كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    تونس تصدر موقفا بخصوص فشل مجلس الامن الدولي في اقرار عضوية دولة فلسطين الكاملة    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    قبل الهجوم الصهيوني الوشيك ...رفح تناشد العالم منعا للمذبحة    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    انطلاق الموسم السياحي بتونس.. «معا للفنّ المعاصر» في دورته السادسة    الجم...الأيّام الرّومانيّة تيسدروس في نسختها السابعة.. إحياء لذاكرة الألعاب الأولمبيّة القديمة    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    توقيع مذكرة تفاهم بين تونس و 'الكيبيك' في مجال مكافحة الجرائم الالكترونية    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    عاجل/ تعيين مديرتين عامتين على رأس معهد باستور وديوان المياه    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    وزارة التربية تقرر إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور أساتذة على خلفية هذا الاحتجاج ّ    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدوين العربي في مهب الحرية... المغرب العربي (1/2/4)
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 04 - 2008

كامل الشيرازي من الجزائر - إسماعيل دبارة من تونس - محمد سعيد أحجيوج من المغرب: الحالة في المغرب العربي ليست أهدأ من شرقها تحديدًا في الخليج، فقد حظي بالبداية نفسها إن لم يكن الأسبق، بالعودة إلى تاريخ التدوين العربي تحديدًا في عام 2004 وهي سنة
دخول المدونات للعالم العربي، بما في ذلك المغرب. في تلك السنة، وبالضبط في النصف الثاني منها، كان عدد المدونات في دول المغرب العربي قليل جدًا، إن لم نقل إنها كانت نادرة الوجود. بعضها كان لأبناء تلك الدول الذين يقيمون خارجها، ولم تكن من بينها أي مدونة باللغة العربية، كانت الفرنسية اللغة الأكثر إنتشارًا في ذلك الوقت، مع ظهور بعض المدونات باللغة الانكليزية. ثم عادت مدونات اللغة العربية في الظهور بشكل متعثر في النصف الأول من العام 2005، ثم بعد أشهر قليلة بدأت مدونات أخرى في الظهور.

إيلاف تواصل تسليط الضوء على مسيرة التدوين العربي، هذه المرة في المغرب العربي الكبير، وتحاول تقريب الحقائق، بعد السنوات الثلاث التي عاشها التدوين العربي، ونبحث عمّا يمكن أن يكون منجزًا عربيًا. والبحث في المدونات العربية عن التاريخ الحديث.

الجزائر... مكاسب ضئيلة في رحلة الألف ميل

على الرغم من حداثة تجاربهم، إلاّ أنّ جمهور المدونين في الجزائر كرّسوا تموقعهم كطلائع الفكر الشبابي الجديد في البلاد، وفي ظلّ التضييق الذي يطبع الحريات والعمل الصحافي هناك، تعزّز ولع الجزائريين بثورة المدونات، وصارت الأخيرة المتنفس والملاذ بالنسبة إلى الشباب الجزائري التوّاق للتعبير عن نفسه، ما جعل الظاهرة تتنامى وتدفع شرائح عديدة من المجتمع الجزائري للتفاعل مع ما بات يُعرف محليًا ب "منابر الفكر الحرّ" أو "الإعلام الشبابي البديل"، كما بدأت هذه المدونات تؤدي دورًا في كسر التابوهات السائدة هناك.

9 آلاف مدوّن... والعدد إلى ارتفاع

تفيد بيانات حديثة في الجزائر، إنّ الأعوام الخمس الأخيرة شهدت ظهور ما يربو عن تسعة آلاف مدوّن جزائري، زار مدوناتهم نحو خمسة ملايين شخص، ويتوقع مراقبون لشأن المدونات في الجزائر، أكثر انتعاش وحركية للمدونين، سيما مع اتساع عدد الجزائريين المالكين لخدمة الإنترنت بمنازلهم.

ويظهر الرقم الاهتمام الذي صار يوليه الجزائريون لهذه الطريقة المبتكرة كتقنية اتصالية، ما جعل المدونون يتحولون إلى قوة اجتماعية ضاغطة، برز دورها في مختلف المحطات السياسية والانتخابية التي شهدتها الجزائر خلال الفترة الأخيرة، حيث شكل هؤلاء أدوارًا عدّة غطت على ما قامت به قوى سياسية.

في الحقيقة لا يوجد موضوع لا يتطرق إليه الجزائريون عبر مدوناتهم الالكترونية، علمًا أنّ كثيرًا من المدونات تهتم بالمسكوت عنه في الجزائر، فحمى السياسة تظل مسيطرة على مدونات الجزائر، حيث وجد فيها بعضهم فرصة للتنفيس عن مكبوتاته تجاه النظام القائم، في حين اختار ساسة ورؤساء جمعيات، التسويق لطروحاتهم، كما هي حال مدونة "بلادي" المخصصة بنسبة 99 في المئة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى أخرى متصلة بنشاطات جمعيات خيرية وأخرى طلابية وحتى دينية مثل "يا رب'' التي تسرد أقاصيص عن مؤمنين صبروا وواجهوا الرزايا والمحن والموت بكل شجاعة وعزة نفس''.
هذا ما قدموه منذ البدء
هناك من مدوني الجزائر من اختار التمرد وتحطيم التابوهات شعارًا له، فهناك من لا يتردد في الكشف عن أسراره الشخصية، أو الإسهاب في وصف سهرات المجون والخلاعة، فيما لم تتحرج مراهقة، في وصف علاقتها مع والديها، وأشقائها وزملائها بنوع من التجرد والاندفاع.

اللافت للانتباه في عالم المدونات في نسخته الجزائرية، هو الضربة الموجعة الموجهة لعدد من الأعراف والتقاليد، كما لا يتردد الكثير من الحديث عن حياتهم الشخصية، التي كانت في ماضٍ ليس ببعيد عن أكبر الطابوهات، حيث يتحدث أحد أصحاب المدونات بشغفه للسهرات الليلية برفقة أصدقائه.

