الاستاذ عمر السعداوي المترشح لخطة رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس ل" الشروق اون لاين ".. " ساعمل من أجل هياكل فاعلة تحفظ كرامة و تطور الممارسة اليومية للمهنة"    وزير الداخلية: تونس في مواجهة مُباشرة مع التحدّيات والتهديدات والمخاطر السيبرنية    بن عروس: إدماج حوالي 300 طفل في برنامج "روضتنا في حومتنا" و33 طفلا من ذوي اضطرابات طيف التوحد في مؤسسات رياض الاطفال    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    عاجل/ الأخيرة ضمن الأسطول: السفينة "أنس الشريف" تُبحر باتّجاه غزّة    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    تسجيل تراجع في صابة "الهندي" الأملس    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    إلغاء الإضراب بمعهد صالح عزيز    تونس تحدد مخزون الحليب الطازج المعقم    تحذير صارم: أكثر من 30 مصاب بالاختناق جراء تلوث المنطقة الصناعية في قابس...شفما؟    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    تعرف على الفواكه التي تعزز صحة القلب    قابس: تخرج الدفعة الأولى من المهندسين بالمعهد العالي للاعلامية والملتيميديا    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    جريدة الزمن التونسي    جندوبة الرياضية تتعاقد مع اللاعب بلال العوني    القصرين: مشروع نموذجي للتحكم في مياه السيلان لمجابهة تحديات التغيرات المناخية والشح المائي    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    صدمة في القلعة الكبرى: لدغة ''وشواشة'' تُدخل شابًا قسم الكلى    الرابطة الأولى: إياد بالوافي يمدد عقده مع النادي الصفاقسي    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    ارتفاع الحرارة ليس السبب...النفزاوي يكشف أسرار نقص الدواجن في الأسواق    سفينة "لايف سابورت" الإيطالية تنضم لأسطول الصمود نحو غزة كمراقب وداعم طبي    بشرى سارة للتونسيين: أمطار الخريف تجلب الخير إلى البلاد..وهذا موعدها    اختفاء سباح روسي في مضيق : تفاصيل مؤلمة    المقرونة: أصلها عربي و لا إيطالي؟ اكتشف الحكاية    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    الرابطة الأولى: تشكيلة شبيبة العمران في مواجهة النادي الإفريقي    عاجل: الإدارة الوطنية للتحكيم تجمّد حسام بولعراس مرة أخرى...علاش؟    عاجل..انقطاع الإنترنت والاتصالات وتحذير من توقف الخدمة الصحية في غزة..    الدينار التونسي يتراجع أمام الأورو إلى مستوى 3.4    أكثر من 100 شهيد في مجازر ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة    الحماية المدنية: 597 تدخلا منها 105 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    أسباب غير متوقعة وراء نقص حالات الزواج عند التونسيين    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    الإحتلال يقصف مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    عاجل: طلبة بكالوريا 2025 ادخلوا على تطبيق ''مساري'' لتأكيد التسجيل الجامعي..وهذا رابط التطبيقة    القيروان: النيابة العمومية تأذن بتشريح جثة العرّاف ''سحتوت'' بعد وفاته الغامضة    جريدة الزمن التونسي    لمدة 48 ساعة فقط.. جيش الاحتلال يعلن عن ممر آمن لإخلاء سكان غزة جنوبا    مشاركة تونسية لافتة في الدورة 13 من المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    وفاة روبرت ريدفورد: رحيل أيقونة السينما الأميركية عن 89 عامًا    لأوّل مرة: هند صبري تتحدّث عن والدتها    راغب علامة عن زوجته: لم تحسن اختياري    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مداعبات فكرية وسياسية مع الأستاذ راشد الغنوشي

تحت عنوان "العدالة والتنمية المغربي الى أين ؟" كتب الأستاذ راشد الغنوشي مقالا حلل فيه تطورات المشهد السياسي في المغرب الأقصى وتعرض فيه بالتأمل والنظر الى تجربة الحركة الاسلامية المغربية وعلى رأسها تجربة حزب العدالة والتنمية المغربي .
وبالعودة الى ماورد في النص المذكور والمنشور يوم أمس الرابع من سبتمبر على موقع الجزيرة نت فقد لفت نظري موضوعان وجدتهما جديران بالتعليق والتأمل .

