يشهد الاقتصاد الفرنسي تباطؤًا ملحوظًا. فبعد شهرين متتاليين من الارتفاع، تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 1,4% خلال شهر أفريل 2025، وفقًا لما أفاد به المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (Insee). و يُعزى هذا الانخفاض أساسًا إلى تراجع حاد في إنتاج الكهرباء والغاز، نتيجة لدرجات حرارة استثنائية الدفء مقارنة بالمعدل الموسمي. و قد سجل قطاع الصناعات الاستخراجية والطاقة والمياه انخفاضًا بنسبة 5,0%، مع تراجع خاص بلغ 5,5% في إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز. وأوضح المعهد أن شهر أفريل 2025 يُعد خامس أكثر شهر أفريل دفئًا منذ سنة 1900، مما أدى إلى انخفاض في الطلب على الطاقة. تراجع في القطاعات الصناعية الرئيسية لم يكن قطاع الصناعات التحويلية بمنأى عن هذا التراجع، إذ سجل انخفاضًا بنسبة 0,6%. وبرز هذا الانكماش بشكل حاد في قطاع التكويك والتكرير بنسبة -14,0%، وكذلك في صناعة معدات النقل بنسبة -2,4%، حيث شمل ذلك تراجعًا بنسبة 0,4% في صناعة السيارات، و3,7% في الصناعات الجوية والبحرية والسككية. و شهدت قطاعات أخرى تراجعًا كذلك، على غرار صناعة المعدات الكهربائية والإلكترونية والإعلامية التي انخفضت بنسبة 1,9%، ما يعكس تباطؤًا تقنيًا في القطاع الصناعي. بعض النقاط المضيئة القطاعية و رغم هذه المؤشرات السلبية، لم تكن جميع القطاعات في المنطقة الحمراء. فقد سجل قطاع الصناعات الغذائية نموًا بنسبة 1,1%، كما سجل إنتاج السلع الصناعية الأخرى (كالصناعات الكيميائية والصيدلانية والميتالورجية) زيادة طفيفة بنسبة 0,3%. و على امتداد الثلاثي الممتد من فيفري إلى أفريل، انخفض الإنتاج الصناعي الإجمالي بنسبة 0,8% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، في حين تراجع الإنتاج التحويلي بنسبة 1,0%. وكانت القطاعات الأكثر تضررًا هي صناعة المنتجات الصناعية الأخرى (-1,8%)، ومعدات الإعلامية والإلكترونيات (-2,0%). كما سجل قطاع الصناعات الغذائية تراجعًا طفيفًا بنسبة -0,5%. قطاعات تقاوم الانكماش في المقابل، حافظت بعض القطاعات على أدائها الإيجابي خلال نفس الفترة، من بينها معدات النقل (+2,0%)، والتكويك والتكرير (+4,2%)، وقطاع الطاقة والاستخراج والمياه (+0,5%). أما في شهر أفريل 2025 تحديدًا، فقد سجل قطاع البناء نموًا بنسبة 0,8%، مع انتعاشة ملحوظة في بناء المباني بنسبة +1,7%. ومع ذلك، وعلى امتداد عام، تبقى التوجهات سلبية، حيث سُجل انخفاض بنسبة 1,5% في الفترة الممتدة من فيفري إلى أفريل. العجز التجاري يبلغ مستوى قياسيًا جديدًا بالتوازي، تفاقم العجز التجاري لفرنسا في شهر أفريل، ليصل إلى 7,4 مليارات يورو، بحسب إحصائيات الجمارك. ففي حين بقيت الواردات مستقرة عند 57,8 مليار يورو، تراجعت الصادرات ب100 مليون يورو لتبلغ 50,4 مليار يورو. و يُثقل قطاع الطاقة كاهل الميزان التجاري. فرغم تراجع الواردات، إلا أن الصادرات شهدت انخفاضًا أكبر، ما ساهم في تدهور الميزان الطاقي. تدهور متواصل منذ جانفي هذا التراجع الجديد يعكس توجهًا مقلقًا، إذ عرف العجز التجاري تدهورًا شهريًا منذ بداية السنة. فقد بلغ 6,1 مليارات يورو في جانفي، و6,8 مليارات في فيفري، و7,3 مليارات في مارس. وعلى مدى 12 شهرًا، بلغ العجز التجاري 80,4 مليارات يورو، مقتربًا من مستوى 81 مليارًا المسجل سنة 2024. و لم تسجل فرنسا فائضًا تجاريًا في السلع منذ عام 2002، وتؤكد أرقام أفريل 2025 استمرار اختلال بنيوي في تجارتها الخارجية، تغذيه أساسًا فاتورة الطاقة وضعف القاعدة الصناعية. تباطؤ الإنتاج وتفاقم العجز يثيران القلق إن تزامن تراجع الإنتاج الصناعي مع تفاقم العجز التجاري يثيران مخاوف جدية بشأن صحة الاقتصاد الفرنسي. و تُبرز النتائج المتباينة للقطاع الصناعي، إلى جانب اختلال الميزان التجاري، الحاجة إلى مراجعة السياسات الصناعية والطاقية من أجل تعزيز صمود الاقتصاد الوطني.