسلامة إلى اليوم، فهل يخضع ذلك التحديد لكيمياء المزاج والحال أم لمنطق العقل والحاجة والضرورة؟
8/ الميدان ماقبل الركح = هي تلك الساحة المتاخمة للركح وهي فضاء فاصل بين الركح والمدارج الجماهيرية ، وتخضع هذه المواضعة الهندسية لمواصفات المسارح الإغريقية القديمة ، هي تستخدم لأغراض مختلفة بغرض الفصل بين الجمهور والعرض من جهة ، وهي فضاء أمني جماعي و مساحة للتصرف والتدخل خلال المفاجآت والمستجدات الحاصلة أثناء العروض من جهة أخرى ، لكنها ليست جناحا شرفيا كما تستخدم اليوم.. ، وهي وإن استخدمت اليوم لغرض إيواء ضيوف الشرف والصحفيين وأصحاب الاشتراكات الشرفية وغيرهم فان ذلك اضطرار لا غبار عليه نظيرا لافتقارالمد ارج لأجنحة شرفية ( loges ). على أنه من الناحية الفنية والتقنية الصرف ، فان هذا الفضاء يمثل فسحة لكسر العوائق أمام انتقال الصوت بالنقاوة المرجوة في العروض الفرجوية، فضلا عن إزاحة كل الموانع أمام المشاهد عند تلك العروض ، لذلك يعدّ شحن هذا المجال بالكراسي وبفئة من الجمهور عائقا أمام حسن العرض فضلا عما يمثله من إشكالات السلامة والأمن ، بحيث قد تمثل مساحة للتدافع حين لجوء البعض إلى استخدمها للرقص والتعبير عن التفاعل مع بعض تلك العروض وقوفا، مما يضطر البعض الآخر من خلفه إلى الوقوف أيضا وهكذا دواليك . علاوة على أن المقاعد الشرفية متحركة وغير ثابتة بحيث يتصرف فيها البعض وفق أهوائهم وأنانيتهم الضيقة .كل هذا دون نسيان أن هذا الفضاء في جانب منه كان مساحة للتدافع خلال حفل «نجوم ستاراك4»..
9/ غرفة التحكم في الاضاءة والصوت = ( régie de son et de lumière) هذه التقنيات الركحية ضرورية لكل الفضاءات الفرجوية والمسارح ويفترض أن تكون هذه الغرفة مستقلة بتجهيزاتها وإطارها البشري عن الركح وعن المدارج بحيث تحتجب عن أنظار الجمهور والمشاهد ، أما في مسرح سيدي منصور فان هذه الغرفة في حكم الغرفة الافتراضية ، وباتت اليوم جزء من العروض الركحية، إذ لطالما عمّرت أحد جوانب الركح يمنة أو يسرة أو أسفل منه .... بحيث يشكل الفريق التقني الاضائي والصوتي وتجهيزاته عائقا أمام جانبمن الجمهور علاوة عن إخلال هذا المظهر بجمالية العرض ومقتضياته .. لكن ماخفي أخطر ، إذ أن التجهيزات التقنية ووصلاتها الكهربائية تستخدم طاقة كهربائية ذات طاقة عالية وضغط متوسط وكثيرا ما تركت الكوابل والأسلاك الكهربائية مكشوفة وملقاة تحت أرجل العابرين إلى المقهى / المشرب ودورات المياه.. ولئن لم تحدث فواجع حتى الآن فلماذا نتركها حتى تقع. والحل المفترض والواجب توفره أو إحداثه هو إنشاء غرفة تقنية خاصة مستقلة وتستبعد المخاطر المحدقة بالجمهور، وذلك بإقامة مسالك كهربائية معزولة أو تحت أرضية .... علاوة على أن مثل هذا الإحداث سيساهم فنيا في اقدار الفريق الهندسي للصوت والإضاءة على حسن إدارة العرض وفق مقتضياته الفنية والإخراجية ...