ويرى متابعون أنّه وسط العدد الكبير جدًا للمدونين الجزائريين، إلاّ أنّ ما يقدمونه متفاوت ويختلف من حيث القيمة، فضلاً عن صعوبة فرز المدونات المميزة عن المدونات التي هي أقرب إلى فقاعات صابون يلهو بها بعض الأطفال، وتؤدي دورًا موقتًا.

قوة التغيير الهادئ

يصرّ العديد من المدونين الجزائريين الذين استجوبتهم "إيلاف" على أنّ رهانهم الأساس كان ولا يزال حمل مواطنيهم على التفاعل مع مدوناتهم، وهو ما تحقق بشكل ما، بحسبهم، استنادًا إلى ما صار عالم المدونات في الجزائر يحفل به من تضاعف الزوار المتصفحين لمضامينها.

المدونون يتباهون بأنّ من اعتنقوا فن التدوين، على حد تعبيرهم، اصبحوا "قوة ضغط إعلامية" لها مفعولها في تشكيل خطية الرأي العام، ويستشهد بما يفعله المدونون حاليًا بشأن النقاشات حول مراجعة الدستور الجزائري، وكذا الدور الذي لعبه المدونون في المواعيد الانتخابية الأخيرة في الجزائر، حيث لعبوا أدوارًا عدّة غطت على ما قام السياسيون وقوى المجتمع المدني والصحف المحلية، مع الإشارة إلى أنّ التدوين في الجزائر، لم يستهوِ لا الطبقة السياسية أو الطبقة المثقفة، فعدا حالات نادرة، ليس هناك من مدونات لرجال سياسة أو شعراء وروائيين بارزين، وهو ما يشكل مفارقة غريبة هناك.

لكنّ هذه المعارضة التدوينية المبتكرة باتت مهددة بالتضييق، فعلى منوال الصحافيين، لم ينج جمهور المدونين من المطاردات التي يقودها بعض المسؤولين لتجريم كل من يبدي رأيًا، وعبثًا يحاول المدونون إقناع دوائر القرار بأنّ النقد هو جزء من مسار بناء حرية التعبير في البلاد، إلاّ أنّهم يجدون أنفسهم عرضة للمضايقات، ويقول أحدهم ل"إيلاف":"عندنا بعض المسؤولين يرون في العدالة الوسيلة التي يضغطون بها من أجل الترهيب".

ويعدّ المدون الجزائري "عبدالسلام بارودي" (38 عامًا) صاحب مدونة "تلمسان ليست للبيع"، أول مدوّن تمت محاكمته في الجزائر، حيث وجّهت له محكمة محافظة تلمسان (800 كلم غرب العاصمة) يوم 17 سبتمبر/أيلول 2007، تهمة القذف إثر رفع أحد المسؤولين المحليين دعوى قضائية ضدّه واتهمه بالقذف، على خلفية موضوع " السيستاني يظهر بتلمسان" المنشور في شهر فبراير/شباط من السنة ذاتها.
وإذا كان المدوّنون في الجزائر يمثّلون ظاهريًا جزءًا من الأسرة الإعلامية، فإنّ الواقع يظهر أنّ هؤلاء ليسوا محميين ولا يتمتعون بأي إطار قانوني، عدا ما يوفّره اتحاد المدونين العرب كمظلة شكلية.

كرة القدم تلقي بظلالها على المدونات

تتركز أحاديث كثير من المدونين في الجزائر على اللعبة الأكثر شعبية عالميًا "كرة القدم"، فمنهم من يختار الخوض في الجانب المحزن للعبة، حيث يسرد واقعة مباراة كروية شهدت مقتل أحد المشجعين، وتعرّض آخر للإهانة لأنّه حمل علم الفريق الخصم، وهو ما لم يستحسنه فريق من الشوفنيين، فكانت المأساة.

وإن كان ثمة مدونات لا يتم تحيينها وتزويدها من قبل أصحابها بمختلف المقالات سواء شخصية أم مقالات الصحف، فإنّ آخرين يلجأون إلى فتح النقاش على مختلف مواضيع الساعة على غرار أزمة ارتفاع أسعار المواد الأكثر استهلاكًا، وحملة الدعاية للاقتراع المقبل في البلاد.

المغرب... المدونات تنضج أسرع من زهر التوت

جاء نضج المدونات المغربية سريعًا، فخلال أقل من عام إستطاع الكثير من المدونين المغاربة فرض تواجدهم على الساحة العربية، ودفعوا الصحافة المغربية للحديث عن المدونات وأهميتها المستقبلية.

