أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الخميس، عن التعليق الفوري لكلّ مسار يهدف إلى تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، وذلك ردًّا على التصريحات التي أدلى بها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في أوّل خطاب له منذ انتهاء النزاع المسلّح بين طهران وتل أبيب. وألمح ترامب إلى أنّ قصفًا جديدًا لإيران يبقى خيارًا مطروحًا في حال استأنفت الأخيرة تخصيب اليورانيوم. وفي مؤتمر صحفي عقده بواشنطن، وصف الرئيس الأميركي تصريحات خامنئي التي تحدّث فيها عن "نصر إيراني على إسرائيل" بأنّها "كذبة واضحة"، مشيرًا إلى أنّ النظام الإيراني أصبح اليوم مهووسًا ببرنامجه النووي. و قال: "إذا أعادوا تشغيل تخصيب اليورانيوم، فسأفكّر جديًّا في قصف إيران مجددًا"، مضيفًا أنّه لا يشعر بالقلق إزاء احتمال وجود مواقع نووية سرّية. تهديدات صريحة ردًّا على تصريحات استفزازية و اتّهم ترامب إيران بتحدّي النظام الدولي من خلال تبنّي "نصر وهمي"، داعيًا الجمهورية الإسلامية إلى الانخراط مجددًا في المنظومة العالمية، تحت طائلة التعرّض لعزلة أشدّ. و وجّه أيضًا تعليقًا شخصيًا إلى المرشد الإيراني قائلًا: "لقد أنقذت حياته من موت فظيع و عليه أن يشكرني". و جاءت هذه التصريحات ردًّا على الخطاب الصباحي الذي ألقاه علي خامنئي، والذي أكّد فيه أنّ إيران وجّهت "صفعة موجعة" للولايات المتحدة و انتزعت النصر من "النظام الصهيوني الزائف" خلال الحرب التي دامت 12 يومًا مع إسرائيل. و اتّهم واشنطن بتكثيف ضرباتها خشية انهيار حليفها الإسرائيلي، كما سخر من محاولات أميركية لتضخيم الأثر الإعلامي للهجمات، معتبرًا إيّاها محدودة الفعالية رغم استهدافها مواقع نووية إيرانية. و حذّر خامنئي من أنّ أيّ عدوان جديد ضدّ إيران سيُقابل بردّ مباشر يستهدف القواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط. كما رفض بشكل قاطع عرض ترامب بشأن "الاستسلام غير المشروط"، مؤكدًا أنّ "إيران، بما تملكه من تاريخ عريق و ثقافة ضاربة في القدم، لن ترضخ أبدًا لخطاب الإذلال". حرب خاطفة بثمن بشري باهظ شهد الصراع العسكري بين إيران و إسرائيل، الذي اندلع بين 13 و25 جوان بدعم لوجستي أميركي، سقوط 606 قتلى و أكثر من 5000 جريح في صفوف الإيرانيين، وفق إحصاءات وزارة الصحة الإيرانية. و قد استهدفت الضربات الإسرائيلية-الأميركية منشآت عسكرية ونووية ومدنية، وأودت بحياة عدد من الضباط الكبار والعلماء النوويين. و ردّت طهران بإطلاق وابل من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة نحو الأراضي الإسرائيلية، حيث تمكّن عدد كبير منها من اختراق أنظمة الدفاع، ما أسفر عن مقتل 28 شخصًا وإصابة أكثر من 3000 آخرين، بحسب السلطات الإسرائيلية. وقد تداولت وسائل الإعلام الإسرائيلية على نطاق واسع صورًا للدمار ومشاهد الذعر. تحليل : تصعيد جديد يُنذر بعودة سريعة إلى التوتّر الشديد تُنبئ هذه المواجهة اللفظية المتجدّدة بين واشنطنوطهران بعودة وشيكة إلى أجواء التوتّر الشديد التي كانت تخيّم على المنطقة قبل محاولات التوصّل إلى اتفاقات نووية دولية. و يفتح تعليق مسار رفع العقوبات الأميركية، إلى جانب التهديد الواضح بشنّ ضربات جوية، مرحلة جديدة من الغموض الاستراتيجي، في وقت لا تزال فيه جراح الحرب الأخيرة نازفة. و بات استقرار الشرق الأوسط، الذي يعاني أصلًا من هشاشة واضحة، مهدّدًا من جديد بسبب استعراضات القوّة والمواقف المتناقضة التي يصعب التوفيق بينها.