كلمة حقوق الإنسان تهز المشاعر وتحي في النفوس نخوة المواطنة والحقوق التي يكتسبها الإنسان في وطنه أواصل الحديث حول حقوق الإنسان، على إثر انتخاب بلادي ضمن مجموعة الدول الراعية لحقوق الإنسان مؤخرا وقلت في مقالي الأول أن هذا مكسب هام ورافد مهم لدعم الحقوق التي لخصتها في النقاط العشرة. واليوم أريد التعمق في ذكر بعض الحقوق الأساسية منها حق الإعلام وحرية التعبير ودور الصحفي أو الكاتب والمواطن المساهم في هذا المجال الهام الذي اعتبره من أهم العناصر التي تتطلب عديد المقالات حتى نعطي حق حرية الرأي وحق الإعلام الحر ما يستحق من العناية والاهتمام والتركيز. لماذا.. لأن دور الإعلام في بلادنا ما زال دون المطلوب ودون الغايات المنشودة وطموحات المواطن الذي ينشد أعلاما حرا نزيها محايدا يبين الحقائق دون تجميل ومدح وتكرارا للمدح. أن الإعلام رسالة وطنية سامية ومهمة أخلاقية عالية ومسؤولية وطنية كبرى وخطيرة للغاية سوف نحاسب عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون. صدق الله العظيم. وفي اعتقادي أن الإعلام في بلادنا متعثرا ويخطو بخطوات بطيئة للغاية وإذا قرناه مع الإعلام الخارجي الغربي أو الشرقي نجد أنفسنا مازلنا في بداية الطريق وكأن في عهد الاستقلال عام 1956. بينما العالم يتطور من حولنا عربيا وإسلاميا ودوليا، ووسائل الإعلام شرقا وغربا تطورت على الأقل بنسب متفاوتة.. ونحن في تونس مازلنا نردد المدح والبرقيات والولاء والتأييد والشكر والتنويه وذكر الإيجابي في اليوم ألف مرة سواء في تلفزتنا الوطنية أو إذاعتنا العريقة. أما صحفنا المكتوبة فحدث ولا حرج ما تسمعه اليوم تقرأه غدا وبعد الغد والأسبوع القادم والعام القادم.. هناك بعض الصحفيين الأحرار الوطنيين الذين تربوا في مناخ سليم وفكرمتحرر حاولوا الكتابة بحرية طبعا في نطاق الحدود الحمراء والخطوط الحمراء. ولكن كتابتهم لم تعجب بعضهم، وكان مصيرهم التهميش والإقصاء أو الثلاجة نعم الثلاجة ولا تخفى هذه الكلمة على أصحاب الأقلام الحرة. وقد عرفت أحدهم منذ يوم 17 ماي 1977 حوالي 29 سنة مضت وفي مثل هذا اليوم 17 ماي 1977 وكان صحفي بجريدة العمل شاب يتقد حماسا وشمعة تضيء على الآخرين نظيفا وملتزما وعاشرته من قرب وكان آنذاك كاتبا عاما لمكتب الشباب الدستوري بصحافة الحزب وكنت في تلك الفترة رئيسا لشعبة الصحافة الحزبية. وواكبت نشاط هذا الشاب المتحمس الذي أحمل عليه انطباعات طيبة للغاية. وقد انتقل إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية وزاد تألقا ونجاحا ولكن كان مصيره مع بعض المسؤولين التهمشين وهو من الأقلام الهادفة والأصوات الصادقة والغيورة على الوطن. وهناك شاب آخر متخرج من المعهد الأعلى للصحافة عام 1977 واكب العمل الصحفي لمدة 29 عاما وهو من الأقلام الممتازة ولم يغادر الصحيفة إلى اليوم رغم أنه تعرض إلى عدة ضغوط ومضيقات خاصة في الأعوام الأخيرة وهو من الوجوه المناضلة والملتزمة وقدم الكثير للوطن، ولكن هو الآن في حالة إحباط وربما منذ 6 أشهر متوقف عن العمل والغريب والعجيب أن خصوم الأمس هم الآمرين اليوم في هذه الصحيفة الملتزمة... وكذلك رئيس تحرير آخر في نفس الجريدة يمتاز بالرصانة والتعقل والوفاء والهدوء، لكن لا يركع إلا لله وحده هو الآخر مجمد ومصيره مصير الأول الجلاصي: ثم باشا وأعرف شاب آخر ذكي مجاز عمل بصحيفة ناطقة بالفرنسية والده كان معتمدا من الوطن القبلي. كبت كبتا شديدا وأصبح في الصحيفة يترجم البرقيات فقط فأحبطت عزائمه وأنهارت مواهبه وحار عقله وقلبه فقرر مغادرة الدار والبلاد وهو اليوم محرر ممتاز في قناة الجزيرة واسمه باسم وقد ابتسم له الحظ والحمد لله مبدل الأحوال وحدث ولا حرج في عديد الأوضاع والوضعيات مع أخونا خالد الطبربي وغيره... ولا أريد مزيد ذكر الأسماء والحالات واكتفى بذكر الحالات الخمسة. الحباشي، والجلاصي، وباشا والطبربي وبسام بونيني: ولا أريد ذكر اسم الصحفي بمجلة حقائق... هذه عينات قليلة من بحر زاخر بالأسماء .... أما المساهمين