10/ الركح = يعتبر الركح الفضاء المقدس للعارضين والفنانين والمبدعين.. سواء ماقبل العرض (الكواليس) أو أثناء العرض وهو ما يتطلب حمايته من كل أشكال الاجتياح أو التطرق إليه سواء من الجمهور أو الصحفيين.. ودون مقدمات مما يشوش على المبدع ويعيق عمله أو تركيزه بحيث ينقلب العرض إلى فوضى مفتوحة على غرار سائر الحفلات المنظمة بمسرح سيدي منصور، والاستثناءات قليلةفي هذا الصدد و لا يمكن استثناء عرض ستار اكاديمي من تلك الفوضى غير البناءة فركح مسرح سيدي منصور غير محمي كليا، لا من الجمهور باعتبار انفتاحه مباشرة على المتابعين والمشاهدين خاصة الشرفيين المتاخمين للركح ...و دون إغفال حالات التسلل إلى ردهات الركح ومحاولات التماس والاحتكاك بين الجمهور والعارضين.. وهذا لا يقي من التصرفات غير المسؤولة وحالات الاندفاع والتصرفات الهستيرية.. والجميع يذكر ما نجم عن مجرد تصريح تلك «النجمة» الأكاديمية وعلى نحو استفزازي «أحبكم ياصفاقسية» والتي أعقبها تفاعل مهتاج وسلوك محموم انجرّ عنه التدافع المشؤوم.
وعموما ورغم أهمية الفضاء الفاصل بين الركح والمدارج فإن هذه المساحة تبدو مفرطة في الاتساع في مسرح الحادثة بحيث كان عائقا إمام حسن المشاهدة والمتابعة الممتعة، بما قد ينجم عنه التدافع نحو المواقع الأمامية الأقرب إلى الركح.. وهنا يقترح تجهيز ذلك الفضاء برواق أو ممشى(piste) يستخدم في العروض الغنائية أو عروض الأزياء وغيرها بما لا يعزل الفنان عن الجمهور كليا أو يحوله إلى كائن فوق العادة وهذه التقنية معتمدة في عديد المسارح العالمية وما مسرح قرطاج عنا ببعيد ..
11/ أبواب النجدة = هما في الحقيقة بوابتان مفتوحتان على ساحة ما قبل الركح ويفترض أن تكون سريعة الفتح وانسيابية أو مفتوحة كليا بحيث تصبح افتراضية ، لكن في مسرح الأحداث بسيدي منصور ما يلفت الانتباه صعوبة فتح وإغلاق هاتين البوابتين باعتبارهما من الحجم الثقيل، فضلا عن كونهما مستخدمتان في غير الغرض الذي أنشئت من أجله وهو (النجدة) بل في الواقع تستخدم احدهما في عمليات الخروج عند نهاية العروض، أما الثانية فهي ذات استخدامات فنية لإدخال المعدات الركحية والتزويد وغيرها من الأغراض الأخرى وهي مزودة بباب فرعي لدخول وخروج الفنانين والعارضين ومرافقيهم والتجهيز ... ثم بوابات أخرى وأخرى يُرى فيها حواجز ومعوقات تحول المسرح وردهاته الخلفية إلى فضاءات شبيهة بالمحتشدات والأقفاص العازلة والمتاهات ..وهو ما يتنافى مع الحاجة التي وضعت لها تلك البوابات كمنافذ للنجدة حيث تؤكد الخبرات انه في حال الفزع والفرار من أي خطر داهم أو توجس لخطر ما ، يلجأ الجمهور عادة إلى الاندفاع صوب الاتجاه المعاكس لاتجاه دخوله، أي أن عمليات الهروب فطريا لا تكون من المدخل الذي ولج منه ،وهو ما كشفت عنه ايضا حادثة التدافع بحيث لم يجد الجمهور المتدافع ورغم إحساسه بالخطر إلا مزيد الاندفاع والتدافع، والحادثة تؤكد ذلك ونظرا لعدم وجود مخارج ومنافذ ظاهرة أو لافتات تدل على النجدة ، فتراكمت الأجساد فوق الأجساد.. في ظل عدم تنبه المنظمين ومسؤولي السلامة إلى ضرورة فتح بوابة النجدة و في ظل التزاحم عليها كمداخل لا كمنافذ ...
بئر معطلة وقصر مشيد ...
