اليوم: نشر القائمة الإسمية للمتحصلين على رخصة "تاكسي فردي" بهذه الولاية..#خبر_عاجل    أستاذة تبات قدّام الجامع والفايسبوك مقلوب: شنوّة الحكاية؟    بداية من اليوم: تحويل حركة المرور في اتّجاه المروج والحمامات    قبل ما تشري عقار: 3 حاجات لازم تعرفهم    صحفي قناة الحوار التونسي يوضح للمغاربة حقيقة تصريحاته السابقة    عاجل/ الطبوبي يراسل عميد المحامين السابق..وهذه التفاصيل..    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    نيجيريا: قتلى وجرحى في هجوم على مسجد    قرار لم يكن صدفة: لماذا اختار لوكا زيدان اللعب للجزائر؟    كأس إفريقيا 2025: شوف شكون تصدر في كل مجموعة بعد الجولة الأولى    فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    عاجل : وفاة لاعب كرة قدم وسط مباراة رسمية ...تفاصيل صادمة    عاجل/ منخفض جوّي يصل تونس غدًا.. وأمطار تشمل هذه الولايات..    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    مصر.. دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد    علاش ترتفع ال Tension في الشتاء؟ وكيفاش تحمي قلبك؟    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    عاجل: توافد حالات على قسم الإنعاش بسبب ال GRIPPE    ويتكوف يكشف موعد المرحلة الثانية من اتفاق غزة    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) برنامج مقابلات غدا الجمعة    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    بعد حادثة ريهام عبد الغفور.. نقابة المهن التمثيلية تعلن الحرب على مستهدفي نجوم مصر    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    الفنيون يتحدّثون ل «الشروق» عن فوز المنتخب .. بداية واعدة.. الامتياز للمجبري والسّخيري والقادم أصعب    تحت شعار «إهدي تونسي» 50 حرفيّا يؤثّثون أروقة معرض هدايا آخر السنة    فاطمة المسدي تنفي توجيه مراسلة لرئيس الجمهورية في شكل وشاية بزميلها أحمد السعيداني    قيرواني .. نعم    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    عاجل : وفاة الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    من الاستِشْراق إلى الاستِعْراب: الحالة الإيطالية    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    كأس أمم إفريقيا: الجامعة تكشف عن الحالة الصحية للمهاجم "حازم المستوري"    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساحة للاختلاف مع الشيخ الغنوشي : نعم هناك فرصة للنموذج التركي في العالم العربي

"ليس من فرصة في ظل أوضاع الهيمنة الدولية القائمة والاستبداد الخادم لها لظهور أردوغان عربي، فليطمئن البعض، ولا يحاول البعض الآخر", بمثل هذه المقولة المتشائمة ختم الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية مقاله المنشور قبل يومين على موقع الجزيرة نت , ولقد وددت من خلال التأمل فيما أورده فيه من أطروحات ومن خلال النظر فيما أدلى به من مقولات متعلقة على شاشة الحوار اللندنية ..,وددت الوقوف في حوار هادئ على جملة من الأفكار غفل عنها سهوا ونسيانا أو سياسة وصناعة فكرية تقتضيها متطلبات وضع حزبي .
ابتداء أود الاشارة الى أن الهدف من المقال أو المبحث ليس خصاميا يعشق الخلاف بقدر ماأنه رغبة جامحة في تطوير الحوار والارتقاء به الى درجات الجدوى التي ترنو الى مراتب النهوض بواقعنا العربي العام .
وبالخوض مباشرة في وجهة نظر الأستاذ راشد الغنوشي التي قدمت بها للمقال فانني أقف على حقيقة صعوبة الظرف الدولي واتسام كثير من مفاصله بالهيمنة والتدخل في شؤون المنطقة العربية , كما وجود بعض النظم العربية الخادمة لهذا الاختلال في الساحة الدولية سواء عبر الرضوخ لجملة من الاكراهات التي تمليها السياسة الخارجية أو بممارسة الانغلاق السياسي الداخلي الذي يصل الى حد الغاء فسحة مقبولة من المشاركة السياسية .
غير أن جوهر الخلاف بيني وبين الأستاذ الغنوشي فيما يتعلق بهذه النقطة أساسا يكمن في تغييب هذا المعطي عن الساحة التركية , أي بعبارة أخرى في تغييب نفس هذا المعطي بالنسبة للشأن الداخلي أو الخارجي في السياسة التركية ...