البداية كانت في الأسبوع الأول من أبريل 2006، حين نشر رشيد جنكاري المدون والصحافي العامل آنذاك في البوابة الإخبارية التابعة لشركة إتصالات المغرب، مقالاً يوضح فيه فساد أحد المسؤولين الحكوميين ونشر فاتورة توضح التبذير الحاصل. مدير رشيد تحرك بسرعة وهدد هذا الأخير بالطرد إن لم يسحب ما نشره في مدونته. اضطر رشيد لحذف مقاله، لكن الموضوع كان قد وصل لباقي المدونين الذي تحركوا كما يجب لدعم رشيد، فقام بعضهم بإعادة نشر الموضوع نفسه. وصل الأمر للصحافة فتمت إقالة ذاك المسؤول، وسجلت المدونات المغربية نصرها الأول.. والأخير!
كانت تلك بداية الإلتفات الجاد من الصحافة للمدونين، فبدأت بعض المقالات في الظهور وحوارات مع المدونين، مما ساهم في التعريف أكثر وأكثر بالتدوين وسط الشباب المغربي وبدأت المدونات الجديدة في الظهور. هذا الإهتمام والحماس توجا في شهر أكتوبر الموالي بتأهل مدونتين مغربيتين للمسابقة العالمية للمدونات التي تنظمها المؤسسة الإعلامية الألمانية دويتشه فيله. وهو تتويج دفع الصحافة إلى مزيد من الإهتمام بالمدونات، ومن ثم بدأ المجتمع التدويني في التوسع أكثر وأكثر.
التأثير الغائب
النصر الذي حققه المدونون بفضل مدونة جنكاري كان هو التأثير الإيجابي الوحيد للمدونات المغربية. وعلى الرغم من التزايد الكبير والمتواصل لعدد المدونات خلال سنة 2007 (وصل آنذاك الرقم حسب بعض التوقعات إلى 30 ألف مدونة)، فإن المدونات لم تحقق التأثير الذي كان منتظرًا منها. فعلى عكس أميركا، إيران ومصر، التي عرفت تأثيرًا للمدونين خلال فترة الإنتخابات، مر الحدث المنتظر في المغرب (الإنتخابات البرلمانية، سبتمبر 2007) مرور الكرام.
لغياب هذا التأثير المنتظر أكثر من قراءة. لكن السبب الرئيس هو أن السياسة في المغرب نهر راكد لا يحركه شيء، وحتى الإنتخابات لم تعد تهم أحدًا، فهي لعبة أصبحت مكشوفة للمواطنين، لدرجة أن الإنتخابات المنصرمة عرفت نسبة مقاطعة مفجعة تتجاوز النصف بكثير. كما يؤدي التضييق على الحريات دوره في كبح جماح المدونين.

الفرنسية... العربية

قبل أزيد من سنة بقليل كان من الواضح أن اللغة الفرنسية هي المهيمنة على المدونات المغربية. لكن حاليًا بعد توفر خدمات تدوين مجانية بالعربية وبدأ الصحافة المغربية (المكتوبة بالعربية) في الحديث عن التدوين والمدونات بدأت اللغة العربية تفرض نفسها. هذا يبقى على المستوى العام، لكن من الصعب تحديد الأمر بدقة دون دراسة مسبقة، وللسبب نفسه من الصعب تحديد التوجه الموضوعاتي الغالب على كل إختيار لغوي، خاصة أن عدد المدونات حسب أقل التقديرات لا يقل عن ثلاثين ألفًا. عمومًا هذه المدونات تظهر وتختفي سريعًا، قليلة جدًا هي المدونات التي تفرض نفسها وتحصل على قراء دائمين، وعددها تقريبًا يتوزع بالتساوي بين العربية والفرنسية. العربية منها يطغى عليها الجانب السياسي والقومي، والفرنسية يطغى عليها الجانب الشخصي والإجتماعي وكذلك التقني.
الملاحظ هنا هو نوع من القطيعة بين من يدون بالعربية وبين من يدون بالفرنسية. المدونون بالفرنسية يغلب عليهم الطابع الإحترافي، لذلك نصبوا أنفسهم – ربما ليس بإختيارهم- متحدثين رسميين بإسم التدوين المغربي. وصار لهم تجمعاتهم وإحتفالياتهم. على عكس المدونين بالعربية الذي أتوا معهم بسلبيات التجمعات الحزبية وصاروا يتصارعون حول تأسيس ورئاسة التجمعات والإتحادات، من جهة، ومن جهة أخرى التسابق نحو إطلاق الحملات التدوينية على شاكلة "حملة لدعم الأقصى"، "حملة لدعم غزة"... إلخ. فقط كلام دون أي فعل. مع ضرورة التنويه إلى وجود مدونين بالعربية سموا عن هذه التجمعات ونجحوا في إبراز مدوناتهم وتحقيق المصداقية والموثوقية لها.

المستقبل الغامض

بعد نضجها المبكر كان ينتظر من المدونات المغربية أن تكون مؤثرًا فعالاً على قرارات صناع القرار، بإعتبارها صوت رجل الشارع، لكن كما كان النضج مبكرًا جاءت الشيخوخة كذلك.
الآن هناك حالة من الركود والإستقرار يمر بها التدوين المغربي. لا شيء يظهر في الأفق يمكن أن يشي بشيء مختلف. في أميركا منذ البداية تمارس المدونات دورها بجانب الصحافة في التأسيس لأشكال إعلامية جديدة. في مصر، على الرغم من محدودية التأثير، إلا أن المدونين صار لهم صوتهم المسموع. وفي المغرب؟
يرى الدكتور يحيى اليحياوي، الخبير الإعلامي، أن المدونين المغاربة لا يحتكمون إلى مرجعية جماعية في الفعل السياسي حتى يكون بمقدورهم المساهمة في صنع القرار أو التأثير فيه. فكل واحد منهم يشتغل لوحده دون تنسيق مع الآخرين. يمكن للمدونين، يضيف اليحياوي، أن يكونوا فاعلا مجتمعيا إذا نحت مدوناتهم أكثر نحو الطابع العام السياسي والشأن العام للمواطنين بدلاً من القضايا ذات المنحنى الفردي. بل يمكن أن تصبح المدونات قوة ضغط (لوبي) إن كان للمدونين خلفيات حقوقية ومشاريع سياسية، خاصة أمام ضعف الأحزاب السياسية، تردي أحوال النقابات وإستلاب المثقفين.
يمكن للمدونين المغاربة، إذن، التأثير مستقبلاً، لكن الأمر لن يكون سهلاً. هناك أولاً شروط لا بد من أن تتحقق، من قبيل: دمقرطة المؤسسات، تيسير الوصول لمصادر الخبر، إصلاح القضاء، الرفع من هامش حرية التعبير، توسيع شبكة الربط بالإنترنت... إلخ. وإلا فإن التدوين سيبقى في حال ركود دائمة

مدوّنو تونس... شباب طامح ومتحرّر

يخطو المدونون الشبّان في تونس أولى خطواتهم في هذا الميدان الحديث والمتنفس الجديد الذي يمثل بالنسبة إليهم بوابة للعبور إلى العالم الخارجي وإيصال أصواتهم وآرائهم إلى نظرائهم في بلدان عربية وغربية.

