تونس الصباح: وقعت الحكومة في السادس والعشرين من شهر افريل الماضي، بتونس، اتفاقية استثمار على موقع البحيرة الجنوبية للعاصمة، مع شركة سما دبي الاماراتية، التي يرأس مجلس ادارتها السيد فرحان فريدوني ونصت الاتفاقية التي حصلت «الصباح» على نسخة منها، على ان الدولة «فوتت لفائدة المشترية (شركة سما دبي)، قطعة الارض الكائنة بالبحيرة الجنوبية بمدينة تونس، قصد انجاز وتطوير مشروع عقاري متكامل ومتعددة الاستعمالات».. ويشمل هذا المشروع، الاضخم من نوعه في تاريخ الاستثمارات الاجنبية في تونس، تطوير مجمعات عقارية سكنية وتجارية وخدماتية والمرافق المتعلقة بها، وذلك على مساحة تبلغ نحو 837 هكتارا.. ويقدر مبلغ الاستثمار في هذا المشروع بحوالي 14 بليون دولار امريكي (18,2 مليون دينار تونسي). ويهدف هذا المشروع وفق نص مشروع الاتفاقية الى التأثير ايجابيا على اقتصاد البلاد، سيما من حيث خلق الوظائف وفرص العمل، وجعل تونس مركزا اقليميا ووجهة سياحية.. مكونات المشروع وكانت الحكومة، وقعت ثلاث مذكرات تفاهم مع الشركة الاماراتية كانت الاولى في جوان من العام 2005، نصت على الانتفاع المتبادل بالمشروع، ثم ارفقتها بمذكرة تفاهم ثانية في ديسمبر من نفس العام، لتمكين الشركة من تقصي جدوى المشروع والقيام بتطويره، قبل ان توقع في فيفري من العام المنقضي مذكرة تفاهم ثالثة، تخص ارض المشروع وكيفية تنفيذه.. وتتألف ارض المشروع، من عدة مكونات بينها، الارض القائمة وما تحتها (باستثناء حقوق استخراج المعادن المتعلقة بها)، وقعر البحر والمنطقة البحرية الموجودة فوقه، الى جانب الارض المطمورة، والماء المحاذي لتلك الارض القائمة والارض المطمورة والممنوحة للشركة الاماراتية وفقا لعقود لزمة، بالاضافة الى قطع الارض الخاصة وجميع مجاري المياه الاصطناعية، واية ارض اضافية تنقل ملكيتها الى (سما دبي)... ووفق مشروع الاتفاقية، من المتوقع المصادقة على النص الكامل، في غضون الاسابيع القادمة، قبل نشرها في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، الذي سيكون بمثابة الاثبات القانوني على التصديق التونسي على هذه الاتفاقية... وعلى عكس ما تردد في بعض الاوساط، فان نص المشروع لا يتضمن مدة محددة لاستغلال البحيرة الجنوبية للعاصمة غير أن مواد مشروع مذكرة التفاهم التي وقعها الطرفان التونسي والاماراتي، تتضمن فقرتين تتضمان بعض الالتباس في تحديد هذه المدة.. إذ تنص الفقرة (3) من المشروع أن «الاتفاقية تبدأ من تاريخ السريان، وتستمر لمدة غير محددة»، فيما تتضمن الفقرة (5-1-6) أن «مدة أي حق امتياز أو اشغال وقتي ممنوح لسما دبي وفقا لهذه الاتفاقية، تكون في حدود 60 عاما».. ويبدو أن المشرع التونسي والمستشارين القانونيين لشركة سما دبي، ميزا هنا بين مدة استغلال أرض المشروع برمته، وحق التملك أو الامتياز أو الاشغال باعتبار أن ذلك يشمل مشغلين أو مستثمرين آخرين يمكن أن ينخرطوا لاحقا في المشروع بحسب اتفاقهم مع الشركة الاماراتية.. صلاحيات واسعة.. وبموجب هذه الاتفاقية، تمنح الدولة التونسية لشركة سما دبي، الحق الحصري بتطوير أرض المشروع أو حق تشغيل أو إدارته، كما تمنح الدولة وفقا لعقد بيع الارض القائمة، للشركة الاماراتية الحق بتملك الارض القائمة تملكا حرا.. كما تتوفر «سما دبي» على الحق الحصري في: - تصميم وتخطيط وإنشاء وطمر أجزاء من فعر البحر، والحق في تملك الارض المطمورة الناتجة عن ذلك تملكا حرا بمبلغ رمزي قدره دينار تونسي واحد.. - تشغيل والسيطرة على وإدارة المنطقة البحرية، وذلك عبر اتفاقيات تمنح حق امتياز (لزمة) عليها أو حق اشغال وقتي.. - تصميم وتخطيط وإنشاء وبناء وتكوين وتشغيل وإدارة والسيطرة على مجاري الماء الاصطناعية، بما في ذلك المنشآت على تلك المجاري المائية وفوقها واستخراج العوائد المالية منها بأشكال مختلفة، باستثناء أية حقوق في المعادن الكائنة تحتها. - البيع أو التأجير أو منح حقوق الامتياز أو الاشغال للتابعين لها أو للغير أو للمطورين من الغير، بما في ذلك الاشخاص غير التونسيين لأي جزء من الارض القائمة أو الارض المطمورة أو الارض الاضافية.. لكن في المقابل، تمنع الاتفاقية شركة (سما دبي) من رهن أرض المشروع لاغراض تمويل أو ضمان تمويل مشروع غير مشروع بحيرة تونس الجنوبية.. المعاملات المالية... سيتولى البنك المركزي التونسي - بموجب هذه الاتفاقية - منح الشركة الاماراتية والتابعين لها، الموافقة على فتح وتشغيل حسابات خاصة بالدينار بحرية تامة، مع إمكانية فتح وتشغيل حسابات بعملات أجنبية، والاحتفاظ بالأموال المتأتية من البيوعات إلى غير المقيمين، ودفع المبالغ بأية عملة بما في ذلك العملات الأجنبية، وبتحويل العملات الأجنبية بكامل الحرية إلى خارج تونس.. إلى جانب تحويل رؤوس الأموال المتأتية بواسطة توريد عملة والأرباح المتأتية من إنجاز المشروع خارج تونس دون أية قيود.. بالإضافة إلى تحويل السيولة المالية خارج تونس دون أية قيود، باستثناء تحويل بعض المداخيل التي تفوق 50% من المداخيل السنوية للشركة، طالما أنها لم تصل مدة 7 سنوات بدءا من تاريخ التوقيع، وفقا لنص الاتفاقية (المادة 6-3-7/الفقرة ب).. في المقابل، لا يجوز للدولة التونسية مصادرة أية أسهم أو سندات مالية تصدرها سما دبي أو أي من التابعين لها، باستثناء الأسهم والسندات لأية شركة أو كيان مسجل ومرخص له في أرض المشروع، ممن تصدر بحقهم أحكام قضائية أو قرارات إدارية ملزمة. من جهة أخرى، تعفى الشركة الاماراتية من عديد الضرائب التي تسحب عادة على الشركات والاستثمارات، سواء كانت محلية أو أجنبية، وتشمل الاعفاءات عمليات تكوين شركة المشروع، وإحالة ونقل ملكية أرض المشروع الى الشركة الاماراتية، واحالة ونقل ملكية أراض غير مهيئة ضمن الأرض المعنية، الى جانب عمليات التهيئة ومرحلة التطوير والبناء ومرحلة التشغيل والادارة والاستغلال، واعفاءات ضريبية أخرى عديدة يطول ذكرها، لكنها في كل الاحوال، تسند لأول مرة لطرف استثماري أجنبي. توفير فرص العمل اذ يتعين على شركة (سما دبي)، بموجب الاتفاقية، «توفير عدد كاف من فرص العمل للتونسيين من حاملي الشهادات الأكاديمية، لكن نص الاتفاقية لا يتضمن أية إشارة حول عدد فرص العمل، خصوصا بعدما تردد أن المشروع سيوفر نحو 150 ألف موطن عمل للتونسيين، كما أن عملية التوظيف (التشغيل)، غير ملزمة بالقدر الصارم للشركة الاماراتية. وتبقى هذه الاتفاقية شديدة الأهمية في تاريخ الاستثمار بالبلاد، باعتبارها الأضخم على وجه الاطلاق منذ بدء الاستثمار الاجنبي في البلاد مطلع الستينيات من القرن المنقضي.