في أعقاب الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية ليلة السبت إلى الأحد، أطلقت الولاياتالمتحدة سلسلة من الإجراءات الطارئة. فقد أصدر وزارة الخارجية الأميركية "تحذيراً عالمياً" موجّهاً إلى جميع رعاياها، بالتوازي مع بدء عمليات تقليص للموظفين الدبلوماسيين في كل من العراقولبنان. وفي ظل هذا التوتر الشديد الذي يشهده الشرق الأوسط، تخشى الإدارة الأميركية من تعرض مواطنيها أو بعثاتها الدبلوماسية لهجمات انتقامية مباشرة أو غير مباشرة، سواء في الخارج أو داخل أراضيها. انسحاب دبلوماسي وعمليات إجلاء جارية منذ يوم السبت، باشرت السلطات الأميركية بإجلاء رعاياها والمقيمين الدائمين من إسرائيل، البلد المنخرط في النزاع ضد إيران منذ 13 جوان. وتبعت هذه الخطوة تخفيضات في عدد الموظفين في عدد من السفارات الحساسة. وفي بغداد، خفضت البعثة الدبلوماسية الأميركية مجدداً من عدد موظفيها، حيث غادر عدد منهم يومي السبت والأحد. أما في بيروت، فقد أمرت السفارة الأميركية بمغادرة فورية للموظفين غير الأساسيين وعائلات الدبلوماسيين. وقد بررت السفارة هذا القرار في بيان نُشر على موقعها الرسمي بتدهور الوضع الأمني في المنطقة. كما نصحت وزارة الخارجية الأميركية بتجنب السفر إلى لبنان، في مؤشر واضح على خطورة الوضع الراهن. إنذار عالمي للمواطنين الأميركيين أوضح التحذير العالمي الذي أصدرته واشنطن أنّ النزاع القائم بين إسرائيل وإيران بات يؤثر بالفعل على حركة الطيران في الشرق الأوسط، إذ تم تسجيل إغلاقات متكررة للمجالات الجوية، إلى جانب مخاطر تنظيم احتجاجات معادية قد تستهدف المواطنين أو المصالح الأميركية. ودعت الوزارة جميع المواطنين الأميركيين حول العالم إلى توخّي أقصى درجات الحذر، تحسباً لاحتمال تصاعد الأعمال العدائية ضدهم. توتر داخلي في الولاياتالمتحدة: مخاوف من هجمات إلكترونية أو عنف داخلي داخل الأراضي الأميركية، رفعت السلطات مستوى التأهب الأمني. وقد أصدر وزارة الأمن الداخلي (DHS) بلاغاً تحذيرياً عبر نظامها الوطني لمراقبة التهديدات الإرهابية، يشير إلى تنامي مستوى الخطر عقب التدخل العسكري ضد إيران. وترجّح السلطات أن تشن مجموعات من القراصنة المرتبطين بطهران هجمات إلكترونية على منشآت أميركية حيوية. كما لا تستبعد احتمال تنفيذ أعمال عنف من قبل متطرفين محليين تأثروا بدعوات دينية (فتوى) مصدرها إيران. طهران تتوعد ب"ردّ لا يُمكن إصلاحه" لم تتأخر طهران في الردّ. فقد صرّح علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بأن "الولاياتالمتحدة لم يعد لها مكان في الشرق الأوسط". وتوعّد بعواقب لا يمكن تداركها، معتبراً القواعد العسكرية الأميركية التي استُخدمت في الضربات "أهدافاً مشروعة" في المرحلة المقبلة. وجاءت هذه التصريحات عقب إعلان الرئيس دونالد ترامب عن توجيه ضربة واسعة النطاق استهدفت منشآت نووية في فوردو ونطنز وأصفهان، مؤكداً أن هذه المواقع قد "أُزيلت بالكامل" باستخدام قنابل خارقة للتحصينات شديدة العمق. دوّامة حرب بتداعيات متعددة إنّ دخول الولاياتالمتحدة رسمياً في النزاع إلى جانب إسرائيل يمثّل تصعيداً كبيراً في حرب تتخذ أبعاداً إقليمية وربما دولية. وتشير المؤشرات إلى تداعيات بعيدة المدى على التوازنات الدبلوماسية والاقتصادية في العالم، من خلال ما يرافق ذلك من توتر في أسواق الطاقة، وتعطّل في حركة الطيران، وارتفاع منسوب التحذيرات الأمنية. وفي ظلّ عجز المجتمع الدولي عن فرض وقف لإطلاق النار، تبدو فرضية توسّع رقعة الصراع في الشرق الأوسط أكثر واقعية من أي وقت مضى.