أحيانًا، يبدو أن دماغنا يشبه غرفة الأخبار، جاهز لبث نشرة إخبارية جديدة كل 15 دقيقة تنذر بكارثة جديدة. نظرة غريبة، بريد إلكتروني بلا رد، وفجأة، تدفعنا خيالاتنا إلى سيناريوهات كارثية. لماذا نميل إلى تضخيم الأمور بهذا الشكل؟ وكيف يمكننا إيقاف هذه العادة دون أن نصاب بالجنون؟ إليكم بعض الإجابات الواضحة والعملية. ماذا يحدث عندما نشعر بالقلق بلا سبب؟ تخيل أن دماغك مثل جدة قلقة تقف خلف نافذة، تهمس باستمرار: ماذا لو أصبت بمرض أثناء السفر؟ ماذا لو لم يرد لأنه لا يحبني؟ ماذا لو تسير الأمور بشكل سيء؟ هذا ما يسميه العلماء "التفكير المبالغ فيه": انشغال مفرط بالأفكار القلقة. في هذه اللحظات، يأخذ اللوزة الدماغية (مركز الخوف) السيطرة، بينما يستريح القشرة الجبهية (المركز المسؤول عن المنطق). من المهم أن نفهم أن هذه النزعة للقلق هي آلية تطورية: في العصور القديمة، كان من الأفضل أن نعتقد أن الشجيرة هي نمر بدلًا من العكس. اليوم، أصبح نمرنا بريدًا إلكترونيًا من مصلحة الضرائب أو صمتًا طويلًا على "واتساب"… ولكن دماغنا ما زال يطلق الإنذار كما لو كانت حياتنا مهددة. ماذا نفعل عندما نبدأ في تضخيم الأمور؟ 1. تعرف على اللحظة التي تبدأ فيها في المبالغة اسأل نفسك: "ماذا أفكر الآن؟" إذا كانت الإجابة تبدو مثل "ماذا لو سارت الأمور بشكل سيء؟"، مبروك، لقد ركبت قطار القلق. هذا ما يسمى "التصغير": انحراف معرفي شائع في حالات القلق حيث يصبح كل مشكلة كارثة. أمثلة: "إذا فشلت في تقديم عرضي → سيتم فصلي → سأصبح بلا مأوى." "إذا لم يرد → فهو لا يحبني → سيفارقني." 1. عبّر عن أفكارك بصوت عالٍ أو كتابيًا اكتب مثلًا: "أعتقد أنني سأُفصل لأن مديري رد ب 'حسنًا' فقط على تقريري." قد يبدو ذلك سخيفًا؟ ممتاز. كتابة مخاوفك يساعد في تنشيط الجزء العقلي من الدماغ وتهدئة نوبات الهلع. 1. افصل بين الواقع والخيال اسأل نفسك: هل هذا واقع أم تفسير؟ مثال: الواقع: "مديري لم يرد على بريدي الإلكتروني." الخيال: "إنه يكرهني ويجهز لفصلي." هذه التمرين البسيط يعيد لك السيطرة على أفكارك. 1. أضف لمسة من الفكاهة إذا كنت تتخيل بالفعل أنك ستعيش تحت جسر، فبالغ في السيناريو: "بعد فصلي، سأفتح شاحنة طعام أمام المحطة وأصبح نجمًا على تيك توك." الضحك ينشط مناطق أخرى في الدماغ ويقلل من إنتاج الكورتيزول، هرمون التوتر. 1. حوّل انتباهك قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن تغيير النشاط يعمل: اشرب كوبًا كبيرًا من الماء البارد. امشِ لمدة عشر دقائق بدون هاتف. ابدأ بمهمة يدوية. الدماغ القلق مثل الجرو: إذا لم يكن لديه ما يفعله، فإنه يمضغ أعصابك! 1. حدد وقتًا للقلق من المستحيل إيقاف القلق؟ خطط له. خصص 15 دقيقة يوميًا للقلق المكثف، ثم انتقل إلى شيء آخر. تساعد هذه الطريقة المستوحاة من العلاج المعرفي السلوكي دماغك على عدم السماح للقلق بالاستيلاء على يومك. لا تنسَ الأساسيات المهمة قبل أن تفرط في القلق، تحقق من حالتك الجسدية: هل تناولت الطعام مؤخرًا؟ هل نمت بشكل كافٍ؟ هل تحركت قليلًا؟ أحيانًا، يكفي نقص بسيط في الطاقة لتحويل توتر بسيط إلى دراما ضخمة. متى يجب استشارة مختص؟ إذا شعرت بأنك غارق في أفكار قلق مستمرة، وإذا كانت تؤثر على نومك أو صحتك أو تركيزك، فقد حان الوقت للاستشارة. تُعالج الاضطرابات القلقية بشكل جيد اليوم بفضل العلاج المعرفي السلوكي، علاج المخططات، اليقظة الذهنية أو أحيانًا الدعم الدوائي المناسب. قلقك ليس خللًا: إنه نظام إنذار داخلي. لكن بدلاً من محاولة إيقافه بأي ثمن، فإن الاستماع لما يحاول أن يقوله يمكن أن يكون أكثر فعالية. هكذا يبدأ الطريق نحو الهدوء الحقيقي. لقراءة المقال بالفرنسية