"مدينة القرن" اسم أطلق على مشروع سما دبي باب المتوسط بالبحيرة الجنوبية في العاصمة التونسية ، وتمتد المدينة 830 هكتارا ، وذلك في إطار التعاون الثنائي بين الجمهورية التونسية ودولة الإمارات. ويعد المشروع الذي ستتولى "سما دبي" الشركة العقارية التابعة ل"دبي هو لدنغ" من أضخم المشاريع الاستثمارية بتونس والمقدرة ب 14 مليار دولار ، والمتمثل بأبراج ضخمة ووحدات سكنية ومنتجعات سياحية ومركبات فندقية فاخرة وبناءات متعددة الاختصاصات إضافة إلى مراس لليخوت وفضاءات رياضية وثقافية. ومن المتوقع أن يحقق الاستثمار الإماراتي في تونس نسبة نمو اقتصاد بمعدل 12 في المائة سنويا على امتداد 15 سنة التي تجري فيها الأشغال وفقا لدراسات. ولكن إلى أي مدى سيساهم مشروع سما دبي في رفع النمو الاقتصادي التونسي مع المحافظة على الحقوق التونسية في الملكية؟. يقول المطلعون على مضمون الاتفاقية المنعقدة بين الحكومة التونسية وشركة سما دبي ، والتي صادق عليها مجلس النواب والمستشارين بتونس يوم 09 07 2007 إن انعكاسات مشروع القرن كما يسميه البعض - ستكون متعددة وعلى مختلف الأصعدة ، منها الاقتصادي والمالي وكذلك المحيط البشري والبيئي والناحية الجمالية ، بالإضافة إلى تكريس الموقع الجغراسياسي للبلاد التونسية والذي يجعلها قاعدة للمعاملات والخدمات بين عديد الدول في العالم. وسينتج عن مشروع "سما دبي" تدفقات استثمارية بمعدل 1000 مليون دولار سنويا وذلك على امتداد خمس عشرة سنة أي أكثر من معدل 750 مليون دولار سنويا من الاستثمارات الأجنبية المسجلة بين 2002 و 2005. كما أن المشروع سيحقق أثناء مرحلة بنائه فرص شغل تتراوح ما بين 8 إلى 9 آلاف فرصة سنويا ، وأكثر من 130 ألف موطن شغل مباشر وغير مباشر خلال فترة الاستغلال عبر مختلف الوظائف وقد نصت اتفاقية الاستثمار على أن تكون اليد العاملة تونسية فضلا عن توظيف المشروع لكفاءات وإطارات تونسية في عدة مجالات. وأشاد كل من النائبين عبد الله الشابي وثامر سعيد - من التجمع الدستوري الديمقراطي - بمزايا اتفاقية الاستثمار الضخمة التي ستحقق قفزة نوعية في مجال الاستثمارات الخارجية والتشغيل وتغيير الوضع الحالي للبحيرة الجنوبية وإنجاز بنية تحتية متطورة ، كما سيكون لها تأثيرات على البنية التربوية والتكوينية على منظومة التعليم العالي والتكنولوجيا. وتؤكد مصادر أنه سيتم بناء ناطحات سحاب أعلاها تصل إلى 80 طابقا ، إضافة إلى الفضاءات التجارية ومحلات الأكلات والمقاهي ، ومن المتوقع أن تحدث حركة كبيرة طيلة فترة البناء على مستوى عدد من القطاعات وبالخصوص على مستوى مواد البناء والتي قدر حجم استهلاكها بما يزيد عن 50 في المائة ، خصوصا وأن الاتفاقية نصت على أن المواد المستعملة في المشروع ستكون ذات منشأ تونسي. وأفاد وزير التنمية والتعاون الدولي التونسي السيد "محمد النوري الجويني" أن المشرع الاستثماري سيساهم في تخصيص أهداف الرفع من نسق النمو الاقتصادي إلى 6% خلال الخماسية القادمة ، إضافة إلى ان 90% من تمويل المشرع سيكون عن طريق العملة الأجنبية ، بهدف تقليص المديونية مشيرا إلى أن القانون التونسي يخول امتلاك الأراضي غير الفلاحية في إطار دعم الاستثمار. لكن يرى النائب "محمد ثامر" من حركة "التجديد" المعارضة أن مشروع القانون الخاص بالاتفاقية بصيغته الحالية يمس بالسيادة الوطنية على خلفية أن تسمح للشركة المستثمرة بتملك الملك العمومي البحري وتكريس ما وصفه "بالاستيطان الأجنبي في البلاد". لكن وزير التنمية والتعاون الدولي قال أن الاتفاقية تخضع للقانون التونسي ولا يوجد فيها أي امتياز مادي وبأنه تم التفاوض بشأن كل الخصوصيات مع الشركة المستثمرة وتمّ إسناد امتيازات استثنائية خصوصية من حيث الحجم وليس من حيث المبدأ. ونفى بشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان أن تكون الاتفاقية تمس بالسيادة الوطنية ، وأفاد أن الإدارة داخل المشروع الإستثماري ستكون من مشمولات الدولة التونسية ، مضيفا أن المواطن التونسي باستطاعته المشاركة في رأس مال الشركة المقامة في تونس أو شراء الأرض والعقارات بالمشروع. وأضاف أن الاتفاقية تنصّ على أن الشركة تتملك بصفة مؤقتة وقد تم ضمان حقوق صارمة وواضحة لفائدة تونس من بينها أن التجهيزات والمرافق العمومية التي ستنجز في المدينة ستكون ملك الدولة التونسية.