أكد صندوق النقد العربي استمرار الأثر الإيجابي لأسعار النفط في اقتصادات الدول العربية، إذ ارتفع ناتجها المحلي الإجمالي من 1092 بليون دولار عام 2005 الى 1276 بليون دولار عام 2006 ، مسجلاً نمواً بلغ بالأسعار الجارية 16.9 في المئة مقارنة بحوالى 22.6 في المئة عام 2005. وأفاد الصندوق في تقريره السنوي لعام 2007 (تأخر صدوره لهذه السنة). إن الدول العربية حققت نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بمعدل 5.7 في المئة بتراجع طفيف عما كان في 2005 حيث سجل 6.3 في المئة. ولفت التقرير الى أن 14 دولة عربية حققت نمواً بمعدلات تتراوح بين 5 و 10.2 في المئة، وحققت أربع دول أخرى معدلات نمو بين 2.5 و4.1 في المئة، ولم يسجل لبنان أي نمو نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها والأضرار التي أحدثها العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006. ويؤكد التقرير أن معظم الدول العربية سجل اتجاهات تصاعدية لمعدلات التضخم في أسعار الاستهلاك بسبب ارتفاع حجم الطلب المحلي وزيادة الواردات فضلاً عن عوامل أخرى مرتبطة بظروف محلية لكل دولة. ويلفت إلى تحسن في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي تجاوز نموه بالأسعار الجارية 15 في المئة في غالبية الدول العربية عام 2006 نتيجة ارتفاع عائدات النفط في الدول العربية المنتجة والمصدرة له الى جانب ارتفاع مساهمة الصناعات الاستخراجية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40 في المئة تليها الخدمات بنسبة 36.6 في المئة والصناعات التحويلية بنسبة 9.5 في المئة والزراعة بنسبة 6.2 في المئة. ولحظ التقرير أن الانفاق في الدول العربية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي بقي على حاله في 2006 عند مستوى 59.3 في المئة سجله عام 2005 وانخفض الاستثمار الإجمالي الى الناتج المحلي الإجمالي قليلاً ليصل الى 21 في المئة مقارنة بنحو 21.2 في المئة عام 2005 ، وتوازت تقريباً نمو صادرات السلع والخدمات للدول العربية مع نمو الواردات من السلع والخدمات ما حقق فائضاً في الميزان التجاري. وكشف التقرير أن مستوى الفقر في الدول العربية (دولار للفرد الواحد) يعتبر من أدنى المستويات في العالم بسبب نظام التكافل الاجتماعي الذي يسود معظم دول المنطقة ونتيجة تحويلات العاملين في الخارج والتوظيف في القطاع العام. ورصد التقرير الذي يعده صندوق النقد العربي بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) التطورات الاجتماعية في الدول العربية وتأثيراتها في الحياة الاقتصادية، ويقدر في هذا الجانب عدد سكان الدول العربية بحوالى 318 مليون نسمة ومعدل النمو السكاني السنوي بنحو 2.2 في المئة. ولحظ استمرار ارتفاع معدل الولادة مع انخفاض معدل الوفيات واتساع القاعدة الفتية من السكان، ليشكل من هم دون عمر 15 سنة 35.8 في المئة يشكلون عبئاً اضافياً على الاقتصادات العربية لناحية توفير فرص العمل، وتمثل الفئة العمرية (15، 65 سنة) وهم النشطون اقتصادياً أكثر من نصف عدد السكان وهي نسبة أدنى من معدلات بلدان العالم. وتمكنت الدول العربية بحسب التقرير من تحقيق إنجازات طموحة في التنمية البشرية والاجتماعية. ما أدى الى ارتفاع متوسط العمر المتوقع عند الولادة وزيادة السكان الذين يحصلون على مياه الشرب والصرف الصحي وتراجع معدل الوفيات وارتفاع معدل الذين يحسنون القراءة والكتابة بين البالغين ومعدل الالتحاق بمراحل التعليم المختلفة وتقليص فجوة التنوّع الاجتماعي في التعليم، ويلفت التقرير في هذا الصدد الى أن توزيع خريجي التعليم العالي لا يزال يغلب عليه تدريس العلوم الإنسانية والاجتماعية على حساب العلوم والتكنولوجيا ما يؤثر سلباً في مستوى التوافق بين مؤهلات الخريجين والمتطلبات المتغيرة لسوق العمل. وأكد التقرير تزايد معدل القوى العاملة في الدول العربية سنوياً بنسبة 3.4 في المئة، بين 1995 و2005 ، وقدر نسبة العاملين في قطاع الزراعة بنحو 28.7 في المئة من إجمالي القوى العاملة العربية و16.3 في المئة في الصناعة و55 في المئة في الخدمات. وتمثل النساء العاملات 30 في المئة بحصة لا تزال الأدنى بين دول العالم ، إضافة الى أن التقسيم التقليدي للعمل ما زال سائداً إذ تجد المرأة غالباً فرصاً أوسع للعمل في قطاعات مثل الصحة والتعليم والإعلام وقطاع المال، غير أن دولاً عربية مثل تونس والمغرب حققت إنجازات بارتفاع معدل مشاركة النساء في قطاع الصناعة خصوصاً النسيج والملابس والإلكترونيات والكهربائيات.