الأحرار دون أن تكون لهم مطامع أو منح فإنهم مصنفون عند الصحافة إلى صنفين صنف يكتب يوميا إذا أراد مدحا ومواكبة للأحداث، وصنف محروم من الكتابة والتعبير منذ أعوام والصحف عندها تعليمات بعدم النشر لأمثالي على الأقل في 6 صحف لم تنشر لي منذ أعوام ومجلة حقائق...: لماذا لأن كتاباتي لم ترق لهم وهي من النوع الجري والشجاع والصادق، وهناك تعليمات حتى أن أحدهم صارحني والآخر قالها بذكاء. والثالث بالتلميح والرابع بصد الأبواب والخامس قال خبزة الأولاد يا هاني. هذه صحافتنا اليوم وهذه حرية الصحافة ومفهومها.. أما في خطنا مادحا منوها شاكرا أو أنت مغضوب عليك إلى حين.. ولكن يا سادة يا أصحاب المدح يا أصحاب الإعلام الحر والمنافع الهامة.. اتقوا الله فحرية التعبير هي جزء من حقوق الإنسان وما دمتم تذكرون هذه الأيام بترشح تونس لمنصب عضوا قارا بمجلس حقوق الإنسان الأممي.. فبادروا بفتح ملف الإعلام فهو بحق جزء هام من حقوق الإنسان.. بادروا بفتح ملف التلفزة الوطنية واجعلوا الملفات مفتوحة للجميع.. اجعلوا ملف المحاماة الأخير أن يشارك فيه كل الأطراف.. نسمع هذا ونسمع الطرف الآخر ثم بعد ذلك نحكم.. أما أن يكون ملف فيه طرف واحد فهذا ملف يسمى "الطير يغني وجناحه يرد عليه".. أفتحوا ملف الصحافة المكتوبة لدعم حقوق الإنسان والتعبير فحرية التعبير هي من حقوق الإنسان الأساسية... افتحوا مجال التنافس النزيه لبعث قنوات حرة وإذاعات جديدة للخواص فتلك من حرية حقوق الإنسان... ارفعوا القيود على الانترنات ولا تخافوا من كلمة الحق فالقوي بالحق لا يخشى كلمة الحق ولا يخاف من الكلمة.. أعطوا مجالا واسعا لحرية التعبير يرحمكم الله ويرحمكم الرحمان.. توسموا الخير في أبناء الوطن يحفظكم الحفيظ.. أرفعوا أقلامكم على الأحرار يكرمكم الكريم.. ابتعدوا عن السبب والشتم والثلب فهم وسائل يستعملها ضعاف الحجة والبرهان.. وهذا هو البرهان.. خففوا من إثارة الأحقاد وبث الفتنى، يجنبكم الله الفتنى.. كفوا من مس الآخرين وخافوا يوما لا ريب فيه.. يوم الحاقة والقارعة والطامة اتقوا الله في حقوق الإنسان فالإعلام هو من حقوق الإنسان الأساسية وأحسنوا الظن بأبناء الوطن فالمواطنة ليست حكرا على طائفة دون أخرى... راعوا حقوق غيركم في التعبير وليس لهم ناقة ولا بعير.. كونوا أوفياء وكولوا من القصعة ما طاب لكم من لحم الخرفان ولا تهاجموا غيركم وكل إناء بما فيه يرشح... لا تسبوا غيركم ولا تلعنوا.. فأقلام أخرى يأتي دورها وتلعن أو تصحح ولنا في تاريخنا عديد العبر.... والدروس... وبالأمس كانوا جماعة في صحيفة المستقبل والرأي فرسان معارضون يكتبون ما يشاؤون وخدشوا وتطاولوا على الأشخاص والحزب والنظام والزعماء، ومنهم من كان يبعث ب12 حربوشة في المقال واليوم أصبحوا مسؤولين ومنهم من تحمل المسؤولية الأولى في صحيفة حزبية هامة.. كان في السابق يهاجم خطها ومنهجها وبالتالي حزبها وسبحان الله ما بدل الأحوال سبحان الله مبدل الأحوال.. استخلاص العبرة واجب يجب استخلاص كل العبر والدروس حتى نفهم أن ما يحمله الغد لا يعلمه إلا الله. كما أن الأمس لم نعلم أسراره وما يحمله اليوم. هذه بعض المعاني أذكرها للتاريخ حتى لا نجري وراء السب والشتم لمن يريد التعبير وهو جزء من حقوق الإنسان يا سادة الكرام. وأدركوا أن مفهومكم يجب أن يتطور مع الأحداث ويجب على العقليات أن تتحرر مع الزمان والأحداث وإلا عمت الكارثة يوم الفزع الأكبر. ويومها لا تنفع الأقلام ولا المدح ولا المطابع والدينار والعقار والجاه والثمار والسيارات الفخمة وأعلموا أن الله علام الغيوب لا تخفاه خافية قال الله تعالي: "إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور". صدق الله العظيم. وللحديث بقية إذا كان في عمري عشية. ملاحظة: لو كتب الله لمحمد الحباشي ولمحسن الجلاصي أن يتحملا المسؤولية في أعلى هرم الإذاعة والتلفزة وصحافة التجمع لا يردان الفعل ولا يتشفيان من أحد باذن الله وللحديث بقية. أقتصر على ذكر موضوع الاعلام و الحلقة القادمة حول حق الشغل.