قال الرئيس المصري حسني مبارك إن منطقة الشرق الأوسط يناسبها إصلاح داخلي «من فوق أرضها يتبنى نهجاً حكيماً متدرجاً يضمن استمراره»، محذراً من «طفرات متسرعة تتعجل نتائجها، فتؤدي به (الإصلاح) إلى الفوضى وانتكاس مسيرته». وفُسّر كلامه بأنه انتقاد مبطن للسياسة الأميركية في المنطقة. واعتبر مبارك لدى افتتاحه أعمال «المنتدى الاقتصادي العالمي» في شرم الشيخ، أمس، أن «الإصلاح والتطوير والتحديث ليست أهدافاً في حد ذاته، ولكنها السبيل إلى تحقيق غاية أسمى هي أن نواصل وضع الفرد والمواطن على رأس أولوياتنا، وطموحات الأجيال الجديدة في صدارة سياساتنا وبرامجنا». وافتتح الرئيس المصري أعمال منتدى «دافوس» في حضور أكثر من 1200 من زعماء الدول ورؤساء الحكومات ورجال الأعمال. وشدد على أن الوصول إلى الإصلاح يكون عبر «إطلاق طاقات مجتمعاتنا في كل المجالات، واحترام حقوق الإنسان والدستور والقانون، وليس بالخروج عنهما والجنوح للفوضى، والعمل خارج إطار الشرعية». وأشار إلى أن بلاده «لاعتبارات عدة هي الأدرى بظروف منطقتها التي حققت خلال السنوات القليلة الماضية إنجازات عدة، طالت مختلف محاور الإصلاح». وأكد أنه «لا يزال أمام المنطقة طريق طويلة لمواصلة بناء ديموقراطياتها وتطوير وتحديث مجتمعاتها وتحقيق التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية». ودعا إلى «الاعتراف بأن رياح التغيير في الشرق الأوسط لن تكتمل نتائجها، من دون مواجهة ما يزخر به من بؤر للتوتر، مثل توقف عملية السلام، والوضع في العراق، والجدل الدائر حول برنامج إيران النووي، والوضع في دارفور، والاحتقان بين الجارتين سورية ولبنان». وانتقد «بعض الذين اعتقدوا أن الدفع بقضايا الإصلاح في المنطقة، قادر في حد ذاته على فرض حل واقعي للقضية الفلسطينية وتسوية تتجاهل الشرعية الدولية وأسس عملية السلام». وقال: «حذرت مراراً من ذلك، وأكدت أن العكس هو الصحيح». وذكر بأن «القضية الفلسطينية والسلام العربي- الإسرائيلي يظلان القضية المركزية الحاكمة لأمن الشرق الأوسط واستقراره». وشدد على أن رياح التغيير «لن تؤتي ثمارها من دون تحرك دولي يتصدى لمخاطر الإرهاب، ومن دون إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، على نحو ما دعوت إليه قبل سنوات طويلة». واعتبر أن التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية «من شأنه أن يفرز انعكاسات إيجابية لا حدود لها، على غيرها من قضايا المنطقة». وطالب المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولية التعامل الجاد مع هذه القضية. ودعا اللجنة الرباعية والأطراف الاقليمية الدولية إلى المشاركة في تحمل تلك المسؤولية من دون إبطاء. وقال: «لن تتوقف جهودنا مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للعودة إلى المفاوضات. سنواصل دفع عملية السلام على كل مساراتها، تحقيقاً لسلام عادل وشامل ودائم، يغلق ملف الصراع العربي الإسرائيلي إلى الأبد، ويرسي نظاماً متكافئاً للأمن الإقليمي ويفتح الطريق أمام تعاون مثمر وبناء، بين كل دول وشعوب المنطقة من دون استثناء». وأكد مؤسس منتدى «دافوس» ورئيسه التنفيذي الدكتور كلاوس شواب أن «الجميع يشعرون برياح الأمل تهب عليهم، وأن روحاً جديدة تركز على الحلول الواقعية والبراغماتية والفرص الواقعية تتضمنها البرنامج الحالية». واعتبر أن «المؤتمر يعد رسالة قوية من المجتمع الدولي بالثقة في مصر واستقرارها وقوة اقتصادها، بعد الأحداث الأخيرة في منتجع دهب». وأشار إلى أن عدم دعوة إيران للمشاركة في المنتدى كان لأنها «أصبحت في الوقت الحالي قضية مثيرة للجدل على المستوى العالمي، في شكل أصبح يُخشى معه أن تلفت أنظار أجهزة الإعلام عن القضايا الحقيقية والمهمة التي يركز عليها المنتدى». نظيف و«الاخوان» وقال رئيس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف قبل افتتاح المنتدى إن الإصلاح في مصر «لن يحدث في شهر أو شهرين أو ستة... سيستغرق أعواماً. ونحن لدينا الوقت، لسنا في عجلة من امرنا». ونفى أن تكون الحكومة اتخذت أي قرار بعيداً من التزامها بالإصلاح السياسي، لكنه أضاف أنها «اضطرت إلى ان تأخذ بعين الأعتبار النجاحات التي حققها الاسلاميون في الانتخابات البرلمانية»، رافضاً تشكيل ما سماه «كتلة لحزب سري» في البرلمان، في اشارة الى «الاخوان» وهم حزب محظور. وأضاف: «ما ان تبدأ هذه العملية (الإصلاحية) حتى تبدأ أشياء في الحدوث. ترى الإسلاميين على سبيل المثال يحققون مكاسب في البرلمان هنا وفي فلسطين وفي العراق ولهذا نبدأ باعادة النظر في حساباتنا بشأن ما يجري». وأكد أن «هناك حاجة لكي تعيد النظر في حساباتك وتعيد تقويم بعض افتراضاتك للتأكد من انك بالفعل على المسار الصحيح، لكن في النهاية لا أعتقد انه سيكون هناك مجالاً للتراجع (عن الإصلاح)».