تنهال العديد من النساء في الشرق الأوسط والدول المغاربية على المدونات weblogs (مواقع شخصية على الإنترنت) بحيث تشكل مدونات هؤلاء النساء اللواتي لا زلن في ربيع العمر، نافذة لهن على العالم الخارجي، لإصدار أفكارهن، كما تشكل الفرصة الوحيدة للقارئ العادي؛ للتعرف على ما يدور بذهن المرأة العربية، العالم الذي يكتنفه الغموض. ليس من الغريب أبدا أن هؤلاء النساء لا يزلن في مقتبل العمر، كما يؤكد "روبرت فولترين"، المستشرق والباحث بالمعهد الدولي لدراسة الإسلام في العالم المعاصر : "أنهن يملأن فراغا كبيرا، فمعروف أن أقسام التحرير العربية تعج برجال كهول، ويظل الأفق النسائي متواريا عن الأضواء". يصادف من يقوم بجولة عبر مدونات نساء الشرق الأوسط والمغرب العربي، يوميات مكتوبة بالإنجليزية والفرنسية، والقليل منها فقط يحكى بالعربية. كانت المدونات في البداية بالإنجليزية فقط. يرجع "فولترين" ذلك إلى أسباب تقنية؛ حيث كانت الإنجليزية هي اللغة الوحيدة، التي يمكن النشر بها عبر المدونات، ولم تكن العربية قد تطورت تقنيا لتقوم بتلك المهمة. ظهرت مدونات النساء قبل سنوات في إيران، بعد أن ترجم صحفي، دليلا لكيفية كتابة مدونة باللغة الفارسية، بعدها بأشهر قليلة، انتشرت آلاف المدونات الإيرانية. يتمتع الآن مئات الآلاف من الإيرانيين بمدونة خاصة، منهم الفتيات خاصة خريجات التعليم العالي. مكنت المدونات النساء العربيات من نشر أفكارهن بحرية ولأول مرة. لقد أمكنهن عبر هذه الطريق، الحديث في العديد من الشئون، منها المحرمات في الثقافة التقليدية، أيضا كالجنس والغرام، بحيث لا تختلف مدوناتهن في هذا الإطار عن مدونات المهاجرات في الغرب. غير أن المدونات الإيرانية، تولي اهتماما كبيرا لوضعية المرأة المتأخرة في إيران، إنها مسألة أثارتها بالخصوص، كاتبة المدونات الإيرانية المعروفة "ندى"، التي توجه نقدا حادا ضد قهر المرأة في إيران. انتقلت عدوى المدونات إلى العراق بعد الغزو الأميركي للعراق في مارس 2003، ومن لم يسمع بالمدونة الشهيرة "ريفر باند" هذا الاسم الشعري، الذي اختارته امرأة عراقية، اسما مستعارا لها للنشر عبر المدونات. إنها اشتهرت لدرجة أنها اختيرت مؤخرا، للمنافسة على جائزة "بي بي سي" الأدبية. ويعرف المتابعون لما نشرته "ريفر باند"، كل شيء عن حياتها خلال السنين الثلاث الأخيرة، حياتها التي تغيرت جذريا، بعد الغزو. لقد اشتغلت "ريفر باند" قبل الحرب كمبرمجة كمبيوتر، لكنها استقالت من عملها، بعدما غدا الأمر خطيرا، لامرأة تسافر وحدها إلى مقر العمل. إنها تحكي في يومياتها، باستمرار، عن انقطاع التيار الكهربائي، عن الاختطافات والقتل: "إن الوضعية الأمنية تتغير منذ ثلاث سنين من سيئ إلى أسوأ. لقد تحول البلد فجأة، إلى فوضى عارمة، لكنها فوضى خطط لها، فوضى مفبركة تحولت إلى معاناة قاسية على أيدي الميليشيات الدينية والمتعصبين". تتناول أغلبية المدونات النسائية يومياتهن الخاصة، التي يحكين عبرها، عن أفكارهن وأحلامهن، بمزاج مرح حينا، وبتهكم حينا آخر، يرى "فولترين" في هذه اليوميات مصدرا غنيا، لرصد أفكار المرأة العربية. المثير أن أغلبية المدونات الشخصية تتسم بالنقد، حيث يوجه العديد من الناشرين نقدا لما ينشر بالإعلام المرئي منه والمكتوب، وبذلك يضطرون مرارا للتطرق للأنظمة السياسية الحاكمة في الشرق الأوسط، مما يقلق هذه الأنظمة بالطبع. لقد سبق اعتقال العديد من الناشرين على صفحات المدونات، في دول كمصر، وسوريا وتونس. كما قررت البحرين مؤخرا، تسجيل كل الناشرين؛ كوسيلة للقضاء على الأصوات النقدية المجهولة. تتخذ المملكة العربية السعودية، أيضا مثل هذا الإجراء، الأمر الذي يشكل عرقلة للعديد من الناشرين بالمدونات، كالطالبة "فروحة"، إحدى أشهر الناشرات بالسعودية، التي تصرخ "ارفعوا أياديكم القذرة عن المدونات". لقد تحدث المحللون عن " ثورة اجتماعية" حين بدأت النساء الإيرانيات في النشر، قبل سنين. إن الأمر شكل خطوة مهمة في تحرر المرأة. غير أن هذا الحماس خمد، إذ لم يتغير الكثير بالنسبة للمرأة الإيرانية. بالرغم من ذلك، يرى "فولترين" أنه لا يجب التقليل من أهمية المدونات، " لقد أصبح للنساء صوت لأول مرة، و يعتقدن أن هذا الصوت يسمع".