في ليلة الخميس إلى الجمعة، شنّت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت عدة مواقع استراتيجية في إيران، بما في ذلك منشآت نووية و قواعد عسكرية ومناطق سكنية تؤوي مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى. وقد أُطلق على هذه العملية اسم "الأسد الصاعد"، وهي تمثّل منعطفًا حاسمًا في المواجهة بين إسرائيل وإيران. أهداف رفيعة المستوى : مقتل قادة عسكريين و علماء نوويين بحسب وكالة تسنيم الإيرانية، كان من أبرز نتائج العملية اغتيال القائد العام للحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، الذي قُتل في مقر الميليشيا شبه العسكرية. كما أفادت الوكالة بمقتل العالمين النوويين مهدي طهرانچي وفريدون عباسي، وهما من الشخصيات المحورية في البرنامج النووي الإيراني. مصادر أمنية إسرائيلية، نقلتها قناة 13 وموقع "واللا"، أشارت إلى أن الموجة الأولى من الضربات قد تكون قد حيّدت جزءًا كبيرًا من القيادة العسكرية الإيرانية، من بينهم رئيس الأركان اللواء محمد باقري، وقائد مركز القيادة العسكرية غلام علي رشيد. هجوم مخطط و مدعوم و وفقًا للجيش الإسرائيلي، فقد شارك في العملية 200 طائرة حربية، أُسقط خلالها أكثر من 300 قنبلة، واستُهدفت حوالي 100 نقطة موزعة بين طهران وتبريز وكرمانشاه ونطنز. ومن بين المنشآت التي تعرّضت للقصف، موقع "أحمدي روشن" لتخصيب اليورانيوم، وقواعد صواريخ، بالإضافة إلى بنى تحتية عسكرية حساسة في العاصمة وضواحيها. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي صرّح بأن هذه الهجمات تمثل "بداية لحملة طويلة الأمد"، مؤكدًا استمرار الضربات، وأن موجات إضافية ستُنفذ في الأيام المقبلة. الرد الإيراني بدأ بالفعل بعد ساعات قليلة من الغارات، أعلن الجيش الإسرائيلي أن إيران أطلقت 100 طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل. وقد دوّت صفارات الإنذار في عدد من مناطق البلاد، فيما أعلنت تل أبيب حالة التأهب القصوى. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أشرف على العملية من مركز قيادة محصّن، وصف الحدث بأنه "لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل"، مشيرًا إلى أن الهدف هو منع إيران من امتلاك السلاح النووي. شهادات وخسائر في إيران في طهران، سُمع دوي انفجارات في عدة أحياء، من بينها حي "شهرك شهيد محلاتي"، وهو منطقة سكنية يقطنها العديد من كبار القادة العسكريين. ووفقًا لمصادر نقلتها صحيفة نيويورك تايمز، فقد تم تدمير ثلاثة مبانٍ بالكامل في تلك المنطقة. وقد تم تعليق جميع الرحلات الجوية من مطار الإمام الخميني الدولي، بينما تصاعدت أعمدة الدخان من مقر الحرس الثوري. و أعلنت التلفزة الرسمية الإيرانية عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 20 آخرين في حي "نارمك" شرقي العاصمة. كما أفادت وزارة الدفاع الإيرانية بأن منشآت في كرمانشاه ولورستان وخرم آباد وخُنداب كانت من بين الأهداف التي تعرضت للقصف. إيران تتوعد برد «ساحق» في بيان له، توعّد الحرس الثوري الإيراني بأن "الكيان الصهيوني سيدفع ثمنًا باهظًا جدًا جراء هذا العدوان". من جهته، علّق المرشد الأعلى علي خامنئي قائلاً إن إسرائيل "قد وقّعت على مصيرها بيدها"، محذرًا من أنها "ستتلقى عقابًا مؤلمًا ولا مفرّ منه". تأكيد على التنسيق الأميركي-الإسرائيلي بحسب معلومات أوردتها هيئة البث الإسرائيلية، فقد تم اتخاذ قرار شنّ العملية قبل ثلاثة أيام من قبل نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة. وقد طُلب من جميع الوزراء الإسرائيليين التوقيع على بنود سرية قبل تنفيذ العملية. كما أمرت الحكومة الإسرائيلية بإجلاء عدد من المسؤولين إلى مواقع آمنة تحسبًا لأي رد وشيك. نحو تصعيد إقليمي ؟ في ظل إغلاق المجال الجوي العراقي أمام حركة الطيران، تم تحويل مسارات الرحلات المدنية الإسرائيلية نحو قبرص، بينما تحدثت شبكة سي إن إن عن "أيام من القتال المرتقب". من جهتها، أكدت الولاياتالمتحدة "دعمها الكامل" لإسرائيل، ووصفت الهجوم بأنه ضربة وقائية. و قد يتحول النزاع بين القوتين الإقليميتين إلى مواجهة مباشرة وطويلة الأمد، ما ينذر بعواقب جسيمة على استقرار منطقة الشرق الأوسط بأسرها. و عليه، فإن عملية "الأسد الصاعد" تمثل تصعيدًا غير مسبوق في المواجهة بين إسرائيل و إيران. و بينما يبدو أن الدولة العبرية قد وجّهت ضربة قاسية للبنية العسكرية والعلمية الإيرانية، فإن تهديدات طهران بالرد تثير مخاوف من انزلاق خطير. العالم يترقّب بحذر تصاعد التوترات التي تخطت الإطار الإقليمي.