داخليًا عالم التدوين يتخذ بعدًا آخر لم تعهده الرقابة السياسية والدينية من قبل ، فالحجب لم يمنع هؤلاء المدونين الشبّان من رجم الدين وركل الساسة والسياسة بلا رقيب ولا وصيّ.
وفي بلد يبلغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة غالبيته من الشباب اليافع من المفروض أن نجد فيه سوقًا رائجًا للتدوين والبلوجات. إلا أن الإحصائيات تشير إلى 1000 مدونة تونسية فحسب 75 في المئة من أصحابها من الشباب الذي يجيد استعمالات الانترنت المختلفة.

تعدد الأسباب .. والتدوين واحد

تختلف أسباب الإقبال على التدوين عبر النات من شاب إلى آخر في تونس ، فمن ضيق مساحات إبداء الرأي والتعبير إلى الرغبة في التطاول على "المحرّمات" مرورًا بالتشفي من الرقابة التي لطالما سيطرت وهيمنت .

منذ سنة تقريبًا، حجبت مدونة أحد الشباب، لتخصصها في الكتابات الجنسية ونشر الصور الخليعة وتطاوله على رموز مختلف الديانات السماوية يقول ابو لهب صاحب المدونة لإيلاف: لأن المجتمع يرفض الحديث في كل ما يتعلق بالجنس والدين بتعلة "حرام عليك " و "ستحشر في جهنم" و لأنني مقتنع بترّهات السلطويين و "الرّكع السّجود " فقد أردت أن أجعل من مدونتي الشخصية سلاحًا بسيطًا أحارب به استبدادهم ووصايتهم على عقول الشباب التائق إلى التحرر من أكاذيبهم وسخافاتهم".

العديد من المدونين التونسيين يرى أن حرمانهم من حقوقهم في التعبير عن آرائهم بكل حرية في المنابر الشبابية و الصحافة الوطنية بسبب انتمائهم إلى حزب سياسي أو آخر او بسبب معارضتهم لسلوك أو تيار، اونشاطهم في إحدى المنظمات الحقوقية المعروفة هو ما جعلهم يبحثون عن طرق أخرى لا تخضع لرقابة السلطة، مثل الصحافة الإلكترونية او الكتابة في عالم التدوين، وانشاء صفحات تخصهم.

يوم التدوينة البيضاء

"يوم التدوينة البيضاء "مصطلح تونسي بامتياز ، أضحى يوحي مباشرة إلى التحركات الرمزية التي حاولت مجابهة الرقابة والحجب المتواصلين في تونس .
ففي يوم الاثنين 25 ديسمبر 2006 تمت دعوة المدونين إلى الاحتجاب لمدة 24 ساعة احتجاجًا على حجب عدد من المدونات التونسية الجريئة.

وقد لبت أغلب المدونات التونسية الدعوة، إضافة إلى عدد كبير من المدونات العربية والفرانكفونية التي تضامنت مع المدونين التونسيين الغاضبين .

ولمدة 24 ساعة قام المدونون المحتجّون بإدراج تدوينات فارغة لا تحوي أي مضامين. وقد حاولت الحملة التركيز على التناقض الذي يقوم عليه خطاب السلطة في تونس الذي عادة ما يركز على ضمان حرية الرأي والتعبير والجهود المتواصلة لتعزيز هذه القيم السامية وبين الواقع الذي يعتبره المدونون في تونس مخالفًا للخطاب الرسمي بشكل لافت. خصوصًا أن مدونين معروفين قد تعرضوا للمضايقات والسجن على غرار ما حصل مع الصحافي عبد الله زواري والمدون سليم بوخذير المعروف بجرأته والذي يقبع حاليًا في السجن .

ويتناول" بوخذير" عادة في كتاباته مواضيع سياسية وتقارير عن أوضاع حقوق الإنسان في تونس إلا أن التهم التي وجهت له في محاكمته كانت بخصوص تطاوله على أعوان الأمن والاعتداء على الأخلاق الحميدة.

المدون "هاري بوتر" انتقد بشدة يوم "التدوينة البيضاء" و اعتبرها ذات دوافع سياسية ويقف وراءها معارضون بارزون يحاولون تصفية حساباتهم مع الحكم على حساب تجربة التدوين التونسية الحديثة .

ويقول هاري بوتر الذي لا يكتب سوى في قضايا بسيطة تهم العلاقات الطلابية وحياته الشخصية والقليل من الرياضة ل"إيلاف": "الحجب تواصل بل تفاقم بعد هذا اليوم الملعون ، لم يركز أغلب المدونين في تونس على انتقاد الوضع السياسي والحقوقي في تونس؟ هم ليسوا موضوعيين في هذا المجال فتونس تحوي الكثير من الايجابيات التي يتغافل عدد كبير من المدونين عنها عمدًا .

انتصارات بالجملة

وفق عدد من المدونين تتحقق الانتصارات لما تعجز شرطة الانترنت على وضع اليد على الواقفين وراء المدونات التي تنشر بلا رقيب ولا حسيب مواضيع تندرج في خانة المحرمات. وعدد كبير من المدونين يعيش خارج تونس وينشر إدراجاته من هناك .عكس معز الجماعي من محافظة قابس الجنوبية الذي يعتبر نشر مقالاته الجريئة حول فضح انتهاكات حقوق الإنسان و مصادرة الحريات والتعريف بالمعاناة الاجتماعية للشعب التونسي جوهر الانتصار في معركة التدوين.