ان الهيمنة المتحدث عنها في المقال المذكور أو المشار اليها في برنامج تأملات في الدين والسياسة على شاشة الحوار الفضائية الغراء , هيمنة متمحورة ضد مصالح العالم العربي فقط ,وهو مايفهم من كلام الشيخ الغنوشي سواء من خلال اللفظ الصريح أو من خلال التأمل في سياقات التحليل التي أرادت اقناع القارئ والمشاهد العربي , أن مايحول بيننا وبين التجربة الديمقراطية عربيا هو عامل الاستبداد الداخلي المسنود بعوامل دولية هيمنية خارجية .
وجه الاعتراض هنا هو الاتي :
هل يمكن استثناء تركيا شعبا ودولة وهي التي قادت العالم العربي والاسلامي يوما ما وعلى مدار خمسة قرون , من مثل هذا التدخل الخارجي ومن مثل هذا العامل الدولي المتصف بالهيمنة والتدخل في شؤون المنطقة ؟
أعتقد أن الجواب واضح لدى كل المتابعين لشؤون الساحة والمنطقة , حيث تخضع تركيا مثل بقية بلدان منطقة الهلال الاسلامي الى ضغط خارجي في الكثير من القضايا الداخلية والخارجية بما في ذلك تجربتها الديمقراطية , وهو ماجعل الغرب يضع كل ثقته في المؤسسة العسكرية وكل القوى العلمانية الراديكالية التي ساهمت في تعطيل قطار أربكان وازاحة مشروعه الاقتصادي الذي هدف الى انشاء السوق الاسلامية المشتركة والى تأسيس عملة اسلامية موحدة , أي بعبارة أخرى الاتجاه بمصالح تركيا شرقا عوض ترسيخ علاقاتها الدولية مع محور الاتحاد الأوروبي .
ان هناك فارقا كبيرا بين طروحات حزب الرفاه الذي استلم السلطة قبل سنوات في تحالف مع سيدة تركيا تانسو تشيلر , وبين حزب العدالة والتنمية الذي مارس مراجعة نقدية وسياسية أبعدته عن طروحات نجم الدين أربكان الذي أسس حزبا لاحقا حمل تسمية حزب السعادة ولم يحظى الا بثقة 2 فاصل خمسة من الناخبين , في حين استحوذ حزب العدالة والتنمية على نسبة 48 بالمائة من النسبة العامة للمصوتين ...
ماينبغي التذكير به هو أن الخطاب السياسي للهيئات والأحزاب كما ممارستها تلعب دورا كبيرا على مستوى العالم أجمع شرقه وغربه , في تقريب هذه الفضاءات من الجمهور ومراكز صناعة القرار , أو على العكس من ذلك فانها تلعب دورا بارزا وسلبيا في تأبيد أزماتها أو اطالة أمد ابتعادها عن السلطة التي تعد خادما للمصالح الشعبية وتجسيدا للتطلعات النخبوية وتوافقا ذكيا بين المصالح القطرية ونظيرتها الدولية .
لقد تحدث أربكان في حملته الانتخابية الأخيرة بلغة دينية تقترب الى التكفير فأقصته الجماهير , وكان ذلك حين صرح قبل أسابيع بأن من صوت الى تيار العدالة والتنمية فقد اقتطع تذكرة الى جهنم , في حين اجتهد الأساتذة غول وأوردوغان على انتقاء قوائم المرشحين بعناية قصوى قدما فيها الكفاءة والقدرة والتكنوقراطية والتميز المعرفي والاداري على بقية الاعتبارات ...
لقد تعلم أوردوغان من حملته الانتخابية حين ترشح لرئاسة المجلس البلدي بمدينة اسطنبول , ولذلك فانه خرج من السجن بعد اشهر ليحاذر من موضوعات يدرك أنها تثير مخاوف وقلق المؤسسة العسكرية , فلا تطرق بعدها الى الماذن ولا الى أمجاد الدولة العثمانية , بل قدم نفسه للعالم على أنه حزب محافظ وديمقراطي على شاكلة واحد من الأحزاب البريطانية الحاكمة ...
أما عن التيار الاسلامي في العالم العربي , فانه في بعض الأقطار لم يتجاوز طور المراهقة السياسية , اذ لايزال قادته وموجهوه يرفضون التعدد في الساحة الاسلامية ويشوشون عليه بكل ماأوتوا من قوة , في حين يبالغ البعض الاخر في توظيف الخطاب الديني بشكل سلبي في الحياة السياسية من خلال اقحام النص المقدس في كل كبيرة وصغيرة مما يضع المجتمع والدولة في مواجهة سلطة روحية ترتفع عن معايير المحاسبة الدنيوية من خلال اشهار سلطة القداسة في مواجهة انتقادات المخالفين ...
