أثار عرض مشروع قانون المالية يوم الخميس، 29 ديسمبر 2011، على الجلسة العامّة للمجلس الوطني التأسيسي انتقادات عدة لملابسات عرضه وبعض جوانب محتواه خاصة منها تلك المتّصلة بقضية التنمية في الجهات. وأقرت أغلبية 105 أعضاء في المجلس من بين النواب ال 142 الحاضرين أمس، عرض مشروع القانون للنقاش والمصادقة رغم الانتقادات والاحتجاجات الشديدة للمعارضة، مؤكدة أن المصادقة على المشروع في الآجال المطلوبة قانونيا قبل موعد 31 ديسمبر أمر ضروري للبلاد واقتصادها وخطط الاستثمار. وقال وزير المالية حسين الديماسي الذي حضر الجلسة العامّة إلى جانب عدد من خبراء وزارتي المالية والتخطيط “أن البلاد تعيش مرحلة حساسة تقتضي عدم إضاعة الوقت وتجاوز الشكليات والتركيز على الأولويات في مناقشة مشروع قانون المالية”. وطالب عدة نواب بتمكين الجلسة العامة من العودة إلى مناقشة قضايا الميزانية بشكل مفصل بعد المصادقة على القانون لعدم اتّساع الوقت لهذا النقاش. وقال النائب فاضل موسى إنه “لو كان لدينا متّسع من الوقت لأبدينا رأيا مخالفا لبعض المسائل الواردة في مشروع القانون”. كما علّق النائب محمد ابراهيمي بالقول “حشرنا جميعا في زاوية نوابا وضيوفا” باعتبار أن الوقت لا يسمح بالنقاش المعمّق. واعتبر عدد من المتدخلين أن مشروع قانون المالية فيه نقائص كثيرة أهمّها أنه “لا يولي اهتماما بالتنمية في الجهات وهي القضية التي كانت منطلقا للثورة”. وكان نواب من المعارضة وفي مقدمتهم الحزب الديمقراطي التقدمي ومن تيار العريضة الشعبية قد انسحبوا من الجلسة احتجاجا على المدة الزمنية القصيرة التي منحت لهم للاطلاع على الوثائق المتعقلّة بقانون المالية وميزانية الدولة والتي تعد بالمئات وعلى قصر الفترة المخصصة لإبداء الرأي في المشروع. وطالب نواب المعارضة بصرف الميزانية على أقساط من خلال قرار يصدر عن رئيس الجمهورية، إلا أن نواب الأغلبية اعتبروا أن الوقت لا يزال يسمح بالمصادقة على قانون المالية. كما أن استخدام الآلية الاحتياطية وهي القرار الرئاسي سيجمد العمل بالجوانب التي تهم التنمية في الميزانية. من جهته قال فرجاني دغماني، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون المالية إن “مصلحة البلاد وانتظارات الشّعب تقتضي التعجيل بالمناقشة والمصادقة على المشروع، مؤكد أن اللجنة توصلت إلى توافق بشأن المشروع الذي تقدمت به الحكومة السابقة وعدلته بعد النقاش والاستماع إلى آراء خبراء المالية والاقتصاد”. وقد توقفت الجلسة مدة 45 دقيقة بسبب توتر الأجواء بين أعضاء المجلس التأسيسي، لتستأنف من جديد على السادسة مساء برئاسة مصطفي بن جعفر رئيس المجلس، بعدما ترأست جلسة ما بعد الظهر نائبته الأولى محرزية العبيدي. ويذكر أن مشروع قانون المالية لسنة 2012، قد أعدته الحكومة المنتهية مهامها برئاسة الباجي قايد السبسي، وتبنّته الحكومة الجديدة على أن تقدم مشروعا تكميليا للميزانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة المقبلة. المصدر: وات