تمر المنظمة الإسلامية التركية "ميلي جرس" في هولندا بفترة من الغموض وعدم الاستقرار. عينت المنظمة الأم مؤخرا قيادة جديدة لفرعها التقدمي نسبيًّا في شمال هولندا؛ سعيًا لإعادته لحظيرتها الإسلامية المتشددة. يطرح ذلك الانقلاب تساؤلات حول مصير مسجد كبير في أمستردام. شكل النهج التقدمي لفرع منظمة "ميلي جرس" في شمال هولندا لأعوام عديدة شوكة في جنب رئاستة المنظمة التي تتخذ من كولونيا ألمانيا مقرا لها. كان "هاسي كاراكير"؛ الذي تخلى عن منصبه كمدير للمنظمة مؤخرا، ورئيسها السابق "إسماعيل إيريجيت" يتبنيان مواقف مثيرة للخلاف حول قضايا حساسة مثل؛ تحرير المرأة، والمثليين، والعنف الأسري. دخلت قيادة فرع شمال هولندا أيضًا في حوار مفتوح مع المنظمات المسيحية واليهودية؛ غير أنه طبقا لما ذكره بعض أتباع المنظمة من الهولنديين فإن المقر الرئيسي قد قرر الآن أن الأمور قد تجاوزت الحد. تأمل المنظمة الأم في كولونيا من خلال تعيينها "هاموركو" رئيسًا جديدًا لفرع شمال هولندا، إلزام ابنتها المتمردة حدودها. غير أن "هاموركو؛ الذي ما زال يعتبر حتى الآن رئيس مجلس ادارة "مسجد الرحمن" في أميرسفورت، ينكر بشدة اعتباره ألعوبة في يد المنظمة الأم في كولونيا. على العكس من ذلك فإنه يزعم مشاركته وجهات نظر أسلافه المتحررين، ويؤكد أنه لن يلتزم بمواقف المنظمة الأم على نحو أعمى؛ لكن بينما عبر "هاسي كاراكير" بانتظام عن انتقاداته الصريحة للمنظمة الأم في كولونيا؛ فإن "هاموركو" تردد في الإجابة عندما سئل عما إذا كان يعتبر المنظمة الأم رجعية. طبقا لما ذكره "هاموركو"؛ فإن المنظمة الأم نفسها في كولونيا شرعت في تبني نهج أكثر انفتاحا. أوضح ذلك بقوله: إن الدستور الألماني يحظر على المنظمة الدفاع عن الدعوة لوجهة للنظرة الإسلامية المتشددة للعالم. غير أن تلك التأكيدات لم تحل دون قيام أجهزة الأمن الألمانية بمراقبة تلك المنظمة الدينية؛ بسبب وجهات نظرها المشكوك في تطرفها. يبدي "هاسي كاراكير" الذي تخلي عن عضويته في منظمة "ميلي جرس"؛ بناء على رغبته في إبريل الماضي تحفظًا لدى سؤاله عن رأيه في "هاموركو".. يقول "هاسي كاراكير": إنه يصدق زعم الرئيس الجديد بشأن اعتناقه نفس الآراء التحررية؛ غير أنه يتساءل عن قدرة ذلك الرئيس الجديد على التمسك بذلك النهج التحرري في مواجهة المقر الرئيسي في ألمانيا على المدى الطويل. عبر "زيور كاباكتيب" نائب رئيس فرع شمال هولندا السابق عن نفس الرأي. يصل أعضاء "ميلي جرس" في هولندا إلى 30.000 عضو. لم يفت الغموض الراهن الذي يحيط بالمنظمة ملاحظة البرلمان الهولندي. يطالب "خيرت فيلدرز" عضو البرلمان اليميني بوقف بناء المسجد الكبير الجديد؛ الخاص بمنظمة "ميلي جرس"؛ المسمى "المسجد الغربي" في أمستردام. يرى "فيلدرز" أن تغيير قيادة فرع شمال هولندا يعكس تصاعد حملة التخويف الذي تشنها المنظمات القومية التركية اليمينية المتطرفة ضد الأتراك الهولنديين. على أن "كاباكتيب" لا يوافق على وقف أنشطة بناء المسجد. يؤكد "كاباكتيب" أيضًا أن فرع "ميلي جرس" في أمستردام سيتمسك بنهجه التقدمي، مستقلا عن باقي المنظمة، وباعتباره مشاركًا بصورة مباشرة في بناء "المسجد الغربي"؛ فإنه يضمن لنا أيضا ألا يكون للمنظمة الأم سيطرة إدارية أو مالية على مبنى ذلك المسجد الكبير.. بمئذنته التي يصل طولها إلى 42 مترا. على أن مؤسسة أمستردام للإسكان "هيت أوستين" الممول الرئيسي للمشروع؛ الذي يشمل أيضًا إقامة 110 شقة محيطة بالجامع، تشك أن تكون "ميلي جرس" في هولندا تتمتع بالاستقلالية التي يزعمها "كاباكتيب". يطالب مدير "هيت أوستين" "بايخدينك" بضمانات مكتوبة، ويقول: إنه ما لم يتم منحه تلك الضمانات فإن منظمته ستقوم بإلغاء المشروع.