الحركة الاسلامية العربية لم تصبر مصابرة التيار الاسلامي في تركيا الذي لم يجنح في تاريخه أبدا الى العنف , بل كان يبدع نضالا سياسيا وتجددا مدنيا عرفته الساحة التركية في العديد من اللافتات والأحزاب التي تشكلت تجربة جديدة بعد كل انقلاب عسكري , بل ان تجربتها في الجزائر قدمت ثورة مسلحة في الجزائر بعد انقلاب العسكر , وغليانا في تونس بعد تغيير الأرقام الرسمية لانتخابات سنة 1989 , ولا تتحدث عن حالات الانفلات التي حصلت للاخوان المسلمين التجربة الأم حيث عجز الشهيد حسن البنا في ضبط بعض العناصر المنضوية صلب الاخوان ضمن كتائب مايسمي بالتنظيم الخاص ...
عموما ان هذا لايبرر اطلاقا حقيقة تصلب كثير من الأنظمة العربية في تعاطيها مع ملف الاسلاميين , واستصحابها لتجارب زمنية قديمة على الواقع المعاصر من خلال اجترار بعض الأخطاء التاريخية للحركة الاسلامية العربية قصد تبرير التفافها على هذه الحركة أو دخولها معها في حالة من القمع غير المبرر ...
ان المقصد من التذكير بأوجه الخلاف بين التجربتين العربية والتركية هو لفت نظر الأستاذ الغنوشي الى خطورة عدم الوقوف على أخطاء الحركة الاسلامية وزعاماتها في مواجهة حالة التراجع الديمقراطي عربيا وحالة الشك التي لفت موضوع الاعتراف بوجود التيار الاسلامي , وهو مايعني أن تعليق ازمة الحركة الاسلامية في كثير من الأقطار العربية على مشجب الهيمنة الدولية والاستبداد الخادم يعد مراوغة سياسية ذكية وحاذقة لايمكن أن تنصف مفاصل الأزمة لا في تونس و لا في غيرها من دول الجوار العربي ...
نعم لنقل بأن هناك استبداد ,ولكنه يبقي بأقدار مختلفة كثيرا بين قطر واخر , وبأن الفضاء الديمقراطي لاينعدم عربيا بشكل اطلاقي , وهو مايعني أن الفضاء الجزائري والمغربي والموريتاني والأردني واليمني والبحريني والكويتي والاماراتي والقطري ..., لايزال متسعا الى كثير من الفعل السياسي الذكي والهادئ , وأن الوضع في بقية الأقطار ومنها التونسي يحتاج الى مراجعة من قبل الأنظمة والمعارضة , اذ لايمكن اعتبار الأزمة في تونس مسؤولية تقصيرية على الحزب الحاكم فقط , بقدر ماأن الحركة الاسلامية في تونس وأقصد النهضة تحديدا قدمت أداء مخيفا وسريعا ومتجاوزا للمراحل , وهو ماجعل الفضاء السياسي والأمني يتداعي الى التهاوي والانقضاض بعد أن افتقد الى كل مؤشرات التطمين التي تبحث عنها النظم السياسية ليس فقط من خلال دلائل التصريح وانما أيضا من خلال دلائل أخرى تتحرى بدقة على مستوى كل أنحاء العالم ...- أقصد موضوعات أمنية صرفة - .
على العموم ماأريده في رسالة واضحة من خلال هذا النص هو أنه يبقى على الحركة الاسلامية العربية ضرورة مراجعة أدائها ومواقفها في شجاعة دون البحث عن مشاجب سياسية تتأسس على الواقع الدولي أو القطري الذي تعودنا على توصيفه السريع والمريح بالاستبداد , هذا مع التذكير بأن استبدادا مماثلا أو أسوأ منه عاشته الحركة الاسلامية في تركيا وحمل بعض قادتها الى أعواد المشانق , غير أن الاجتهاد والعمل الدؤوب والشجاعة في النقد والمراجعة والتطوير والاصرار على المقاومة السلمية المدنية الايجابية رسم طريقا اخر لتركيا غير الذي عرفته الجزائر عندما زيفت الانتخابات ,أو الذي عرفته أقطار أخرى عندما تعطلت الحياة السياسية بحكم اكتساح الأمني لمربعات مدنية .
حرره مرسل الكسيبي يوم السبت , 18 أغسطس 2007- الموافق للخامس من شعبان 1428 ه .
كاتب واعلامي تونسي- رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : [email protected]
راجع مقال الأستاذ راشد الغنوشي المنشور بركن المعرفة على موقع الجزيرة نت بتاريخ 16 أغسطس 2007 والمعنون ب "هل هناك فرصة للنموذج التركي في العالم العربي؟ " :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.