انضمّ رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي امس الأربعاء الي الوفد الفلسطيني الرسمي المرافق للرئيس محمود عباس في زيارته الرسمية لتونس، وذلك في اشارة واضحة لانتهاء القطيعة بين الرجلين، وسط ترجيحات بوجود صفقة أفضت الي ذلك. وقال قيادي فلسطيني مقيم في تونس ل يونايتد برس انترناشونال ، ان القدومي الذي وصل الليلة قبل الماضية لتونس قادما من ماليزيا، شارك امس في جلسة المحادثات الثانية بين الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والفلسطيني محمود عباس، كما رافقه أيضا في زيارته الي البرلمان التونسي ولمقبرة الشهداء. وهذه المرة الأولي التي ينضمّ فيها القدومي الي وفد فلسطيني رسمي بقيادة محمود عباس منذ عام 1994، كما أنها المرة الأولي أيضا التي يلتقي فيها القدومي وعباس بعد الخلافات بينهما التي اتّخذت خلال الفترة الماضية أبعادا سياسية وتنظيمية كان لها كبير الأثر علي الوضع الفلسطيني برمته. ووصف القيادي الفلسطيني الذي طلب عدم ذكر اسمه، هذه الخطوة ب السّابقة والمؤشر القوي علي حدوث مصالحة بين الرجلين بعد التّوصل الي صفقة لتسوية خلافاتهما علي صعيدي منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح التي يتولي القدومي أمانة سر لجنتها المركزية منذ وفاة مؤسّسها الرئيس الراحل ياسر عرفات. وتكاد الأوساط الفلسطينية المقيمة في تونس تُجمع علي وجود صفقة ما جعلت القدومي، الذي ما فتئ يؤكد معارضته لاتفاقيات أوسلو التي كان مهندسها محمود عباس، يقبل مثل هذه المصالحة في هذا الوقت بالذات، ولكنها تختلف بشأن دوافعها وأسبابها ومتطلباتها. ويشير المصدر الي ان هذه الصفقة، التي ينتظر أن تتبلور ملامحها خلال الاجتماع الموسع المقرّر ان يكون عقد الليلة الماضية في تونس، ترتكز علي ثلاث مسائل أساسية الأولي مرتبطة باقرار عباس بصلاحيات فاروق القدومي كوزير لخارجية دولة فلسطين، وبدور الدائرة السياسية التي يرأسها في الاشراف علي الحركة الديبلوماسية الفلسطينية. وكان القدومي قبل تكليفا من عباس برئاسة الوفد الفلسطيني في قمة دول عدم الانحياز بكوالالمبور، حيث دفع هذا الموقف محمود الزّهار وزير خارجية الحكومة الفلسطينية الي الانسحاب من القمة، وسط تبادل للانتقادات والاتهامات بين الزّهار والقدومي، ومن ثم بين حماس وفتح. كما ادت لخلافات داخل المنظمة، حيث اكدت مصادر فلسطينية استقالة السفير السابق في ماليزيا والمعين في قبرص احمد الفرا، والذي رفض المشاركة بوفد فلسطين لمؤتمر دول عدم الانحياز، وقدم استقالته احتجاجا علي الخلافات بين القدومي والزهار. وتتّصل المسألة الثانية بالجانب المالي، إذ قام عباس بتحويل موازنة شهرين للدائرة السياسية علي الرغم من أن موظفي منظمة التحرير بتونس لم يتسلّموا رواتبهم للشهر الثالث علي التّوالي، بينما تتعلّق الثالثة بترتيب الوضع الداخلي بحركة فتح لجهة تفعيل دورها. الي ذلك، كشف المصدر النّقاب عن أن أمين سر حركة فتح في قطاع غزة سمير مشهراوي ووزير شؤون الأسري السابق سفيان أبو زايدة وصلا فجأة الليلة قبل الماضية الي تونس، حيث ينتظر أن يكونا شاركا في الاجتماع الليلة الماضية الذي خصص بالأساس لمناقشة المسألة الثالثة المرتبطة بترتيب البيت الفتحاوي، ورأب الصدع الذي أضعف فتح. واعتبر أن هذا الاجتماع الذي يشارك فيه ثلث أعضاء اللجنة المركزية الحالية لحركة فتح، الي جانب عزام الأحمد رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي، ومشهراوي وأبو زايدة سيتوقف علي نتائجه مستقبل حركة فتح بالنّظر الي النّقاط المدرجة علي جدول أعماله. وكانت تقارير أشارت في وقت سابق الي أن هذا الاجتماع المرتقب سيخصص لتحديد موعد لعقد اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح بمشاركة كافة الأعضاء في تونس أو الأردن لبحث الترتيبات النهائية لعقد المؤتمر العام السادس لفتح. غير أن القيادي الفلسطيني لم يتردد في وصف هذا الاجتماع ب الخطير لسببين اثنين أولهما يتعلّق بتجاهل البعد السياسي الفلسطيني العام والتركيز بالأساس علي الوضع الفصائلي، أي وضع فتح الداخلي، بينما يتقاطع السبب الثاني مع الأول، حيث يتعلّق ببحث اقتراح بتوسيع عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح لتضم أسماء جديدة. وكشف في هذا السياق أن النيّة تتّجه نحو تعيين كل محمد دحلان وروحي فتوح وعزام الأحمد وحمدان عاشور، وربما أيضا نبيل عمرو، كأعضاء جدد في اللجنة المركزية لفتح لسد الشغور الناجم عن وفاة ياسر عرفات وخليل الوزير (أبو جهاد)، وصلاح خلف (أبو اياد) وهايل عبد الحميد (أبو الهول) وخالد الحسن (أبو السعيد)، ليصبح بذلك عدد هؤلاء الأعضاء 18 عضوا. واعتبر أن خطورة هذا الاقتراح تكمن في أنه يستهدف الالتفاف علي النظام الداخلي لحركة فتح، وعلي قرارات مجلسها الثوري، كما أنه يضيف المزيد من التعقيدات علي الجهود الرامية الي عقد المؤتمر السادس للحركة الذي تأجل مرارا منذ أواسط العام الماضي، رغم مرور خمسة عشر عاما علي آخر مؤتمر عقدته الحركة بتونس في صيف عام 1989. ولئن تعلّق الأوساط الفتحاوية بتونس أملا كبيرة علي هذه المصالحة لجهة ترتيب البيت الفتحاوي في مواجهة حماس ، لا يخفي البعض الآخر خشيته من تداعياتها علي الوضع الفلسطيني العام، إذ لم يتردد البعض في القول انها بمثابة كرة ثلج سترتد في تدحرجها لتجرف فتح قبل أن تجرف حماس. (يو بي آي)