بالتزامن مع افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) أدلى الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس وزرائه أحمد نظيف بتصريحات اعتبرا فيها أن عملية الإصلاح السياسي تحتاج لسنوات قادمة ولا ينبغي التعجيل به. وأرجع نظيف هذا التوجه إلى الصعود السياسي للإسلاميين بعد النجاحات التي حققوها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر وبلدان عربية أخرى وما يمكن أن يترتب عليه من "فوضى". وفي كلمته خلال افتتاح أعمال منتدى دافوس، بمنتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر السبت 20-5-2006 قال مبارك: "إن الإصلاح لا بد أن يكون نابعا من داخل المنطقة لكي يضمن الاستمرار، أما تحقيق الطفرات المتسرعة فسيؤدي إلى حدوث فوضى، وانتكاسة في مسيرة الإصلاح". وتابع: "الإصلاح الذي نريد أن نصل إليه هو الإصلاح الذي يضمن حقوق الإنسان، نريد أن نصل إلى الإصلاح الذي يحترم الدستور والقانون وليس الخروج والجنوح للفوضى". وربط مبارك بين الإصلاح في مصر والأوضاع بالمنطقة قائلا: "إن رياح التغيير سوف تستمر في المنطقة، ومصر بحكم وضعها هي الأكثر دراية بظروف منطقتها". وأضاف: "أنا معني بأمر مصر والمنطقة وأرى أن تحقيق الإنجاز على مختلف محاور الإصلاح أمامه طريق طويل أمام إرساء الديمقراطية وتحديث المجتمع وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية السياسية". ونفى أن تكون عملية الإصلاح السياسي في مصر قد توقفت قائلا: "الإصلاح عملية مستمرة لم ولن تتوقف ما دامت تحقق مصالح مصر العليا ومصالح شعبها". وكثيرا ما يحذر الرئيس المصري في تصريحاته لوسائل الإعلام خاصة الغربية منها من أن فتح باب الديمقراطية على مصراعيه يمكن أن يؤدي إلى صعود "المتطرفين" إلى الحكم؛ وهو ما يؤدي لانتشار الفوضى وهو ما يمكن أن يهدد أيضا المصالح الغربية. وفي مقابلة نشرتها صحيفة "أخبار اليوم" المصرية السبت قال مبارك: "لا أميل إلى استخدام الشدة والعنف ضد أي شخص ولا أقوم بأي إجراءات انفعالية ضد أحد، ولكن بالطبع الأمر يختلف تماما عندما تكون هناك إساءة أو تقصير في حق مصر ومصالحها العليا ومصالح شعبها والتي سنواجهها بكل حزم وصرامة". وجاءت تصريحات مبارك في أعقاب تصاعد قمع السلطات المصرية للمتظاهرين المطالبين بالإصلاح وكذلك الاعتقالات التي قامت بها الشرطة المصرية خلال الأسبوعين الماضيين والتي طالت مئات الأشخاص في أثناء تظاهرات تأييد لقاضيين إصلاحيين أحيلا لمحاكمة تأديبية، وهي الإجراءات التي أثارت انتقادات أمريكية وأوروبية شديدة. "لسنا في عجلة" وبالتوافق مع تصريحات مبارك قال رئيس وزرائه أحمد نظيف في تصريحات للصحفيين نقلتها رويترز قبيل افتتاح المنتدى العالمي: "لن يحدث ذلك (الإصلاح السياسي) في شهر أو شهرين أو ستة.. سيستغرق أعواما.. لدينا الوقت ولسنا في عجلة من أمرنا". ونفى نظيف أن تكون حكومته تراجعت عن الإصلاح السياسي، لكنه اعتبر أن الحكومة "اضطرت" لأن تقوم بإجراءات تأخذ بعين الاعتبار النجاحات التي حققها "الإسلاميون" في المنطقة من خلال الانتخابات البرلمانية. وقال: "ما إن تبدأ هذه العملية الديمقراطية حتى تحدث تطورات. ترى الإسلاميين على سبيل المثال يحققون مكاسب في البرلمان هنا وفي فلسطين وفي العراق ولهذا نبدأ بإعادة النظر في حساباتنا بشأن ما يجري". وتابع: "هناك حاجة كي تعيد النظر في حساباتك وتعيد تقييم بعض افتراضاتك للتأكد من أنك بالفعل على المسار الصحيح، لكن في النهاية لا أعتقد أنه سيكون هناك مجال للتراجع عن ذلك" الإصلاح. وفي مايو 2005، كشفت مصادر أمريكية عن أن نظيف نجح خلال زيارة له في نفس الشهر لواشنطن في "تخويف" الأمريكان مما أصبح يطلق عليه "فزاعة" المعارضة الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر على 88 مقعدا من بين 454 من مقاعد البرلمان المصري. كما أقنعهم بالنموذج المصري البطيء للديمقراطية الذي يستثني القوى الدينية؛ بدعوى خطورتها على استقرار مصر وعلى مصالح واشنطن. "مجموعات مصالح" وهون نظيف من شأن المظاهرات المطالبة بالديمقراطية التي شهدتها مصر مؤخرا ووصفها بأنها أعمال "مجموعات مصالح". وقال: إن الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) على سبيل المثال والتي تعارض التمديد لمبارك وأي محاولة لتوريث الحكم لابنه جمال "تضم ألفي عضو فقط". وتعرض النظام المصري مؤخرا لانتقادات داخلية وخارجية بشأن وتيرة الإصلاحات الديمقراطية التي وعد بها، والعنف الذي طغى على الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وتمديد العمل بقانون الطوارئ، وقمع المتظاهرين. ورغم أن إنهاء حالة الطوارئ يعد مطلبا رئيسيا لكافة قوى المعارضة المصرية، تقدمت حكومة نظيف بطلب رسمي لمد العمل بالقانون المطبق منذ 1981 لمدة عامين إضافيين، وهو ما وافق عليه مجلس الشعب المصري الشهر الماضي.