استنكر مسلمو السويد ما أقدمت عليه صحيفة "نيريكيس أليهاندا" المحلية مؤخرا بنشر رسوم مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته على رغبتهم في معالجة هذه الأزمة داخل السويد، وعدم تصديرها للخارج كما حدث مع أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة في الدنمارك. وينظم المسلمون في مدينة أوريبرو مظاهرة احتجاج على هذه الرسومات يوم الجمعة المقبل، وسط دعوات من قادة الأقلية المسلمة أن تبقى سلمية. ونشرت صحيفة "نيريكيس أليهاندا" -وهي صحيفة سويدية محلية تصدر في أوريبرو- رسومات مسيئة تصور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في أشكال مهينة بعددها الصادر الأحد الماضي؛ ما أثار موجة احتجاجات محلية من جانب الأقلية الإسلامية. وأدانت الرابطة الإسلامية بالسويد نشر هذه الرسوم، وقال محمد الخلفي رئيس الرابطة ل"إسلام أون لاين.نت" اليوم الأربعاء: "نستنكر ما قامت به الصحيفة، لكننا لا نريد تضخيم القضية، فهذه صحيفة مغمورة في مدينة صغيرة تسعى فقط للشهرة باستفزاز المسلمين". وشدد الخلفي على أن أهمية عدم تصدير القضية للخارج، مضيفا أن "العديد من الصحف السويدية الكبرى لم تنشر هذه الرسوم، وهذا أمر جيد، نحن لا نريد تضخيم الموضوع، نأمل في حل القضية داخليا، وهناك ردود فعل إيجابية كثيرة نريد استثمارها". وأردف أن "المؤسسات الرسمية لا دخل لها في هذه الرسومات، وصمتها لا يجب أن يفسر على أنه موافقة، لكن خصوصية الوضع بالسويد تعطي أي شخص الحرية لاستفزاز المجتمع والحكومة، وهذا ما فعله رئيس تحرير الصحيفة". من جانبه، أعلن المركز الثقافي الإسلامي في مدينة أوريبرو عزمه تنظيم مظاهرة جماهيرية كبيرة أمام مقر الصحيفة يوم الجمعة القادم. وقال جمال المحمدي الناطق باسم المركز: "سنستمر في الاحتجاج على هذه الرسومات، وسينظم المركز بالتعاون مع مؤسسات إسلامية أخرى مظاهرة أمام مقر الصحيفة الجمعة القادم". وأيد محمد الخلفي كل التحركات السلمية ضد الصحيفة، مضيفا: "نحن مع الاحتجاجات السلمية، وعلى اتصال مع المركز الثقافي الإسلامي في أوريبرو، ونتفهم موقفهم في تنظيم التظاهرة أمام مقر الصحيفة"، معربا عن أمله في أن تبقى الاحتجاجات في إطار سلمي وحضاري. وكشف الخلفي عن أن المؤسسات الإسلامية بالسويد تفكر في رفع دعوة قضائية ضد الصحيفة، وقال: "ندرس التقدم بدعوة قضائية ضد الصحيفة، وسوف نجتمع مع عدد من الجمعيات الإسلامية نهاية الأسبوع الجاري لتحديد موقفنا النهائي". متحف يرفض عرضها وبدأت الأزمة في أوائل أغسطس الجاري عندما رفض متحف "هيمسبوقدقارد" السويدي للفنون عرض رسومات للفنان السويدي لارس فيلكس تسيء للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتصوره بصورة مهينة، وهي الرسومات التي نشرت صحيفة "نيريكيس أليهاندا" بعضها فيما بعد، ردا على رفض المتحف عرضها. وأرجع المتحف في حينه قرار رفضه لأسباب أمنية وللحفاظ على مشاعر المسلمين أيضا. وقالت مارتا فينيرستروم المسئولة عن العرض: "الفن لا يمكن أن يكون مطلقا، ويجب أن يفكر الإنسان بالأقليات التي تعيش في المجتمع". ووصف الفنان السويدي لارس فيلكس قرار المتحف بأنه "انبطاح أمام العنف والتهديدات"، مضيفا أنه "من الطبيعي أن يتراجع الإنسان أمام العنف، وقرار المتحف يرجع إلى الخوف". احتجاج إيراني وفي أول رد فعل إسلامي خارجي على هذه الرسومات، استدعت إيران سفير السويد لديها، وقدمت احتجاجا رسميا. وشدد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس على أنه لن يسمح لهذه الرسومات بأن تسيء إلى العلاقة بين السويدوإيران. وأضاف أنه يعلم بأن "أغلبية الشعب السويدي تحترم الإسلام والمسلمين وشعائرهم، ولذلك لا يجب أن نسمح لفئة صغيرة أن تمس بالعلاقة القوية بين البلدين". وتذكر هذه الواقعة بأزمة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي تسببت في إثارة جدل واسع حول حرية الصحافة على مستوى العالم. وبدأت الأزمة من الدنمارك حينما نشرت صحيفة "يولاندز بوستن" في سبتمبر 2005 الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم أعادت نشرها عدة صحف أوروبية بدعوى التضامن مع الصحيفة الدنماركية، ورفضت جميع هذه الصحف الاعتذار عن تلك الرسوم تحت زعم حرية التعبير، كما رفضت الحكومة الدنماركية الاعتذار أيضًا. وأثار ذلك غضب المسلمين الذين خرجوا في احتجاجات عمّت عددًا كبيرًا من بلدان العالم في آسيا وأوروبا وإفريقيا. وفي مارس الماضي دعت نحو 80 دولة إسلامية الأممالمتحدة إلى إصدار قرار يدين الإساءة للعقائد والأديان تحت دعوى حرية التعبير، وذلك على خلفية أزمة الرسوم المسيئة، ومحاضرة لبابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، في سبتمبر 2006، أساء فيها للإسلام وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم.