ضربة جديدة لصورة المدارس العليا الفرنسية. ففي مدرسة "إم ليون" للأعمال (emlyon business school)، إحدى أعرق مؤسسات التعليم العالي في مجال الإدارة، تفجّرت مؤخراً اتهامات بسلوكيات عنصرية ومعادية للمسلمين، وذلك إثر تحقيق معمّق أجرته منصة ميديا بارت. وقد شهد العام الجامعي 2023-2024 سلسلة من الحوادث التي ندّد بها عدد من الطلبة، بعدما قرروا كسر جدار الصمت. حادثة صادمة خلال نشاط طلابي تبدأ القصة خلال عطلة نهاية أسبوع نظّمها نادي التزلج التابع للمدرسة في 8 جوان 2024. انتشرت مقاطع فيديو يُظهر فيها طلاب وهم يحاكون صلوات إسلامية على أنغام موسيقى بعنوان El Djihad، بينما تُعرض على الشاشة عبارة "PassAllah". وقد شاهد هذا المحتوى أكثر من 1500 طالب، ما أثار صدمة شريحة من المجتمع الطلابي. وقالت إحدى الطالبات لميديا بارت: «نخشى أن يُنظر إلينا كمُخبرين… لكن لا بد أن يتوقف هذا». ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل ظهرت وقائع أخرى أساءت إلى صورة المؤسسة: كتابات عنصرية، شتائم ضد العرب على اللوحات، استخدام رموز تعبيرية (إيموجي) جزائرية في تعليقات مرتبطة بشبهات سرقة، وتمثيل مثير للجدل لمؤتمر برلين الاستعماري… وهي ممارسات، بحسب عدة شهادات، لم تُواجَه بعقوبات كافية أو بتعامل شفاف من الإدارة. ردّ إداري خجول لا يطمئن الطلاب تؤكد إدارة المدرسة أنها اتخذت إجراءات. فقد تم إيقاف طالبان مؤقتاً عن نشاطات نادي التزلج. لكن لم تُصدر أي بيانات رسمية، وجاءت الردود غامضة وغير مطمئنة. تقول طالبة أخرى: «تقول لنا الإدارة إن ما حدث غير مقبول، لكنها في الوقت نفسه تسألنا إن كنا نرغب حقاً بالإضرار بصورة شهادتنا»، مشيرة إلى الضغوط التي تُمارَس على من يجرؤون على الكلام. ويصف عدد من الطلاب هذا الصمت المؤسسي ب"الأومرتا" – أي التواطؤ الصامت – مشيرين إلى وجود نظام من المحسوبية والضبابية في إدارة الجمعيات الطلابية. ويعتقد بعضهم أن الأولوية تبدو وكأنها تُعطى لسمعة المدرسة، أكثر من صحة وسلامة الطلاب المنتمين للأقليات. رغم الفضيحة… التصنيفات لا تتأثر من المفارقات أن emlyon تواصل تصدّر التصنيفات، رغم كل ما كُشف عنه. ففي أكتوبر 2024، صنّفتها مجلة L'Etudiant في المرتبة الثانية بين كليات الأعمال الفرنسية. تصنيف يثير التساؤل: هل تأخذ معايير التقييم في الحسبان بما فيه الكفاية قضايا الشمول والتنوّع؟ تحليل: أزمة بنيوية في مؤسسات النخبة تسلّط هذه الفضيحة الضوء على أزمة منهجية داخل المدارس العليا الفرنسية. ففي سعيها نحو التميّز الأكاديمي والحضور الدولي، كثير من المؤسسات لا تزال تضع مكافحة التمييز في المرتبة الثانية. والحرص المفرط على صورة العلامة التجارية يجعل من الشفافية والعدالة الداخلية أموراً ثانوية أو حتى مزعجة. وفي سياق عالمي تتزايد فيه أهمية قيم التنوع والإدماج والمسؤولية الاجتماعية في التصنيفات والاعتمادات الدولية (مثل AACSB وEQUIS)، فإن المدارس التي تتأخر في التفاعل تتحمّل مخاطرة استراتيجية. فعلى المدى المتوسط، قد تضرّ الفضائح المتكررة بجاذبية هذه المؤسسات، سواء لدى الطلاب الدوليين أو لدى الشركاء الاقتصاديين. ومن ثمّ، فإن من الضروري ل emlyon، كما لغيرها من المؤسسات الفرنسية، أن تعتمد آليات مستقلة للرقابة، والإنصات للضحايا، وفرض العقوبات بشفافية. فبتعزيز سياسات التنوع والعدالة، يمكن لهذه المدارس أن تحمي طلابها، وأن تواكب في الوقت نفسه المعايير العالمية للتميّز المسؤول.