هذه الثغرات والنقائص إجمالا وغيرها كثير، ترسخ عقلية التضحية بالجمهور بعد استفراغ جيوبه وابتزازه بواجهات دعائية إغرائية ومغالطات نفسية ليندفع إلى مغامرة غير محسوبة العواقب على نحو ما هو واقع في الحفلات الشبابية وكما فصلناه في مقالنا « ستار اكاديمي بصفاقس : ومن الحب ما قتل ... حادثة تدافع أم اندفاعية شباب؟» لكن تؤكد الخبرات أن نماذج المسارح المغلقة مثلا تجهيزها بستائر معدنية عازلة كليا تسدل آليا-أوتوماتيكيا- وتستخدم عند الكوارث (كالحرائق) بحيث تعزل الركح عن الجمهور، مانعة كل تهديد له، مع التضحية عند الضرورة بمن هم في الركح من عارضين أو مبدعين وهذا من نبل رسالة الفن وذلك وفق القاعدة القانونية والأخلاقية «يقدم الضرر الخاص على الضرر العام» وهو مالم يتجسم خلال حادثة ستار أكاديمي صفاقس حيث انفضّ النجوم الأبطال عن المسرح واحتجبوا عن الأنظار ونأوا بأنفسهم عن كل مسؤولية ، ولم يعقدوا حتى مجرد ندوة صحفية ليعتذروا بطريقتهم عمّا استجدّ ، أو ليتحملوا جزءا من المسؤولية عما وقع، أو حتى لمجرد التأسف ، بل ليفكر كل عبر أنانيته عن تأثير تلك الحادثة على مستقبله الفني المزعوم والمفتتح بفاجعة إنسانية...
مسرح الهواء الطلق بسيدي منصور بصفاقس بهذه المواصفات تعتريه عديد النقائص قد يبررها التلهف إلى المباهاة بهذا الانجاز الفاخر وغير المكتمل ،و الذي من المفروض أن تغبط عليه الجهة، لا أن يكون بواقع الصدفة والجزاف مسرحا لتجربة بيضاء أو سوداء في سوء التنظيم أو التضحية بالجمهور عبر عروض تجارية تكسبية رخيصة بدعوى أنها شبابية ..
فمن الناحية البنيوية الصرف، فان المسرح لم يرتق في تنفيذ المسؤولين عنه والمشرفين على انجازه إلى مستوى المشاريع الرئاسية الرائدة ،ولا حتى في عملية المتابعة والمراقبة القانونية لشركات الدراسات والمراقبة الفنية والهندسية التي تسند ملاحظاتها حول سلامة المنشآت والمشاريع ..ولا سيما تلك التي تتصل بممتلكات عامة ومرافق عمومية ذات استخدامات جماعية ..أو حرصا على شفافية الصفقات والإنفاق العام في المصالح والمنافع العامة لا غير ودونما أضرار أو نواقص أو أخطار جلية واضحة أو عيوب خفية قد تكشف عنها التجارب والاستخدامات التاريخية والحادثة الكارثة دليل أسوأ على ما نقول
وفي هذا الصدد ومن باب المسؤولية المواطنية ، نرى من اللزام إضافة إلى ما ذكر ، التنويه إلى ضرورة التعجيل بطمس ما تحت المدارج الدائرية المتضمنة لأساسات المسرح الذي لم تكتمل استدارته المبشر بها ، وذلك باعتبار تحول تلك الفجوات شتاء إلى ملاذ للخلوات المشبوهة في غياب الحراسة والرقابة، علاوة عن إمكانيات استخدامها تخريبيا او إرهابياب لاسمح الله ا ونتساءل مع ذلك عما أشيع في بدايات تدشين هذا المعلم عن إمكانية تمكين الجمعيات الثقافية والمسرحية من مقرات لأنشطتها ..وذلك بعد إعادة تهيئتها وتسويغها وتجهيزها لمثل لتلك الاستخدامات، بما يمكن تلك الجمعيات المسرحية-التي تضاءل دورها عدة و عددا - خاصة من استغلال فضاءات المسرح ولو جزئيا في التمرين والبروفات وهو أفضل من أن يطال ذلك المنجز الإهمال ويلفه النسيان شتاء في غياب أشغال الصيانة والتعهد الدوري ...
