اعتبرت الهيئة العليا المستقلة للاتّصال السمعي والبصري في بلاغ الجمعة 8 جوان 2018 أنّ تغطية قناة نسمة لحادثة قرقنة التي تمثلت في غرق مركب مهاجرين غير نظاميين وخلّفت عديد الضحايا، كان بطريقة موجّهة ومتعارضة مع نواميس المهنة الصحفية. وقالت إن ما تأتيه قناة نسمة من خلال تطويع منابر حوارية للدعاية لموقف أحادي يختزل طموحا شخصيا وذلك بتأثير من صاحبها “نبيل القروي”، هو عبارة عن استمرار في مخطط من التخريب الممنهج للمشهد الإعلامي بهدف التموقع والتأثير في مفاصل الدولة ومؤسساتها، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار شبهات الفساد المالي والأبحاث التحقيقية المفتوحة بشأنه مما يستوجب وقفة مسؤولة من قبل مؤسسات الدولة، حسب نصّ البلاغ. وشدّدت الهياكا على أنّ تفاقم تأثير رأس المال المشبوه ومراكز الضغط أدى الى انحراف بعض المؤسسات الإعلامية عن وظائفها وانخراطها في أجندات وتجاذبات حزبية ضيّقة. وأشارت إلى أنّ صاحب هذه القناة التلفزية “نبيل القروي” ما كان سيقوم بمثل هذه الأدوار الخطيرة لولا الغطاء السياسي الذي وفّرته بعض الجهات المتموقعة في الحكم والتي تراهن على الاستفادة منه في المحطات الانتخابية القادمة وذكرت الهيئة أنه قد سبق لها أن نبّهت الى المخاطر التي تتهدد المشهد الإعلامي في تونس من خلال التوظيف المفضوح لبعض المؤسسات الإعلامية وتحويلها الى طرف في الصراعات الحزبية الضيقة، غير أن التغاضي عن ذلك أدى الى مزيد الانحدار الأخلاقي بلغ حدّ المتاجرة بدماء ضحايا حادثة قرقنة وتحويلها الى مطيّة لتحقيق مآرب سلطوية ضيّقة. ودعت الهيئة مختلف القائمين على المؤسسات الإعلامية والصحفيين إلى التحلّي بقواعد المهنة الصحفية والالتزام بالاستقلالية والموضوعية، وتنبّه أنّ انخراط وسائل الإعلام في الصراعات الحزبية والانحراف عن قواعد المهنة يمثّل مؤشّرا خطيرا من شأنه أن يضرب المسار الديمقراطي برمّته. وأكّدت أنّ عدم استكمال بناء المؤسسات الضامنة لسلامة المسار الديمقراطي وعلى رأسها الهيئات المستقلة والمحكمة الدستورية يساهم في إتاحة الفرصة لاختراق مؤسسات الدولة والتلاعب بأمنها، مطالبة الحكومة بسحب مشاريع القوانين المتعلقة بالقطاع السمعي والبصري والمتناقضة مع مبادئ حرية الرأي والتعبير والتي إذا وقع إقرارها ستشكل انتصارا لهذه اللوبيات الخطيرة.