خلفت الانتخابات المغربية التي جرت في السابع من الشهر الماضي الكثير من الأسئلة لدى الأوساط السياسية التونسية حول أهمية تشريك الحركات ذات التوجه الإسلامي للمشاركة في الحياة السياسية. وفي افتتاحية تحمل عنوان "الاستثناء التونسي" صدرت يوم 15 سبتمبر دعت صحيفة الموقف الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي السلطات التونسية إلى ضرورة فتح المجال السياسي للجميع دون استثناء على غرار ما يحدث في المنطقة المغاربية. وذكر المقال مشاركة حزب العدالة والتنمية ذي النزعة الإسلامية الذي حصل على المركز الثاني بعد حزب الاستقلال. وفي الجارة الجزائر يدور جدل حول السماح لقيادات "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" بل ولجيش الإنقاذ أيضا بالعودة إلى المسرح السياسي. وفي موريتانيا تم الترخيص ل18 حزبا جديدا من بينها أحزاب ذات توجه إسلامي بالعمل القانوني. وأدت الدعوة التي أطلقها الحزب التقدمي الديمقراطي والذي يضم يساريين وقوميين وإسلاميين، إلى رود فعل متباينة في الأوساط السياسية رغم أن الحكومة بقيت صامتة. ولكن منصف الشابي عضو مجلس المستشارين وعضو المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي ذو التوجهات العروبية رفض بعد يومين من صدور افتتاحية الموقف تشريك من اعتبرهم خطرا على المسار الديمقراطي ففي رده عن سؤال لصحيفة الزمن اليومية حول ما يتردد من دعوات لتشريك الإسلاميين في الحياة السياسية قال الشابي "أنا أدعو إلى حوار وطني لا يستثنى منه أما القوى التي ترفض علنا قوانين اللعبة الديمقراطية أو ما يمكن أن تشكله من خطر على المسار الديمقراطي فإنها بالطبع ستكون مستثناة من هذا الحوار". ويحجر القانون التونسي تشكيل أحزاب سياسية على أساس عرقي أو ديني، إلا انه في نهاية الثمانينات سمح لحركة النهضة بإصدار صحيفة ناطقة باسمها بعد أن غير الإسلاميون تسمية حزبهم الذي ضل محظورا إلى حد هذا اليوم من حركة الاتجاه الإسلامي إلى حركة النهضة. ويقول محللون إن الحركة فقدت قوتها بعد سلسلة من المحاكمات. إلا أن قيادتها تعتبر المحكمات التي طالت عناصرها ليست إلا محاكمات سياسية، و لم تؤثر على الحركة البثة. واستبعد السيد صلاح الدين الجورشي المحلل السياسي والمتخصص في القضايا الإسلامية أن تمنح السلطات التونسية ترخيصا لحزب إسلامي بالنشاط. وفي تصريح لمغاربية قال الجورشي "من الناحية المبدئية أعتقد بأن التفكير في صيغة لإدماج كل طرف سياسي له توجهات إسلامية ويبدي استعداده للالتزام بقواعد العمل الديمقراطي يعتبر أمرا ضروريا لأنني اعتقد من موقعي بأن كل المحاولات التي راهنت على شطب الإسلاميين كل الإسلاميين بدون تمييز لم تؤد إلى نتائج فعلية ولم تكن في صالح تطوير الحالة الإسلامية والسياسية في تونس". لكن بالنسبة للوقت الراهن يقول الجورشي إنه يستبعد أن تقدم السلط على إجراء من هذا القبيل ويرى بأن الأكثر إلحاحا في هذا الظرف بالذات هو إطلاق سراح بقية المساجين السياسيين الذين ينتمون إلى حركة النهضة وثانيا تطوير حالة الحريات في البلاد. أما صالح الزغيدي العضو المؤسس لجمعية الدفاع عن اللائكية بتونس فإنه رفض أن يمنح أي ترخيص لأي حزب ديني تحت غطاء التعددية. "إن التعددية ومنها التعددية الحزبية ركيزة من ركائز النظام الديمقراطي وهذا أمر ليس فيه اختلاف لكن لا يمكن أن نتصور بناء نظام تعددي ديمقراطي إلا في إطار دولة مدنية أعني بذلك دولة غير دينية". ، ويضيف الزغيدي أن الدولة المدنية التي يتصورها تتعامل مع المواطنين على أساس المواطنة أو على أساس تمكينهم من كافة الحقوق والحريات في حين الدولة الدينية تتعامل مع مواطنيها على أساس أنهم مؤمنون أو غير مؤمنين بالله ورسوله.