أورد الأستاذ الغنوشي في مقاله انف الذكر مايلي من المعطيات وهو مااستوجب التصحيح والمراجعة في مايخص الوضع القانوني لواحد من التيارات الاسلامية المعتدلة الناشطة بالساحة المغربية :
"انحسرت أرض المغرب بعد نصف قرن من تداول نخب علمانية حديثة على الحكم عن فيض من الجماعات الإسلامية تغطي طيف الألوان الإسلامية كلها، بدءا بالتدين الرسمي بطبقته العلمائية والمؤسسات الدينية الضخمة، وانتهاء بالجماعات السلفية الجهادية الواسعة الانتشار وبالخصوص في أحزمة البؤس، مرورا بالجماعات الصوفية الكثيفة، وصولا إلى جماعات الحركة الإسلامية "الإسلام السياسي" على اختلاف إيقاعاته: العدل والإحسان -أكبرها فيما يبدو- رغم رفضها الانخراط في مربع العملية السياسية كما حدده بدقة وحزم الماسك بخيوط اللعبة: الملك، ثم "التوحيد والإصلاح" الراعي لحزب "العدالة والتنمية" موضوع حديثنا ثم البديل الحضاري وهو حزب إسلامي آخر معترف به، ثم حزب النهضة وحزب الأمة: وهما حزبان مرشحان للاعتراف".
ان ماورد في الجملة الأخيرة بخصوص حزب النهضة يفتقد الى الدقة , ولاسيما اذا ماقصد بالذكر حزب النهضة والفضيلة حيث أن الأستاذ محمد خليدي والأستاذ عبد البارئ الزمزمي يقودان تيارا يحظى بالشرعية القانونية وهو من بين الأحزاب الثلاثة والثلاثين المشاركة هذه الأيام في تحضيرات الاستحقاق التشريعي , وقد نشأ حزبهما على اثر خلاف في تولي المسؤوليات داخل قيادة حزب العدالة والتنمية وهو مايبدو أنه تطور الى خلاف في الرؤية السياسية برغم التقارب الكبير في الأفكار والتصورات والمرجعية الاسلامية المعتدلة , مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأستاذ الفاضل محمد خليدي الذي يترأس الحزب له قدرة سياسية وتنظيمية تجعله قادرا على مزاحمة فعلية لحزب العدالة اذا ماتوفرت العوامل الاعلامية والمادية الداعمة في أي حملة انتخابية .
أما عن الأستاذ الزمزمي الرجل الثاني في الحزب ,وان كان هو الاخر يمثل رمزا منشقا عن حزب العدالة والتنمية ويعرف بالتصاقه بأدبيات الخطاب الاسلامي النصي فانه يؤخذ عليه كثرة توظيف الخطاب الديني في حملته الانتخابية .
وجدير بالذكر أن حزب النهضة والفضيلة في المغرب الأقصى حزب حديث النشأة ولم تمض على عملية تشكله أكثر من سنتين , وقد عقد مؤتمره الأخير في شهر ماي المنقضي وقد تشرفت بتلقي دعوة لحضور مؤتمره من قبل رئيسه الأستاذ محمد خليدي .
أما عن اصدارات النهضة والفضيلة الاعلامية فانه يقوم على توزيع وتحرير صحيفة أسبوعية تحمل مسمى العصر وهي صحيفة على غاية من الاتقان والجرأة والجمالية في الاخراج , وقد وزعت الى حد الأسابيع الأخيرة عددها 365 وهو اخر الأعداد التي اطلعت عليها جزئيا .
الملاحظ أيضا أن القناة المغربية الثانية M2 قامت بتغطية أشغال مؤتمر الحزب وحملته الانتخابية التي اتصفت بكثير من الانضباط والتنسيق والقدرة على ادارة الحملة اعلاميا .
وللتعريف السريع الذي أختم به توضيحي الأول فان الشعار المركزي للحزب هو الشمس مع خلفية زرقاء تغطي صورة كافة مساحة الشعار لولا اشراقة ذهبية أو صفراء في شكل أشعة شمسية تتخلل الفضاء الأزرق .
طرح الأستاذ الغنوشي في نهاية مقاله تساؤلا تشتم منه رائحة التردد في حسم فضائل المشاركة السياسية لدى الاسلاميين , وان كان سياق الخطاب بدى مستحسنا في جزئه الأول لخيار المشاركة وهو مابدى وكأنه تراجع عن موقف سابق لم يتفاءل تجاه امكانية التأسيس لتجربة عدالة وتنمية في المنطقة العربية , وذلك حين أمعن في الحديث عن تصدي الاستبداد الداخلي والهيمنة الخارجية للمشروع الاسلامي في المنطقة العربية , وهو مانقدته بتاريخ 18 أغسطس في مقال خاص نشرته على الوسط التونسية http://www.tunisalwasat.com وقد حمل عنوان "مساحة للاختلاف مع الشيخ الغنوشي : نعم هناك فرصة للنموذج التركي في العالم العربي" .
