أعجبني تعليق على صورة لقيت رواجا كبيرا بمواقع التوصل الاجتماعي، الصورة كانت ليوسف الشاهد رئيس الحكومة وهو في لحظات عارمة من الفرح لفوز الترجي الذي هو في حقيقة الأمر انتصار لشخصه وقد جاء التعليق كالآتي: “موش الدولة تفرّحنا.. أحنا نفرّحو الدولة”. تعليق في الحقيقة بقدر ماهو معبّر جدا، فهو موجع الى حد كبير، حيث كان من المفترض أنّ الدولة هي التي تخلق سعادة شعبها وليس العكس، رغم أن هذا لا يمنع أن الشاهد وحكومته الذين يمثلون الدولة شاركوا إلى حدّ ما في إدخال الفرحة مساء أمس في قلوب ملايين التونسيين. المعروف أنّ الشاهد من محبّي النادي الافريقي، الفريق العريق الذي يمرّ بأزمة شأنه شأن البلاد التي تمر حاليا بأزمة سياسية خانقة..لكنه بذل مجهودا كبيرا لإنجاح هذا العرس الكروي ومعانقة النجاح.. الترجي بانتصارها مساء أمس لم تُفرح فقط أولادها وبناتها.. لقد أدخلت البهجة على جزء كبير من الشعب التونسي وأفرحت كذلك الدولة! والدولة تتمثل هنا في شخص الشاهد الذي ساند فكرة ترفيع عدد الجماهير لستين ألف ولعب بالنار وجازف بتحمل مسؤولية هذا القرار الجريء الذي كان يمكن أن يكون بابا مفتوحا على الفوضى والتخريب وخسارة الأرواح كذلك .. لقد ساند الفكرة وعملما بوسعه حتى تكون الاستعدادات الأمنية في مستوى الحدث وأكثر.. ملعب رادس ومحيطه شهد كذلك البارحة حضورا محترما لقوات الجيش الوطني وأعدادا كبيرة من الأمنيين بالزي المدني وسط الجماهير، والذين يمكن تمييزهم عن غيرهم لمن اعتاد تغطية وحضور مثل هذه التظاهرات وغيرها.. مايمكن ملاحظته في مباراة البارحة هو الانضباط الكبير لأعوان الأمن الذين من الواضح أنهم تلقوا تععليمات صارمة وحازمة حتى يكونوا أمنا جمهوري على غاية من الحرفية والمسؤولية . البارحة تم لأول مرة في تونس اعتماد تقنية ال VAR والتي أضفت رونقا من التنظيم والتطور على ملعب رادس رغم الحُفر والبنية التحتية التي تحتاج كمّا هائلا من التحسينات.. البارحة سجّل لاعبو الترجي الرياضي التونسي وهزت أهدافهم عروش القلوب.. وسجل من ورائهم يوسف الشاهد أهدافا في شباك خصومه السياسيين، لقد حقّق هذا السياسي الشاب تعاطفا وشعبية منقطعة النظير من الجماهير الكروية المتعطشة للفرح والانتصار رغم اختلاف جمعياتها وألوانها.. يوسف الشاهد حقّق البارحة أهدافا يبدو أنّها أكثر وقعا من أهداف الترجي ذاتها ! ويبدو أنه بدأ يحترف اللعبة السياسية شيئا فشيئا .. رغم نعومة تجربته في عالم السياسة وحداثتها … وقد أكد عديد رواد مواقع التواصل الاجتماعي لكن على الشاهد أن لا ينسى أنّ عديد الاحتجاجات والثورات في العالم بدأت شرارتها الأولى من مدارج الملاعب !! .. فالجماهير هتفت باسمك وأثنت على وقفتك معهم ومساندتك إياهم .. لكن موجة الركوب على الأحداث واستغلالها قد لا تنجح في كل مرة خاصة إذا تكرّرت في مناسبات عديدة لأنّ ذلك لن ينطلي على الجماهير التي لم تنسى بعد مقولة “تعلّم عوم” وحادثة غرق الشاب عمر العبيدي (19 عاما) أحد مشجعي النادي الأفريقي الذي اتُهمت أنذاك قوات الأمن بمحاصرته ودفعه للقفز في مياه وادي مليان قرب نفس الملعب، ملعب رادس الأولمبي …