وعن المظهر الخارجي لذلك المبنى ومكوناته فحدث ولا حرج ، فبعد الإشادة بعمليات التشجير الاولية وان بتأخير -قبل سنة أو سنتين -فان محيطه يحتاج إلى مزيد التجميل ومزيد العناية بمداخله وتوسيعها وإضاءتها ليلا، وتهيئة محطات الإيواء ، وتحديد مداخلها ومخارجها التي طالما تسببت في اختناق حركة النقل خلال العروض الجماهيرية ،سواء لدى الالتحاق بالمسرح أو عند مغادرته ، فضلا عن ضرورة تكثيف الرقابة والحراسة ..كل هذا حتى لا يبقى المسرح الصيفي فضاء للحراك الثقافي على المدار السنة لا صيفا فقط ، وحتى لا يبقى معلما معزولا عن محيطه، خاصة مع واجهته البحرية المميزة ، فضلا عن أنه وعلى المدى المأمول قد يصبح جزءا من مشروع رئاسي آخر طالما تشوق له الصفاقسية ونقصد به مشروع تبرورة لإعادة تأهيل وتطهير وتهيئة الضفاف الشمالية لسواحل مدينة صفاقس ، والذي استبشر مواطنو صفاقس كثيرا لانطلاق مراحله التنفيذية خلال السنة المنقضية .. ومن المحير أيضا في هذا السياق أن يقع إنشاء ممر مائي ترابي بدائي استحدث منذ سنتين تقريبا بمحيط المسرح تحديدا في المساحة الفاصلة بين المسرح والمعهد الثانوي «الخليج»، وهو مظهر شوه جمالية الموقع بحيث يبدو كالوادي الذي يخترق المسرح.. فهل معنى ذلك أن المسرح أقيم على مجرى وادي قديم وهو مالم يتفطن له المهندسون عند عمليات المسح الطوبوغرافي أم ماذا..؟ أخطاء وثغرات ونقائص قد تبدو بدائية أو ناجمة عن إهمال وتغافل أو انعدام مسؤولية أو عدم الإحساس الجمالي ، في فضاء فني جمالي يستأمن فيه قاصدوه أنفسهم على ذمة الفرح لا الكوارث والفواجع ، مسرح للأحداث الفنية لا للحوادث والمفاجآت غير السارة...
المهرجان في فخ التسلل
في تلك الغضون تعكف هيئة مهرجان صفاقس الدولي على إعداد مشروع برنامجها لصائفة 2007 الذي يصعب عليه فيما يبدو لنا التفلت من آثار حفل ستار اكاديمي وتأثيراته على الخبرات البرمجية لتلك الهيئة،و وسط توقعات الخوف في سلوك الجمهور الصفا قسي غير المأمون، وكثير التردد.. فمثلا إلى قبيل بداية عرض ستار اكاديمي كانت عمليات بيع التذاكر منقوصة والإقبال ضعيفا إلى حدود يوم.. وساعتين.. قبل العرض ، ثم ليتجلى سلوك اللهفة والمضاربة والسوق السوداء ...
هيئة محمد عباس مندوب الصناعات التقليدية ومدير مهرجان صفاقس الدولي ، لا فكاك لها عن تأثيرات الحادثة من جهة، وضعف موازنتها المالية المحدودة والعاجزة أصلا من جهة أخرى ، مهرجان ظل على الدوام متخصصا في استقبال العدول المنفذين لفض النزاعات والخلافات القائمة مع العارضين والفنانين المطالبين بمستحقاتهم ،أولإخلال هؤلاء من جهتهم بمقتضيات العقود وعدم احترامهم للجماهير المتوافدة وغير ذلك كثير ....
