استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم الجمعة 14 جوان 2025، بقصر قرطاج، أربعة تونسيين مقيمين في سويسرا، يقفون وراء مبادرة غير مسبوقة وذات طابع وطني، تمثّلت في توفير قرابة 200 حافلة لا تزال في حالة جيدة، بهدف تعزيز وسائل النقل العمومي في تونس. و ضمّ وفد الضيوف كلاً من : ليليا دريدي، شوقي دراوي، الأسعد اللمّام وفادي بطيّب، وهم من بين مجموعة من المتطوّعين الذين يعملون منذ سنة 2023 دون كلل لإنجاح هذا المشروع اللوجستي الطموح، بالتعاون مع شركة نقل سويسرية. تبرّع استراتيجي لقطاع النقل من المنتظر أن تُرفق هذه الحافلات، التي لا تزال قيد التشغيل في سويسرا، بقطع غيار ضرورية لصيانتها، وهو شرط أساسي لضمان دمجها الفعّال ضمن أسطول النقل التونسي. و أكد الرئيس قيس سعيّد أن هذه الحافلات في حالة جيدة وقابلة للاستغلال مباشرة، ما يمثّل مكسبًا كبيرًا لقطاع يعاني من صعوبات هيكلية. و يأتي هذا التبرع في وقت حرج يعاني فيه النقل العمومي في تونس من نقص مزمن في المعدّات، ما يجعل هذه المبادرة المواطنية في توقيتها ومضمونها دعمًا مهمًا لتحسين التنقّل داخل المناطق وتخفيف الضغط عن الشبكات الحالية. عراقيل إدارية ومحاولات تخريب و لم يُغفل رئيس الجمهورية الحديث عن الصعوبات التي واجهت هذه المبادرة منذ انطلاقها، متهماً بعض الأطراف بمحاولات متعمّدة لتحويل وجهة الحافلات نحو بلدان أخرى، بتواطؤ من جهات أجنبية ومحلية. و قال الرئيس إنّ "هناك من لا تهمّهم سوى مصالح اللوبيات"، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات لم تقتصر على الخارج فحسب، بل تسلّلت أيضًا إلى داخل الإدارة التونسية، حيث سعى بعض الموظفين إلى إفشال العملية. كما شدّد قيس سعيّد على أن مثل هذه السلوكيات لن يكون لها مكان في الإدارة التونسية الجديدة، مؤكدًا أن الدولة يجب أن تُدار من قبل رجال ونساء يتحلّون بالروح الوطنية الحقيقية. دور محوري للجالية التونسية و شكّلت هذه المناسبة فرصة للحديث عن الدور الاستراتيجي الذي تضطلع به الجالية التونسية بالخارج في مسار البناء الوطني. ودعا رئيس الجمهورية إلى تبسيط الإجراءات الإدارية لتسهيل مشاركتهم، مُعترفًا في الآن ذاته بما يتعرضون له من عراقيل غير مبرّرة عند عودتهم إلى أرض الوطن. و قال قيس سعيّد : "تونس لا تريد سوى ما يحفظ كرامتها وكرامة شعبها"، مُشيدًا بإصرار ووفاء ووعي هؤلاء المواطنين المقيمين في سويسرا، الذين تمكّنوا من إحباط جميع محاولات الالتفاف على مشروعهم. نحو بناء تونس جديدة و اختتم الرئيس اللقاء بالتأكيد على عزمه الثابت لبناء تونس جديدة، تُدار من قبل موظفين وطنيين يحملون رؤية دولة ذات سيادة وعدالة ونجاعة. و يُمثل هذا التبرع ب200 حافلة أكثر من مجرد دعم لوجستي، بل هو عمل مقاومة مواطني ضد الفساد والبيروقراطية، ويُقدم أفقًا ملموسًا لإصلاح المرافق العمومية في البلاد. و من المنتظر أن يصل أول موكب من هذه الحافلات خلال الأسابيع القادمة، وتأمل رئاسة الجمهورية أن يُمهّد الطريق أمام مبادرات أخرى من الجالية التونسية، الحريصة على استرجاع كرامة تونس وإعادة دفع مسيرتها إلى الأمام.