في الوقت الذي تُظهر فيه أسعار المواد الغذائية العالمية بعض بوادر التهدئة، تسجّل الإنتاجية والتجارة في السلع الأساسية آفاقًا إيجابية إجمالًا خلال عام 2025، وفقًا لأحدث بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). غير أن التوترات الجيوسياسية والصدمات المناخية لا تزال تثقل كاهل نظام زراعي غذائي دولي يسعى إلى تحقيق التوازن. و رغم مؤشرات التعافي في الإنتاج والتجارة العالمية للمواد الغذائية، فإن الأسعار لا تزال متقلبة وتخضع لعدة عوامل غير مؤكدة. هذا ما كشفته منظمة الفاو في بياناتها الأخيرة الصادرة يوم الخميس 12 جوان الجاري، والتي ترسم مشهدًا متباينًا لأمن الغذاء العالمي خلال عام 2025. ارتفاع عام في الإنتاج تشير توقعات الفاو لسنة 2025 إلى أن الآفاق "متفائلة نسبيًا" بالنسبة لمعظم السلع الغذائية: الحبوب، اللحوم، مشتقات الحليب، والأسماك. و يُنتظر أن يسجل إنتاج الذرة رقمًا قياسيًا بعد عام صعب، مدفوعًا بزيادة الإنتاج في البرازيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. كما يُتوقع أن يعرف الأرز والذرة الرفيعة (السرغو) منحى تصاعديًا مماثلًا. أما القمح، الذي يُعدّ أول حبوب الاستهلاك البشري، فيشهد وضعًا أكثر تباينًا. إذ إن الطلب العالمي عليه يتجاوز العرض بشكل طفيف، خاصة نتيجة انتعاش الطلب في آسيا، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع المخزونات العالمية ودعم الأسعار في الأشهر المقبلة. أسعار عالمية : تهدئة هشة و رغم توقعات الفاو بنمو الكميات المتداولة، فإنها تسجل أيضًا تباطؤًا مؤخرًا في أسعار الأغذية العالمية. ففي ماي 2025، انخفض مؤشر الأسعار العام التابع لها بنسبة 0.8% مقارنة بشهر أفريل، رغم بقائه أعلى ب6% من مستواه في نفس الفترة من السنة الماضية. أكبر التراجعات سُجّلت في أسعار الذرة (-1.8%) وزيت النخيل (-3.7%)، وهما منتجان استفادا من محاصيل جيدة وتحسن في التوافر. في المقابل، ظلت أسعار لحوم الأبقار والزبدة والحليب المجفف الكامل مرتفعة، مدعومة بطلب قوي، لا سيما في آسيا. كما سجلت أسعار الزيوت النباتية والحبوب – وهي من البنود الحيوية للبلدان الأكثر هشاشة – تراجعًا للعام الثاني على التوالي، ما ساهم في التخفيف من الزيادة في الفاتورة الغذائية العالمية، التي بلغت رغم ذلك 2.100 مليار دولار سنة 2024، بارتفاع قدره 3.6%.