لم يترك المدونون التونسيون –على قلة عددهم – موضوعًا يهم مجتمعهم إلا وتطرقوا إليه ، فمن المواضيع الدينية والاجتماعية مثل ماهو الحال بالنسبة إلى مدونة "فتاة الإسلام "على موقع مكتوب العربي، إلى مدونة "غدوة نحرق لصاحبها Clandestino والمتخصصة في "الحرقة " وهو مصطلح شبابي تونسي يعني الهجرة غير المقنّنة إلى الغرب.
GMT 13:00:00 2008 الثلائاء 1 أبريل

إيلاف


التدوين العربي في مهب الحرية .. الخليج العربي (1/4)

--------------------------------------------------------------------------------

في الخليج تعاليم للتبشير، حجب، إعتقالات، ومعارضة
هديل عبدالرحمن من الرياض - محمد هادي من دبي: حينما انطلق التدوين كظاهرة عالمية لم يتوقع الكثيرون أن يحقق هذا النجاح، لا سيما في العالم العربي، حيث تسيطر المنتديات على اهتمام معظم مستخدمي الإنترنت العرب، إلا أن اشتهار التدوين في أميركا وأوروبا في بدايات الألفية؛ وحصول مدونة عراقية على المركز الأول في مسابقة ثقافية بريطانية، عن مدونتها Where is Raid? التي تتناول يوميات عراقية في الحرب، ثم إخراجها في كتاب؛ كانا لهما التأثير الأكبر في تحول عدد ليس بالقليل من العرب إلى التدوين، ليكون عام 2006 هو عام الذروة للتدوين في العالم من خلال اختيار مجلة TIME للمدون كشخصية لذلك العام.
بدايات المدونين لم تكن تعدو أن تكون يوميات شخصية، وهموم خاصة يطرحها المدون، وبعض الصور التي يرفعها على صفحته، لا يطلع عليها في الغالب سوى أصدقائه، لضعف ثقافة التدوين آنذاك. عدد قليل من المدونين بدؤوا تجربتهم التدوينية في وقت مبكر نسبيًا، يعود إلى عام 2003، من خلال المساحات المجانية التي كانت توفرها بعض المواقع الأجنبية.

إيلاف تمسك القلم والمصباح، تكتب احيانًا عن حالة التدوين، وأحيانًا تضيء الطرق لمن سيكتب فيما بعد عن التدوين، تتماهى مع الأقطار العربية، لتصل الى الحقيقة، وإلى المبتغى.

التدوين السياسي.. يكسب الجولة
المستفيد الأكبر من التدوين هم ذوي الميول السياسية، فالمنتديات أصبحت مكانًا للغط والجدل، أو للحجب والحذف، بينما يرى المدونون السياسيون أن المدونات تمنحهم مكانًا مريحًا لطرح أفكرهم بوضوح، وبموضوعية، وأنهم يكسبون من الردود على مدوناتهم أفكارًا تعينهم على تطوير قدراتهم النقدية أكثر مما سيلقون لو أنهم يطرحون رؤاهم في المنتديات.

وهم أيضًا يرون أن التدوين ساعدهم في أن يكونوا أكثر مصداقية، لأنهم مسؤولون عمّا يكتبون مسؤولية مباشرة، وأفكارهم تمثلهم وحدهم، ولا تضيع في زحمة المشاركات والردود، أو في النسيان..
هكذا بدأت حكاية التدوين التي لم يصنعها أحدها، وصنعها الجميع، مكونة فصلاً أولاً لفصول لاحقة، لم يكن أحداً يتنبأ بها: حضور إعلامي مميز، اهتمام رسمي وشعبي. لكن حلاوة العنب لا تمنع الشوك... فكانت هناك اعتقالات وإيقافات، تنسج الظهر الخلفي من الحكاية، فاعتقلت السلطات السعودية المدون السعودي "سرجون مطر"، قبل أن تفرج عنه في وقت لاحق، فضلاً عن حجب العديد من المدونات السعودية، مثل مدونة حواء، ولآخر الاجراءات التي اتخذتها كان اعتقال المدون فؤاد الفرحان والذي لا يزال قيد الإعتقال.

إلى أين تمضي عربة التدوين ؟

لم يعد التدوين محصورًا بالتدوين النصي، ظهر التدوين الصوتي، التدوين الصوري، والمتحرك آخذ بالصعود، كل هذه مؤشرات على أن التدوين لن يتوقف حالياً على الأقل، وإذا أخذنا بالحسبان أن هذا العام شهد دخول أكبر نسبة من المدونين قياسًا بالأعوام السابقة، لأسباب مختلفة، يعزوها بعضهم إلى تردد أسماء عدد من المدونين في وسائل الإعلام بشكل متكرر؛ فإن هذا يدل على أن الظاهرة ستستمر لوقت ليس بالقصير


السعودية بالإنكليزي، ثم الفتيات يدونون..

بدأ التدوين بمسماه الفعلي، والمعروف ب Blogging في 2004، من خلال بعض المطلعين على المواقع الأميركية والإنكليزية، ربما استهوتهم التجربة؛ فقرروا محاكاتها، وهكذا ظهرت أول المدونات السعودية، باللغة الإنجليزية. معظم المدونين آنذاك، اتخذوا من موقع Blogger التابع ل Google محطة انطلاق لهم، إذ كان أشهر موقع يوفر هذه الخدمة، وأكثرها احترافية.

لم يطل الوقت بالمواقع العربية، قبل أن تستحدث هي الأخرى خدمات التدوين، وتوفير المساحات للمستخدمين، فاتحة بذلك باباً واسعاً لعدد كبير من السعوديين، ومعلنة عام 2005، عامًا عربيًا للتدوين!

مكتوب وجيران وأكتب، والعديد من المواقع العربية أصبحت تستضيف عددًا لا يحصى من المدونات السعودية، تعتمد على خصائص وأوامر في برمجتها ساعدت في تكوين مجتمعات تدوينية مصغرة، تحمل طابع البلد الذي ينتمي إليه أصحابها.

