كتب عمر القليوبي-المصريون-الوسط التونسية كشفت مصادر سياسية أن الحملة الحكومية العنيفة ضد جماعة الإخوان المسلمين ، والتي وصلت ذروتها عبر الحلقة التي خصصها برنامج "البيت بيتك " للتعليق على الحوار الذي نشرته صحيفة " روز اليوسف " منسوبا إلى المرشد العام للجماعة وتضمن عبارات وشتائم موجهة إلى الشعب المصري ، تأتي في إطار مخطط حكومي شامل لتشويه كافة القوي السياسية المعارضة وإثارة المخاوف لدي الرأي العام من أن وصول مثل هذه القوي إلى الحكم سيخلق حالة من الفوضى والاضطراب السياسي ، وهو ما يصب في إطار التمهيد لمخطط توريث الحكم باعتباره الخيار الوحيد للحفاظ على استقرار البلاد وعدم الزج بها في طريق مجهول . ولفتت المصادر إلى أن دوائر صناعة القرار تبنت في الفترة الأخيرة خيار تفريغ الحياة السياسية من أي قوي قادرة علي مواجهة مخطط التوريث وهو ما حدث بالفعل في حزبي الغد والوفد ، متوقعة أن تستمر هذه الاستراتيجية مع الأحزاب والقوى الأخرى حتى تكون الساحة مهيأة لتنفيذ السيناريو الخاص بتوريث السلطة. وأشارت المصادر إلى أن القيادة السياسية أصبحت تتبنى في الفترة الأخيرة السيناريو اليمني والأردني في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين حيث نجح هذا النظامان في إفراغ تجربة الفصيلين الإسلاميين من مضمونهما عبر إظهار عجزها عن التعاطي مع المشاكل الشعبية ، وهو ما يتكرر الآن بشكل كبير مع جماعة الإخوان التي وضعتها الحكومة بين مطرقة الضربات الأمنية وسندان التجاهل الإعلامي حيث تفرض وسائل الإعلام حصارا مشددا على الجماعة ونوابها ال 88 . ولم تستبعد المصادر أن تكون الدولة قد هدفت من وراء نشر هذا الحوار المثير إلى التغطية علي الضجة الكبيرة التي أثارتها تصريحات الرئيس مبارك التي اتهم فيها الشيعة العرب بالولاء لإيران وليس لدولهم ، معتبرة أن حوار المرشد قد جاء كطوق نجاة للرئيس مبارك ، وأن قيام روزاليوسف بنشره في هذا التوقيت لم يكن مصادفة . ولم تستبعد المصادر أن يكون الهدف من نشر الحوار هو "إشعال حريق" داخل الجماعة ، على غرار ما حدث في حزب الوفد ، حيث تراهن الحكومة على أن التركيز على الحوار قد يدفع ما يسمى بالتيار المعتدل داخل الجماعة إلى المطالبة باتخاذ إجراء ما ضد المرشد محمد مهدي عاكف من أجل إنقاذ سمعة مصداقية الجماعة أمام الرأي العام وحتى أمام كوادر وقواعد الجماعة نفسها ، وهو ما سيواجه بالطبع بمعارضة قوية من جانب الجناح المتشدد . وفي سياق متصل ، تسود جماعة الإخوان المسلمين حالة من الغضب العارم تجاه نشر حوار المرشد في صحيفة " روز اليوسف " وما تلا ذلك من هجوم حاد على الجماعة ومرشدها في برنامج "البيت بيتك" . ورجحت مصادر داخل الجماعة قيامها بمقاضاة "روزاليوسف" بتهمة تحريف هذا الحوار ، حيث تؤكد الجماعة أنها تمتلك النسخة الأصلية من الشريط الذي تم تسجيل الحوار عليه . وأشارت المصادر إلى أن كبار المسئولين في الجماعة قد استمعوا للنسخة الأصلية وثبت منها أن المرشد لم يتفوه بهذه الألفاظ ، وأنه جرى تحريف شديد للحوار . وأرجع الدكتور محمد حبيب النائب الأول لمرشد الإخوان استغلال النظام للتصريحات المنسوبة للمرشد بهذا الشكل إلى حالة الهلع والفزع التي أصابته من جراء النتائج الكبيرة التي حققتها الجماعة في الانتخابات التشريعية الأخيرة ، والنتائج التي كان من المتوقع أن تحققها الجماعة في الانتخابات المحلية التي أجلتها الحكومة لمدة عامين ، كذلك النشاط الملحوظ لأعضاء الكتلة البرلمانية للجماعة ، وهو الأمر الذي جعل النظام يوجه ضربات اجهاضية للجماعة فضلا عن محاولات تشويه صورتها أمام الرأي العام. وشدد الدكتور حبيب على أن الهدف من هذه الضجة هو عرقلة وتحجيم تقدم الإخوان وتحركهم في الشارع المصري وتلويث سمعتهم ظنا من الحكومة بأن هذا التشويه من شأنه إبعاد الالتفاف الجماهيري حول الجماعة ، نافيا أن يكون المرشد قد أدلى بمثل هذه التصريحات لأنه رجل وطني من الدرجة الأولى ويحب أهله ووطنه. وعن محاسبة المرشد عن تصريحاته داخل أروقة الجماعة ، قال حبيب نحن نراجع بعضنا بعضا والمرشد حريص على أن يسأل أعضاء الجماعة عن تصريحاته ومواقفه التي يبديها من الحين للآخر ، مشيرا إلى أن الجماعة تبحث الإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد صحيفة "روزاليوسف "بسبب نشرها لهذه التصريحات المحرفة. من جانبه ، اعتبر الدكتور كمال حبيب الباحث السياسي أن تلفيق تصريحات كهذه للمرشد العام وإثارتها في وسائل الإعلام بهذا الشكل هو إخلال بمواثيق الشرف الصحفي وخداع للمصدر خصوصا أنه حسب الروايات فإن الصحفي الذي أجرى أبلغ المرشد بأن الحوار لصحيفة "الكرامة " ، مشددا على أن ذلك يعد انتهاكا لأخلاقيات العمل الإعلامي والصحفي. وقال حبيب إنه لابد من التثبت من صحة هذه التصريحات المنسوبة للمرشد قبل الحكم عليها ، مشيرا إلى أن النظام يستخدمها إعلاميا وسياسيا لتشويه صورة المعارضة بصفة عامة أمام الرأي العام .