ما تكريش دارك بالكلمة، معلومات مهمة لا تفوّتها !    البناء دون رخصة: نحو تقنين خطايا تتراوح بين 35 و700 دينار للمتر المربع    طوابع بريدية جديدة تُكرّم محميات تونس الطبيعية    الكرة الطائرة – كأس العالم للسيدات تحت 19 سنة: على أي قناة وفي أي وقت يمكنك مشاهدة مباراة تونس والشيلي ؟    للتوانسة بالخارج : فلوسك تنجم تتحجز في المطار إذا ما صرّحتش بالعملة ...تفاصيل    رد بالك من البحر نهار الثلاثاء والخميس! عامر بحبّة يحذّر من اضطرابات جوية مفاجئة    جريمة مروعة/ اكتشف علاقتهما فقاما بقتله: امرأة تنهي حياة زوجها بمساعدة عشيقها..    الشركة الجهوية للنقل بنابل.. برمجة عدة سفرات على مستوى الخطوط نحو الشواطئ (وثائق)    كي تخدم الكليماتيزور في 16 درجة: تعرفش قداه تستهلك ضوء؟    اعتقالات في سوريا تطال عناصر مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني    إنقاذ 20 مهاجرا غير شرعي قبالة هذه السواحل..#خبر_عاجل    لمواجهة الحرّ: 2 مليون ''كليماتيزور'' في تونس    عاجل/ في قضية قرض بنكي: القضاء يصدر حكما بالسجن ضد هؤلاء..    الترجي الرياضي: اليوم إستئناف التحضيرات ... إستعدادا لقادم الإستحقاقات    النادي الإفريقي: تعيين «الجنرال» مديرا جديدا للحديقة    بطولة ويمبلدون للتنس - ألكاراز يتأهل لربع النهائي    نصف نهائي كأس العالم للأندية : التوقيت و القنوات الناقلة    عاجل/ شلل تام في حركة المرور: احتجاجات وقطع لهذه الطريق..    جندوبة: مندوبية التنمية الفلاحيّة تتفاعل مع الشروق أون لاين    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل"الشروق أون لاين": برنامج خصوصي للمراقبة وكافّة المواد الأساسية متوفّرة    انطلاق التسجيل في خدمة الحصول على نتائج التوجيه الجامعي للمترشحين لدورة المتفوقين    شواطئ مغلقة بسبب ما راج عن موجة الحر: عبد الرزاق الرحال يكشف..    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    فيبالك.. الي البطيخ في الصيف يولي دواء    من غير كليماتيزور ولا مروحة : الطريقة هاذي باش تخليك تبرد دارك،ب0 مليم!    ما تخليش السخانة تغلبك... حيل بسيطة باش تتغلب عليها    كاس العالم للاندية : مبابي لم يلحق ببعثة ريال مدريد إلى ميامي بسبب اختبار المنشطات    عاجل/ هذه حقيقة تعرض البريد التونسي إلى اختراقات سيبرنية..    عملية سطو ب"سيناريو هوليودي" في ماطر: الأمن يسترجع مجوهرات بقيمة نصف مليار بعد تتبّع دقيق دام شهرين    البطولة العربية لكرة السلة للسيدات: المنتخب الوطني يبلغ النهائي    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    نفوق دلفين في شاطئ حمّام الأنف يثير القلق حول تلوّث المياه وغياب الحوكمة البيئية    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    محرز الغنوشي: ''الشهيلي حاضر والحرارة فوق العادة.. ردّوا بالكم من الشمس وقت الذروة''    موجة حر قوية تضرب اليونان    أسد يهاجم امرأة في حديقة للحيوان بأستراليا (فيديو)    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات "تكساس هيل كنتري" إلى 82 قتيلاً    بسبب تصريح "يرقى إلى جريمة إهانة الرئيس".. النيابة تحقق مجددا مع زعيم المعارضة التركية    ارتفاع ترتفع درجات الحرارة يوم غد الاثنين: المعهد الوطني للرصد الجوي يوضح    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    غابت عنها البرمجة الصيفية ...تلفزاتنا خارج الخدمة    حدث غير حياتي : قيس الصالحي: مرضي لم يهزمني .. وتحديته بفضل الكاميرا والتصوير    الفنانة نبيلة عبيد تستغيث بوزير الثقافة المصري: 'أودي تاريخي فين؟'    وائل كفوري يثير الجدل بصورة من حفل زفافه ويعلن نشر فيديو الزواج قريبًا.. فما القصة؟!    صحتك في الصيف: المشروبات الباردة والحلويّات: عادات غذائية صيفية «تُدمّر» الفمّ والأسنان !    وزارة النقل: إجراءات لتسريع إنجاز مشروع ميناء المياه العميقة بالنفيضة    أكثر من 95 ألف جزائري عبروا الحدود نحو تونس خلال جوان: انتعاشة واعدة في جندوبة مع انطلاق الموسم السياحي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني"    181 ألف شاب ينتفعون ببرنامج صيفي جديد لمكافحة الإدمان    عادل إمام يتوسط عائلته في صورة نادرة بعد غياب طويل بمناسبة عقد قران حفيده    نوردو ... رحلة فنان لم يفقد البوصلة    ديوان الحبوب: الكمّيات المجمّعة من الحبوب تصل إلى حوالي 9,292 ملايين قنطار حتى 4 جويلية 2025    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    بالمرصاد : لنعوّض رجم الشيطان برجم خونة الوطن    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر وأفكار بين نازك الملائكة و الفاروق
