شهدت السوق المالية، بشكل عام، والسوق النقدية، بصفة خاصة، هذا العام تطورات مهمة وديناميكية مميزة، مدفوعة بالأساس باستقرار الظرف الاقتصادي ودعم آليات إدارة المخاطر لمراقبة المنظومة البنكية والمالية. وفي هذا الإطار، وعلى مستوى السيولة، على وجه التحديد، ركز النظام البنكي التونسي توازنه، مدعوما بانخفاض اعتماده على موارد إعادة التمويل من البنك المركزي التونسي وقد تحقق ذلك انطلاقا من رغبة واضحة من جانب السلطات النقدية، حيث واصل البنك المركزي التونسي جهوده لضمان التخصيص الانسب للموارد في اتجاه تمويل القطاعات الإنتاجية والتحكم في مخاطر القرض من خلال تحديد نسب الفائدة ودعم العمل بالمعايير الاحترازية النافذة، في هذا المجال. وعلى مستوى المبادلات بين البنوك، فقد ارتفع إجمالي المعاملات حسب اخر المعطيات المحينة لمؤسسة الاصدار في 8 افريل 2024 بنسبة 13.5بالمائة إلى 1520.1مليون دينار. من ناحية أخرى، انخفض الحجم الإجمالي لإعادة تمويل السوق النقدية لمجابهة نقص السيولة بشكل ملحوظ في العشرية الاولى من الشهر الجاري ب 1.0 مليار دينار إلى 15.5 مليار دينار، وذلك على غرار ما تم في خصوص عمليات إعادة التمويل طويلة الاجل (شهر واحد) ، التي تراجعت بنسبة 24.9 بالمائة خلال الفترة المذكورة إلى 0.6 مليار دينار. هذا وتشير البيانات الاحصائية الى استقرار قائم عمليات السوق المفتوحة في حدود 8.3 مليار دينار بالتزامن مع تسجيل طلبات عروض البنك المركزي التونسي عند 5.6 مليار دينار. في إطار سعيه لتحقيق أهدافه الرئيسية المتمثلة في الحفاظ على استقرار النظام المالي وضبط التضخم ودعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على توازن القطاع الخارجي، واصل البنك المركزي التونسي منذ بداية العام الحالي اعتماد سياسة نقدية تقييدية إلى الحد الأدنى هذا العام باستخدام أدوات متعددة تتعلق أساسا بالتحكم في قنوات الإبلاغ بين المنظومتين النقدية والانتاجية وهي القائمة على ضبط مستويات نسب الفائدة وحجم السيولة وسعر الصرف. وكان تطور حجم الكتلة النقدية متماهيا عموما مع اهداف إطار الاقتصاد الكلي، مما قلص من الضغوط التضخمية وذلك في سياق ما اتخذ من قرارات على صعيد ضبط نسب الفائدة الرئيسية.
