أعلنت النيابة العامة في باريس، يوم الثلاثاء 4 جوان، أنه تم توجيه تهم رسمية إلى خمسة أشخاص، من بينهم ثلاثة عسكريين سابقين ومدنيان، بتاريخ 24 ماي، بسبب تورطهم في عدة انتهاكات خطيرة تتعلق بالإضرار بسرية الدفاع الوطني. وتشمل التهم الموجهة إليهم الاستيلاء على وثائق سرية وتحريفها ونسخها وتسريبها، بالإضافة إلى ممارسة أنشطة مرتبطة بتصنيع أو تجارة المعدات العسكرية ضمن مجموعة منظمة، دون ترخيص رسمي. وبحسب النيابة، يُشتبه في أن المتهمين أنشأوا أو شاركوا في تأسيس شركة خاصة تُدعى Archange Solutions Osint، تُقدم نفسها على أنها متخصصة في الذكاء الاقتصادي، واستغلوا من خلالها معلومات مصنفة سرية دفاعية حصلوا عليها من خلال وظائفهم السابقة أو الحالية داخل الجيش. ومن بين المشتبه بهم، يُعد دافيد ب.، المؤسس الرئيسي للشركة في سبتمبر الماضي، المشتبه به الأول في القضية. وهو فرنسي من أصل طاجيكي، وُلد سنة 1991، ويُعتقد أنه عمل سابقاً لدى قصر الإليزيه، حسب ما أفادت به عدة مصادر قريبة من الملف، وقد أكدت اثنتان منها هذه المعلومة. من جانبه، رفض محاميه أنطونان غرافلان-رودريغيز التعليق على هذا الجانب. حتى هذه المرحلة، لم يتم وضع أي من الموقوفين الخمسة رهن الإيقاف التحفظي، لكن جميعهم يخضعون حالياً للرقابة القضائية. وأكدت النيابة العامة أنه لا توجد أي مؤشرات على تعريض عمليات عسكرية أو أمن الأفراد للخطر، كما أن الشركة المعنية لم تظهر نشاطاً ذا أهمية تُذكر. ومن بين المتهمين أيضاً امرأة عسكرية، ذكرت صحيفة لو باريزيان أنها عملت بدورها في أحد أقسام الرئاسة الفرنسية. وقد علّق محاميها، هوغو لاتراب، قائلاً: «سيُؤخذ بعين الاعتبار التزامها الوطني ومسيرتها العسكرية النزيهة»، مضيفاً: «حين تُبرّأ موكلتي، سيتضح من تكون فعلاً: بريئة». أما المحامي رضا غيلاسي، الذي يتولى الدفاع عن أحد المتهمين المدنيين، فقد صرّح بأن موكله يطعن في التهم المنسوبة إليه، مشيراً إلى ضعف الأدلة المادية التي قدمها الادعاء. من جهتهم، رفض المحاميان الآخران في الملف الإدلاء بأي تصريح. وكانت بعض المصادر القريبة من التحقيق قد أشارت، في المراحل الأولى من البحث، إلى احتمال وجود صلات مع روسيا، غير أن قضاة التحقيق لم يأخذوا بهذه الشبهات، كما لم يُعتمد تكييف «التخابر مع قوة أجنبية» الذي يُعد جريمة ذات طابع جنائي أكثر خطورة. واعتبر المحامي غرافلان-رودريغيز أن القضية أشبه ب«جبل يتمخض عن فأر»، مؤكداً أن التهم الموجهة تقع ضمن أخفّ الانتهاكات المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكري. وقد عبّر عن ثقته في مآل الملف، مؤكداً حرص فريق الدفاع على إثبات براءة موكليه. وإلى حين استكمال التحقيقات، تبرز هذه القضية من جديد حساسية المعلومات التي يطلع عليها أفراد سابقون في المؤسسة العسكرية، وما تطرحه من إشكالات عند إعادة استخدامها في إطار خاص أو تجاري، لاسيما إذا كانت ذات طابع سري. ولا تزال الأبحاث متواصلة تحت إشراف قاضي تحقيق في باريس.