نشر في الوسط التونسية يوم 29 - 06 - 2007


*
بعد هبوط حاد في الدورة الدموية التي لم تقاوم سنوات اليأس و الغربة و الألم ,و بعد المنفى الاختياري أو القهري بمصر منذ سنة 1990 ;فاضت الروح إلى ربها راضية مرضية و وريت التراب بالقاهرة هذا الخمس 22 جوان من نهاية الأسبوع الماضي الأديبة و الشاعرة نازك الملائكة عن عمر يتاهز 84 سنة ,و قد كان مولدها ببغداد سنة 1923 من أسرة محافظة و متعلمة ورثت عنها الكثير من التواضع حسبما ظهر في كثير من سلوكاتها و في تفاصيل حياتها التي كانت بعيدة عن المتعة التي أضحت اليوم الدين الجديد من جيل المبدعين المزيفين ,وأسمح لنفسي أن أصف هذه الطينة بلقطاء الإبداع من الذين يكثرون الضجيج من حولهم حتى يلتفت إليهم و تسوق سيرتهم في كل مكان و يذكرون على طرف كل لسان لأن من وراء ذلك منافع كثيرة بالتأكيد ليست في خدمة قضايا الوطن و الأمة بل على حساب ثوابته و قيمه, كما هو الحال مع ياسمينة خضره و آسيا جبار و غيرهما من ذكر و أنثى دون أن أنتقص من إبداعات أي كان فهذا ليس من مهمتي.
إلى غاية هذه الأيام التي نقلت لنا نبأ وفاة نازك الشاعرة المتحررة من تقاليد الشعر الكلاسيكي منذ صدور ديوانها "عاشق الليل" سنة 1947 كنت أعتقد أنها لم تعد من عالم الشهادة و قد كان نفس الانطباع لدى العديد من متتبعي الشأن الأدبي ممن قرأت لهم في العديد من الصحف الدولية , و إن كنت لا أحسب نفسي أحدهم لاشتغالي أصلا بالسياسة التي أحاول أن ألقحها من حين لآخر بالأشياء الجميلة حتى لا تبقى بالنسبة للذين فقدوا الثقة في أصحابها شيئا مخيفا .
و على كل حال,كم هو الأمر صعب و قاسي أن تعد من عالم الأموات و أنت حي ترزق, و لكن لا ضير قد يكون في الأمر خير كثير لا نعلم حكمته .وقد ينطبق هذا على كثير من خلق الله ,و في مواقف و صور مختلفة كما قال تعالى في حق طائفة من الشرفاء الذي رضوا بحالهم الذي ارتضاه الله لهم و ما كتب لهم من رزق دون طمع و مذلة لأحد " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" فهكذا يكون العظماء و هم يتكلمون و هم صامتون و هم معنا فوق التراب و هم بين يدي الملائكة تحت التراب.
كثيرا ما كان يثار في نفسي الفضول حول الاسم الذي كانت تحمله شاعرتنا ,إلى أن اطلعت على بعض المصادر التي كفتني عناء السؤال ,و لا باس أن أنقل ذلك للقارئ لعله يتقاسم معي هذا الفضول الجميل، فالملائكة راجع للهدوء و السكون الذي كان يسود بيت أهلها أما اختيار الإسم التركي نازك كونها ولدت عقب الثورة التي قادتها الثائرة السورية " نازك العابد" على السلطات الفرنسية ,و كانت الصحف آنذاك تطفح بأنبائها فرأى جد الطفلة أن تسمى نازك إكراما للثائرة و تيمنا بها ,و قال " ستكون ابنتنا نازك مشهورة كنازك العابد إن شاء الله" ,و لكن أي شهرة حققتها الراحلة إلى جنب ما حققته نانسي عجرم و أليسا و وهيفاء وهبي و روبي و ما تعمل على تحقيقه هذه الأيام بعض الأقلام و بأي ثمن من مثل صاحبة"اكتشاف الشهوة" فضيلة الفاروق الشاوية المقيمة ببيروت ,و التي كانت من ضيوف الملتقى الدولي الأول للأدباء العرب في المهجر الذي دامت أشغاله من 24 إلى 28 جوان بالمكتبة الوطنية ,و قد حرصت على متابعته ما استطعت إلى ذلك سبيلا ,و كم كان الأمر مقززا و أنا استمع للمداخلة التي تفظلت بها الروائية و التي مكنتني اكتشاف أنها لا زالت تتمتع ب"مزاج مراهقة" تعاني الأرق ,و بالخصوص عندما تصرح ب" أنها غير راضية على جسدها لأنها لم تختره و من أنها منزعجة من هذا المجتمع أي المجتمع الجزائري لأنها لم تختره , " فكان تعليقي على هذا الكلام السمج عبارة عن استفهام لم أجد له جوابا و ذلك لأن مسير الجلسة الأستاذ الجراح الذي لم بكن مجاملا لأحد أوقف الفاروق على المتابعة في الحديث لأنها انحرفت عن الموضوع المخصص للنقاش الذي تحول إلى تسوية حسابات مع السلطة و المجتمع المحافظ ,و لو لا تدخل ضابط إيقاع الملتقى الدكتور الزاوي لانتهت الجلسة بما لا تشتهي الحكمة للحساسية المفرطة التي ظهرت عليها الفاروق أمام كل من يقابلها برأي مخالف إلى حد أنها همت بمغادرة القاعة كأي صبية نزعت من بين أيديها دمية تسليها.