بعد فترة من التدوين، أفرزت هذه الظاهرة ظاهرة أخرى، وهي تملك النطاق، وهو أمر كان محدودًا في السابق، ويكاد أن يكون حكرًا على المشاهير والمعروفين. حاليًا تملك نسبة عظمى من المدونين مواقعها الخاصة، دون اللجوء لتلك المجانية، ذات الصلاحيات المحدودة، مبررين ذلك بعدم ثقتهم بالمواقع المجانية، أو تضايقهم من كثافة الدعايات، وبعضهم لم يخف بأنها (أوجه وأرز)!.

أصوات أنثوية تعلو..

قد تعد المدونات أكثر الاختراعات الإلكترونية أهمية، ليس حسب رأي المتابعين وحسب، بل حتى بالنسبة إلى الفتيات، فالمدونات كانت لكثير منهن متنفسًا، ومكانًا ملائمًا جدًا ل (الفضفضة) وأحاديث النفس. بعضهن جعلت مدونتها خاصة لا يمكن الدخول إليها إلا برمز سري، وأخرى تضع رمزًا على تدوينة محددة، غير مانحة صلاحية قراءتها إلا لمن يملك كلمة المرور. بعضهن تركنها عامة للجميع، متكتمات على أسمائهن الحقيقية، وقليل منهن اللواتي كتبن بأسمائهن الصريحة، وإن كن يبدين بعض الندم حيال ذلك.
لم يعد من الممكن الآن السيطرة على العدد المتزايد يوميًا من المدونات السعودية، أصبحت أكثر من أن تحصى، واهتماماتها شتى. والتنوع فيها مستحيل الحصر.
النصيب الأكبر منها يميل للشخصي، الذي لا ينفصل عن هموم الشارع والمجتمع، وتلك تملك الحصة الأكبر أيضًا من الاهتمام، التقني لا يغيب، ويميل أصحاب المدونات التقنية إلى تخصيصها وقصرها على هذا الجانب، المطبخ له نصيبه، والتربية أيضًا، المدونات الفنية تحظي باهتمام لا بأس به كذلك، أما المدونات الدينية، والأدبية، فما زالتا الموضوع المفضل لأعضاء المنتديات أكثر من المدونين.

حينما تسأل مدونًا سعوديًا عن سبب تدوينه، لا يمكنك توقع نتيجة محددة، الكل يدون، والكل لديه أهدافه، إلا أنه يمكنك أن تستشف رغبة الجميع في أن يملكوا حريتهم عند الحديث، وهذا الأمر ليس بالمتاح إلا عن طريق المدونات. بعضهم استهوته التجربة التي خاضها من باب تزجية الوقت، حتى تحولت لفعل جاد، يتحمل تجاهه مسؤولية، فلم يعد يذكر متى بدأ، وكيف صار إلى هذا (الإدمان) كما يذكر أحدهم.

اتجاهات وحملات...

على الرغم من عدم وجود اتحاد للمدونين السعوديين، بعد فشل عدد من المحاولات، إلا أن ثمة ما يربط بين مدوني السعودية، فليس من المستغرب أن تجد المدون الشرقاوي، يعلق لدى ذلك الساكن في جدة، أو مدونة من الرياض، وضعت رابطًا لمدونة جنوبية، هذه الشبكة غير واضحة المعالم، ولا محددة الاتجاهات؛ كانت أكبر عون في انتشار عدد من الحملات الإلكترونية، بعضها يتعلق بالجانب الاقتصادي والمعيشي، وأخرى ذات طابع اجتماعي، وثالثة تدعو للثقافة والقراءة، وبعضها هزلي، وجزء منها جاد يتعلق بشأن ديني أو سياسي؛ كل هذه الحملات تبدأ بفكرة مدون أو عدد من المدونين، فيضعون لها شعارًا يأخذ بعدها بالانتشار حسب الاهتمام الذي تمثله للآخرين.


الإمارات وفضل التدوين العربي

يمكن نسب فضل التدوين العربي إلى المدونين الإمارتيين، حيث عملوا منذ البدء على تطوير التقنيات التدوينية، وقام المدون (سردال) بترجمة النسخة الأنجليزية من البرنامج الأشهر ( ورد بريس)، وجعله متاحًا للمستخدم العربي، ثم قام بعد ذلك بإنشاء سلاسل تعليمية من اجل نشر هذه الثفاقة الجديدة.

كانت سنوات الإمارات حافلة بالتدوين التقني، وساعد إنتشار مدونات التقنية التوجه السائد للشباب الإمارات في ظل وجود شركات التنقية الكبرى، العديد من هذه المدونات كان تعليميًا وبعضها الآخر جاء تنويريًا في محاولة لنشر الثقافة الإلكترونية.
الأحداث السياسية لم تكن حاضرة، ربما الاستقرار السياسي هو من قاد هذه التوجه في الدولة الخليجية الصغيرة، هذه الأصوات التي ظلت متوارية لفترة من الزمن، ظهرت على السطح مع قضية الشاب الفرنسي المغتصب من قبل بعض الشبان الإماراتيين، الأصوات طالبت الحكومة الإماراتية بإعادة النظر في النظام القضائي، وبالعديد من التشريعات التي أظهرت المحاكمة وخط سير القضية ضعفها، حسب رأي المدونين الإماراتيين.
الإمارات التي يوجد فيها عدد كبير من المدونين بحكم طبيعة المجتمع المنفتح ويُسر الارتباط بالانترنت، لم يسبق أن تمّ اعتقال مدونين، وحتى مدير موقع "مجان" محمد راشد الشحي، الذي قضت محكمة بسجنه 17 شهرًا، بسبب تعليق تمّ اعتباره "تشهيريًا،" إذ عادت الحكومة لتقرر إلغاء العقوبة المفروضة عليه.