ما تسرب إلينا أن الهيئة المتكونة من 40 عضوا مساعدا للسيد عباس ، تتجه نيتها إلى عرض افتتاحي تونسي وهو خيار محمود درجت على تقليده .ولئن لم تتحدد الخيارات النهائية فإن مجموعة الأربعين باتت تفاضل بين أن يحيي حفل الافتتاح إما النجم العربي المتألق صابر الرباعي أو النجمة الصاعدة أماني السويسي (وهما من أبناء الجهة) . مع تردد واضح من هذين النجمين في القبول: فصابر ورغم مهاراته المتفوقة وإشعاعه العربي أو حتى العالمي غير المشكوك فيه ، فإن نكساته في صفاقس- و التي لا صلة له بها - لا تخفى ولا تنسى، كما أن المغامرة في تنظيم حفل لمطرب صفاقس بل وتونس الأول، و مباشرة بعد الحادثة، وفي مسرح تنبعث منه رائحة الموت، وقبل الكشف عن نتائج الأبحاث والتحقيق.. يعدّ مجازفة منه ومن المغامرين به ، ولا تسلم أماني السويسي التي أطلقت لتوّها ألبومها الغناني الأول والذي صادف تلك الحادثة المروعة.. وهذا يهدد خطواتها الأولى في مسار الفن الصحيح و بعيدا عن الأكاديمية، خاصة وأن قرينة الانتساب إلى ظاهرة ستار أكاديمي ستحيل حتما الذاكرة إلى ذلك الحفل المشؤوم ...كل هذا رغم إثبات أماني أنها نجم غنائي متميز بشهادة الرحابنة .
إصرار هيئة محمد عباس على نجوم ستار أكاديمي لا مبرر له ، خاصة وهي تسعى إلى استغلال القضية العدلية بين الستار احمد الشريف ومتعهد حفلاته، وذلك باقتناء العرض من الشركة اللبنانية الراعية لاحمد الشريف مباشرة ودون وساطة المتعهد .
أما العروض الموازية والمدعومة وخاصة المسرحية منها ، فحسب ما رشّح إلينا من أخبار ،هي عروض لفرقة بلدية تونس بقيادة عبد العزيز المحرزي وتمثيل سفيان الشعري وزملائه ، وربما عمل مسرحي جديد للفنان لمين النهدي ، و قد يكون هذا العمل غير جاهز لموسم المهرجانات الصيفية.
البرمجة الدولية وعلى حد ما انتهى إلينا تتضمن فضل شاكر وربما شيرين وأسماء أخرى تبقى معلّقة بميزانية المهرجان، وموافقة وزارة الإشراف. فحسب التقديرات تناهز كلفة مقتنيات العروض ماقدره 240 الف دينار) وتقدر الخسائر المتوقعة 140 الف دينار)، وهذا سلوك اعتدنا تداوله رغم غرابته من تظاهرات جماهيرية تجارية وأحيانا فنية تعلن خسائرها مسبقا ...بدعوى أنها مدعومة من الدولة ، أو أنها تتوارث ديونها من الهيئات السابقة ، أو أن الحظ لم يحالفها أو البرمجة غير مواتية أو إعراض الجمهور في موسم الشواطئ عن العروض وغيرها من التعلات ...
تحديات كبيرة تنتصب للسيد محمد عباس ومجموعة الأربعين المهرجانية، سواء من جهة المرحلة الدقيقة التي تنتظم فيها الدورة في أعقاب حادثة ستار اكاديمي 4 ، أوفي ظل إصرارها على خريجي هذه الأكاديمية ، حتى وان كان المبرر دعم أبناء الجهة- رغم القيمة الفنية لاماني و احمد-. ثم لا يغيب عن تلك الهيئة أيضا ضعف الموارد المالية وغياب الدعم للتظاهرات الثقافية المماثلة في ظل التقاعس والإحجام عن العمل التطوعي والتلقائي الذي عجز الجميع في صفاقس عن تفسيره أو تبريره.. كما لا يمكن إغفال بحال من الأحوال تأثيرات تلك الحادثة الذي يجب أن يقطع المبرمجون مع كل ما يحيل الذاكرة إليها برمجة وفضاءات وأسماء ...
وان لم يكن الإلغاء خيارا- ونحن لا نفضل ذلك - إلا لضرورة حفظ الأنفس والأبدان وسلامة رأس المال البشري ، فإن خيار تغيير الفضاء وانتقال العروض ظرفيا ومبدئيا إلى ملعب الطيب المهيري يجد مبرراته القوية ريثما يقع تلافي النقائص والمخاطر والثغرات بمسؤولية وحزم وتضحية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.