وجهت الصين، اليوم الثلاثاء 17 جوان 2025، انتقادات حادة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، متهمة إياه ب«صبّ الزيت على النار» في ظلّ تصاعد النزاع بين إسرائيل وإيران، وذلك عقب دعوته سكان طهران إلى إخلاء العاصمة الإيرانية فوراً. و في مؤتمر صحفي عقد في بكين، عبّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جياكون، عن موقف حازم تجاه هذه التصريحات، قائلاً: «تأجيج النيران، وإطلاق التهديدات، وزيادة الضغوط، لن تُسهم في تهدئة الأوضاع، بل ستؤدي إلى مزيد من التوتر واتساع رقعة الصراع». و في بيان منفصل صدر في وقت مبكر من صباح اليوم نفسه، دعت الدبلوماسية الصينية جميع الأطراف المعنية، ولا سيّما تلك التي تملك «نفوذاً خاصاً» على إسرائيل، إلى تحمّل مسؤولياتها واتخاذ خطوات فورية لخفض التوتر. كما جدّدت الصين تأكيدها على استعدادها لإجراء حوار نشط مع كافة الأطراف المعنية، بهدف الاضطلاع بدور بنّاء في استقرار المنطقة. و كانت بكين قد أدانت، في وقت سابق، الغارات الإسرائيلية التي نُفذت يوم الجمعة الماضي ضدّ أهداف استراتيجية داخل الأراضي الإيرانية. واستهدفت هذه الهجمات، التي نُفذت بدعم أميركي ضمني، منشآت نووية، وقواعد صاروخية، إضافة إلى عدد من كبار المسؤولين العسكريين والعلماء، ما أسفر عن سقوط 224 قتيلاً و1277 جريحاً، وفقاً لما نقلته القنوات الرسمية الإيرانية. و ردّاً على ذلك، شنّت إيران ليلاً سلسلة هجمات بصواريخ باليستية و طائرات مسيّرة مسلّحة على منشآت إسرائيلية. و أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية عن حصيلة أولية بلغت 24 قتيلاً و مئات الجرحى، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة أفادت بها وسائل إعلام محلية. و أعادت هذه التوترات إشعال القلق الدولي، في ظل تعمّق العلاقات الاستراتيجية بين بكينوطهران خلال السنوات الأخيرة، خاصة في مجالات التعاون الطاقي والعقود النفطية، على خلفية التنافس الاقتصادي المتزايد بين الصين والولايات المتحدة. حرب ذات تداعيات عالمية تتجاوز تدخلات الصين في هذا الملف الطابع الدبلوماسي البحت، إذ تسعى بكين إلى ترسيخ نفسها كطرف ضامن للاستقرار، في وقت يبدو فيه أن الغرب، بقيادة واشنطن، يدفع نحو التصعيد. ومن خلال دعوتها إلى التهدئة والحفاظ على السيادة الإيرانية، تعيد الصين تأكيد رؤيتها لعالم متعدد الأقطاب، في مواجهة النموذج الأحادي الذي تمثله السياسة الأميركية. و قد تُسهم دعوة ترامب إلى الفرار من طهران، والتي اعتُبرت استفزازية، في تعميق عزلة واشنطن الدبلوماسية، لا سيّما في أوساط دول الجنوب العالمي. فخطاب الإدارة الترامبية الحربي، المصحوب بموقف متماهي كلياً مع إسرائيل، يُضعف بشكل كبير هوامش التفاوض، في وقت يهدّد فيه الصراع بزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأسرها، بما في ذلك مسارات الطاقة والأسواق العالمية. و تعكس الحرب الجارية هشاشة آليات الردع الدولية، إذ إن التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، والمدفوع بدعم خارجي، يهدّد بنسف التوازنات الإقليمية على المدى الطويل، مع ما يترتب على ذلك من آثار على أسعار الطاقة، وأمن الملاحة، والعلاقات بين الدول عبر المحور الأوراسي.