هناك بعض المساهمات النسائية والتي يدونها طالبات الجامعة في الإمارات السبع، وهي غالبًا ما تتناول قضايا تقنية، وتتحدث عن تصميم الجرافيك والتصوير.

الكويت تكتب مجالس الأمة ..

مدونات الكويتيين بالغالب مدونات شخصية تعبر عن شخصياتهم ومنظورهم للحياة الكويتية وما حولهم من أحداث، ويحاكي الواقع بأسلوب بسيط وشبابي.

التدوين الكويتي مليء بالقضايا السياسية، فقد سيطر مجلس الأمة على أغلب القضايا المطروحة، ففي كل مرة يتم طرح التساؤلات حول مدى جدوى المجلس الحالي، ثم يتحور السؤال بعد حل المجلس، إلى هل تؤيد هذه الخطوة، وتعود حكايات الإنتخابات تظهر من جديد على سطح المدونات.
لذلك المدونات الكويتية نشيطة سياسيًا، وأنشط إجتماعيًا تتناول قضايا المجتمع الصغير، تغلب عليه القضايا المذهبية، وفي الأعوام الأخيرة تعالت أصوات المطالبين بالحريات الشخصية، والحريات الإعلامية، فظهرت مدونة تشرح المادة 36 في الدستور الكويتي، التي تتناول حرية الرأي والبحث العلمي، وبأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقًا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.
المدونات الكويتية، وجدتُ تفاعلاً كبيرًا من قِبل معظم المدونين الكويتيين مع الوضع الحالي لبلادهم والمتكرر، كما أن وسائل الإعلام أبرزت الدور القوي الذي يقوم به شباب وشابات الكويت، يقومون بالتنسيق فيما بينهم من خلال المدونات، أبرزها مدونة: ساحة الصفاة، وهي مدونة يقوم بتحريرها عدد من الشباب الكويتيين، وتلقى رواجا كبيرا بين مرتادي الإنترنت.

ساحة الصفاة تبذل جهدًا هائلاً هذه الأيام، من أجل محاربة المرشحين (الفاسدين)، وتقوم بالتشهير بهم، كما أنها تركز بشكل كبير على (شارين الذمم). لا تكتفي المدونة بذلك فقط، بل تحاول جمع كافة الأدلة (صور، فيديو) لإثبات الجرم عليهم.
كل ذلك كان له الأثر الكبير على توجهات الكثير من الشعب الكويتي، الذي تعوّد على (شراء الأصوات)، وربما لم يكن شيئا غريبا عنهم فيما مضى من جولات الانتخابات. لكنه الآن يحتل المرتبة الأولى في أولوياته، ويسعى إلى تطهير انتخاباته من كافة مظاهر الفساد، أولها تقليص العدد الكبير من الدوائر، الذي يساعد بشكل مباشر على تفشي هذه الظاهرة.

وسبق أن اعتقلت السلطات الكويتية العام الماضي، الصحافي والمدوّن بشار الصايغ، وأطلقت سراحه بعد مرور ثلاثة أيام على استجوابه والتحقيق في تهمة "إهانة شخص أمير الكويت بعد أن تولى الحكم،" حيث قام متصفّح إنترنت مجهول الهوية بنشر مقال انتقد فيه أمير البلاد، على مدونة http://www.aljarida.com.


البحرين صخب، ومعارضة

يمكن حصر النشاط التدويني في البحرين مؤخرًا بقضايا التجنيس المذهبي التي تتبناها الحكومة، وما كادت قضية المدون محمود اليوسف أن تنتهي بمصالحة حكومية في الساعات الأخيرة قبل المحكمة، حتى ارتفعت أسهم التدوين في الجزيرة الخليجية الوحيدة، وصار أرشيف المدونات البحرينية بالعشرات، بعد أن كان عدد المدونات البحرينية لا يذكر.
في المرة الثانية حجبت السلطات الرسمية الموقع الإلكتروني لمدونته إثر نشره تقريرًا يختص ب «التقرير المثير»، وأنتهى السيناريو الثاني بذات الطريقة بعد أن تم الصلح قبل المحاكمة بساعات.
الشباب البحريني اليوم وغدًا لهو مهووس أكثر بالتدوين، بعيدًا عن صيغته الإحترافية، وقريبًا من العمل المذكراتي الخاص، هناك محاولات للتطرق للجوانب السياسية، بوجهات نظر محايدة. الذي هو واضح لدينا حتى الآن أن مدونات عدة باتت تمثل مصدرًا معلوماتيًا مركزيًا، وبعضهم الآخر أصبح مجمل الحوارات والإضافات فيه محط جدل واسع.

حين منعت السلطات القضائية في البحرين النشر في قضية «التقرير المثير»، كان للمدونات أن تفعل فعلتها، وأن تتصدر إلى جانب المنتديات الإلكترونية. الذي كان واضحًا هو أن اتجاهات تميل نحو خطاب «المعارضة» كانت تحكم سيطرتها على الحقل المدوناتي في البحرين.

المعارضة البحرينية إتخذت من المدونات منابر لهم، والأمور وصلت إلى حد اعتبار النسبة الأكبر من المدونات في البحرين مدونات معارضة، وفي الكثير من الأحيان تحولت إلى منابر نقد للوضع الداخلي.

قطر تتكلم السياسة والرياضة

المراقب للتدوين القطري يلاحظ ارتباطه الوثيق بقناة الجزيرة، التي تلقي بظلالها على التدوين القطري، فغالبًا ما يكون المدونون هم بالأصل أعضاء في منتديات الجزيرة توك، يتابعون القضايا السياسية بشغف كببير، ويحللون الأوضاع الخارجية، ويتابعون القضايا الداخلية.
المدونون القطريون هم أيضًا تقنيون، يتناولون القضايا التقنية، ومهتمين بمواقع الجيل الثاني ( WEB 2) و على الرغم من ان قطر حققت انتشارًا كبيرًا في مجال الانترنت، إلا أن ظاهرة التدوين بقيت اضعف مما هي عليه في بعض الدول الخليجية المجاورة، لكنه ظهر في ذلك الوقت ما يسمى "المواطن الصحفي"، الذي اصبح ينقل القضايا بين جنبات الإنترنت الكبير، وهو ما أتاح للقطريين الفرصة للإلتفات إلى هذا الجانب الجديد من العالم.