وحتى لانحاكم رؤية الأستاذ الغنوشي المترددة في حسم خيار المشاركة وفضائلها عربيا , فاننا ننقل للقارئ مانشر له يوم أمس على الجزيرة نت :
"ولكن ألا تمثل المشاركة خدمة للمشروع الثقافي الإسلامي، ولتيار الاعتدال الإسلامي على كل الصعد في زمن تشتد فيه الوطأة عليه وعلى جماعاته، وحدا من وتيرة النهب والفساد في الداخل؟ ألا يكون ذلك انتصارا ودعما لخيار التعامل الإيجابي مع الوسطية الإسلامية بديلا عن خيار الحل الأمني الذي راهنت ولا تزال عليه أنظمة عربية استئصالية، وإستراتيجية صهيونية ثابتة وحلفاؤها المحافظون واللبراليون الجدد وكل قوى الاستئصال.
ألا يرجح ذلك خيار المشاركة على سلبياته؟ في المسألة نظر. والله ولي التوفيق. "
ان الجواب الوارد في قفلة المقال عبر ألفاظ : في المسألة نظر من شأنه أن يوحي أن كل ماأورد من حجج ايجابية في فضائل المشاركة في الجمل السابقة من شأنه هو الاخر أن يخضع لنقاش وحوار يبدو أنه لم يحسم نهائيا لدى التيارات الاسلامية العربية والتي يمثل الأستاذ الغنوشي واحدا من قياداتها المركزية .
اذا كان خيار المشاركة الاسلامية في المنطقة العربية قابلا للنظر , فهل يعني هذا الركون مجددا الى خيار المغالبة الذي ضيع اجيالا من أبناء الحركة الاسلامية وطاقاتها المادية ؟ , أم أن المقصود هو الانضواء تحت مظلة التيارات المدنية المقاومة كما تحدث عن ذلك صوت معروف بالتصاقه من طروحات الشيخ الغنوشي وهو الأستاذ ياسر الزعاترة ؟, بما يعنيه ذلك من خلط وتصنيف نموذجي خاطئ لفروق الأوضاع السياسية في المنطقة العربية , حيث أن أوضاع المنطقة الخليجية مثلا هي غير الأوضاع المغاربية والأوضاع في المنطقة المغاربية نفسها تختلف بحسب الخصوصيات القطرية .
يبدو أن الكلمات الأخيرة تطرح ايضا اشكالا قياديا رؤيويا داخل حركة النهضة التونسية التي يترأسها الأستاذ الغنوشي , حيث أن الوضع السياسي بالبلاد بدى يلقي بظلاله في شكل خلافات حادة تشق الرأي والتصور القيادي , فبين مؤمن بتطبيع العلاقات مع السلطة وفك حالة الاشتباك السياسي الحاد معها وبين مؤمن بالانضواء تحت مظلة الفضاء المعارض الممثل في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وهو مايعني مواصلة الخيار النقدي الحاد والانخراط في عمل سياسي جبهوي .
أما بالنسبة لما يكرره الأستاذ راشد الغنوشي في نصوصه السياسية والفكرية بخصوص الهيمنة الخارجية على المنطقة ومناوئتها للمشروع الاسلامي , وتعمده تفصيل ذلك ذكرا وتحديدا لمعالم هذه الهيمنة من خلال قوله "ألا يكون ذلك انتصارا ودعما لخيار التعامل الإيجابي مع الوسطية الإسلامية بديلا عن خيار الحل الأمني الذي راهنت ولا تزال عليه أنظمة عربية استئصالية، وإستراتيجية صهيونية ثابتة وحلفاؤها المحافظون واللبراليون الجدد وكل قوى الاستئصال" , فانني أظن أن الحكمة السياسية تقتضي التفريق بين مايكتبه المفكرون المتحررون من المهام الحزبية السياسية وبين مايكتبه قادة الأحزاب , حيث أن تدقيق ذكر الخصوم الخارجيين والخلط غير الدقيق بين رؤاهم السياسية في مساواة بين الصهاينة والمحافظين والليبراليين الجدد الذين اختلفت تقديراتهم في موضوع التعاطي مع الظاهرة الاسلامية العربية , ان ذلك لمن معقدات ومشعبات وضع حركة النهضة على مستوى العلاقات الدولية الطبيعية مع القوى المؤثرة في مصير المنطقة , وهو مايتناقض تحقيقا ونظرا مع محصلة تجربتي حزب العدالة والتنمية في كل من المغرب الأقصى وتركيا حيث يتمتع هذان الحزبان بعلاقات قوية مع الأوساط الدولية في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية أين يصنع عادة الفيتو او الترحيب بأي تجربة اسلامية , وأظن أن المحافظين والليبراليين الجدد هم عمود فقري قوي في صناعة محاور هذا الترحيب أو الرفض الخارجي لتجربة حركة النهضة التونسية .
حرره مرسل الكسيبي* بتاريخ 5 سبتمبر 2007-23 شعبان 1428 ه .

*كاتب واعلامي تونسي- رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.