أعود فأقول كان تعقيبي أن من حق فضيلة أن تنزعج من جسدها ربما لأنه لم يكن من الجمال الذي يشبع غرورها و بالخصوص و هي تقيم بين حسنوات بيروت و هذا ليس تجن مني, بل قد اعترفت في أكثر من مناسبة من أن شكلها يشكل لها قلقا ، ربما إلى حد أن دفعها ذلك إلى متابعة طبيب للأمراض العصبية ، هذا من جهة و من جهة أخرى لا يمكن أن نفهم ما الذي يزعجها في هذا المجتمع ؟ هل هو هيمنة الأصولية كما تدعي إلى حد معارضتها لميثاق السلم و المصالحة الوطنية الذي لم يكن عادلا حسب تحليلها و تقييمها للأوضاع ؟ ,هل هو خوفها من التحرش الجنسي و هي ليست من الفتنة التي تغري سوى اكتنازها بالشحم و اللحم و هذا أضحى متوفرا إلى حد التخمة في شوارعنا؟ , و يا ليت الأمر توقف عند هذا الحد بل اشتكت صاحبتنا من الحقرة في الجزائر ربما لأنها لا تعامل كسيدة من الدرجة الأولى كما تحب ,و هي التي لا تأتيها إلا زائرة لبضعة أيام بعدما اختارت الإقامة إلى جنب المجنمعات المخملية و نسيت أو تناست أنها أوفر حضا من غيرها من عالم الرجال و النساء معا في الجزائر و في غيرها من الأوطان.
إذا كان الأديب عز الدين ميهوبي قد أوجد مقاربة تكاد تكون صوفية بين نازك و جميلة بوحيرد في" أنهما تتشابهان في الصمت المقدس حتى يحتفظن بذلك التوهج الآسر و الحب الكبير في وجدان الناس" , فلقد اهتديت من جانبي إلى مفارقة بين نازك و فضيلة ,وهي : أن الأولى كانت تحمل قضية و غادرتنا و بلادها العراق يتمزق و أهله يموتون كل دقيقة ,دون أن تسمح لها ظروفها من أن تلتفت لجسدها الذي لم يزعجها رغم افتقاده للحسن , أما فضيلة فهي تختلق لنفسها قضايا وهمية كأن ترمي مجتمعنا بأنه معقد جنسيا ,لا تستطيع فيه المرأة التمتع بزينتها لافتقاد الأمن ,و من أن العربية في الجزائر هي قرار سياسي تورط فيه المرحوم بومدين ,و تدعي أنها إذا نطقت بكلمة بالشاوية تحرك المعربون رعبا ..
هذا و أعود بكم إلى ما كتبته في إحدى الصحف سنة 2004 ,حين أبدت أسفها و هي تتحدث عن والدها الذي استشهد في الثورة الجزائرية فتقول ".. كان من أول أطباء الثورة و استشهد في سبيل الوطن بطريقة مأساوية جدا ,حيث ألقي به حيا من على الطائرة ,و مع هذا لقد كافأنا الوطن بالتهميش و اللامبالات" ,و في هذا المقام يحظرني الصمت المقدس الذي تحلت به المجاهدة البطلة بوحيرد كما أشار ميهوبي ,و لا نملك إلا أن نقول رحم الله نازك و بوحيرد في الدنيا و الآخرة و نسأل الله لفضيلة الهداية ...
إن الخوف كل الخوف أن يتحول معشر المهاجرين كتابا مبدعبن كانوا أو مفكرين أو سياسيين أو حتى فنانين إلى مشروع جاهز في يد الآخر لتسويق نماذج غريبة عن حضارتنا و عن هويتنا تحت غطاء الإصلاح المزعوم ,لأن الدهشة لازالت ترافقنا منذ الطهطاوي إلى سعد الدين ابراهيم , حيث لابد من وضع الأمن القومي للبلاد فوق كل اعتبار و لاسيما لدى مزدوجي الجنسية .
29 جوان 2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.