الكنيسة القطرية هي أكثر المواضيع التي ناقشها الشباب القطريين عبر مدوناتهم، الكثير من الآراء احدثتها النقاشات، والعديد من وجهات النظر خرجت من هذه الصفحات إلى أعمدة الصحف اليومية القطرية، هناك ايضًا الإهتمامات الرياضية والقضايا المتعلقة بتجنيس اللاعبين الأجانب، ومدى جدوى هذه الظاهرة الجديدة في الوسط القطري الصغير، والوسط الخليجي الكبير.

اهتمام المدونين بالواقع الذي يعيشونه وتناولهم للكثير من القضايا السياسية او الاجتماعية او الخدماتية وتركيزهم على المسائل الشخصية فانه يمكن القول إن المدونات القطرية وصلت الى حد تشكيل ظاهرة اعلامية
لا يوجد «بلوغرز» في عُمان

لا يزال أغلب العمانيون يفضلون غرف المحادثة على صفاحات التدوين، الشباب هناك يتساءل كيف تضع خصوصيتك وتكشفها على شبكة عالمية، في وقت تسعى فيه لتحمي هذه الخصوصية من سلطات الرقابة الرسمية المتعددة، ربما كان هذا السبب في عدم انصياع العمانيون لموضة التدوين.

مجتمع التدوين في الخليج، يبشر بتعاليمه..

معظم المدونين الأوائل سئموا من المنتديات، لم تعد تقدم لهم الجديد، وأصبحت تكرر نفسها كثيرًا. آخرون رؤوا أن سقف الحرية أخذ بالانخفاض، وأصبح تبعًا لهوى صاحب الموقع، أو المشرف عليه، يحجب ما يحجب، ويعدل ما يخالفه، ويوافق حسب قرابة الكاتب منه. يقول أحدهم: ”لذا كان الاتجاه للتدوين اتجاهًا إجباريًا“!
عدد من المدونين يضعون استفتاءات في مدوناتهم، تحمل مواضيع شتى، إلا أن من اللافت تكرر سؤال يحمل مغزى (هل لديك مدونة؟ وأن كانت الإجابة ب لا، فهل تنوي افتتاح واحدة؟)، هذا السؤال، ليس حكرًا على الاستفتاءات، بل إن عددًا كبيرًا من المدونين يدعوون صراحة إلى نشر ثقافة التدوين بين مستخدمي الأنترنت، حتى قال أحدهم أرجو أن يأتي اليوم الذي يكون لكل مستخدم إنترنت بريد إلكتروني ومدونة!

هذا (التبشير) الذي يحمل المدونون هم تبليغه ونشره، يعزونه إلى أسباب ومبررات مختلفة، أهمها رغبتهم في حرية التعبير، وتنويع مصادر المعلومات، وحتى مجرد الارتقاء بالحس الصحافي واللغوي الذي يميز المدون عن كتاب المنتديات.

من الضابط، وأين الضوابط؟

السؤال الذي يردده أكثر العامة عن المدونين، والتدوين: هل هناك ضوابط للتدوين؟ ويجد كثير من المدونين أنفسهم في موقف المدافع عن التدوين، وأنه متهم حتى تثبت براءته، خصوصًا بعد عدد من الاعتقالات، والحجب، والمنع في بلدان عربية شتى.. يرد أحد المدونين: لسنا بحاجة إلى ضوابط توضع لنا، إننا ندون منذ زمن طويل، ولم نحتج إلى لائحة تخبرنا بنودها ما الذي علينا الالتزام به، وما علينا تجنبه، لقد صنعنا ضوابطنا باتفاق مع ضمائرنا وأعتقد أننا نجحنا في ذلك!

آخر يقول: ما تحمله المنتديات أشد هولاً مما ندونه، نحن ملتزمون أمام أنفسنا لأننا غالبًا ما نكتب بأسماء صريحة، ويسهل تتبعنا في حال مخالفتنا، أما أعضاء المنتديات فإنهم يختفون بطرق تقنية عديدة، تصعب من مهمة ملاحقتهم.

أين الصحافة والنشر؟

رغم اكتساح التدوين لكثير من صفحات الصحافة التقليدية، و انتقل إلى مرحلة النشر الورقي في العديد من البلدان؛ فإن التدوين لم يحظ بالاهتمام الصحفي والإعلامي الذي لقيته الظاهرة في أماكن وبلدان أخرى، ويكاد أن يكون مجهولاً أو (متجاهلاً) إلا من قليل من التغطيات الضعيفة، والبرامج غير المتخصصة، أو التي لا يعرف المعد ما هي حقيقة التدوين، ولا آليته.

يشكل التدوين الآن مصطلحًا جديدًا اسمه (الإعلام الجديد)، يبشر بظهور صحافة جديدة، لا تعتمد على الجهات الرسمية، ولا على أجندات ذوي الأرصدة المالية الكبيرة. الآن تعتبر المدونات أهم اختراع إلكتروني بعد البريد الإلكتروني في نظر بعض الباحثين، الذين يجدون أنها استطاعت التأثير والتغيير، بشكل لا مثيل ولا سابق له، فحتى متى سيصمد؟ وهل سيحمل لنا المستقبل ما يجعل التدوين حكاية تاريخية، وأثرًا بعد عين؟

GMT 13:00:00 2008 الإثنين 31 مارس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.