تواجه سويسرا نقصًا غير مسبوق في اليد العاملة يشمل جميع القطاعات، ما يدفع البلاد إلى التخطيط لتوظيف أكثر من 85 ألف عامل بحلول نهاية سنة 2025، برواتب قد تصل إلى 6500 يورو شهريًا. يُعدّ الاستقرار الاقتصادي و أمن الوظائف و مستويات الأجور التنافسية للغاية من أبرز العوامل التي تجعل من سويسرا إحدى الوجهات المهنية الأكثر جذبًا في أوروبا. و في ظل التحول الرقمي، الشيخوخة الديمغرافية و الانتقال البيئي، تشهد البلاد طلبًا متزايدًا في مجالات متعددة، بدءًا من الصحة و وصولًا إلى تكنولوجيا المعلومات، مرورًا باللوجستيات و قطاع البناء. نقص هيكلي يشمل جميع المستويات وفقًا لدراسة مشتركة بين مجموعة «أديكو» و جامعة زيورخ، لم يعد النقص في اليد العاملة يقتصر على المهندسين أو المهن المتخصصة فحسب ، بل بات يشمل وظائف أساسية مثل المساعدين الصحيين، السائقين و عمال البناء. و تعتزم سويسرا توظيف نحو 365 ألف عامل جديد بحلول نهاية العام ، من بينهم 85 ألف وظيفة شاغرة بشكل فوري. تعود أسباب هذا الوضع إلى عدة عوامل، من بينها التقاعد الجماعي (خصوصًا في القطاع الطبي، حيث يبلغ ربع الأطباء في سويسرا أكثر من 60 عامًا)، و الحاجة المتزايدة إلى الخدمات المرتبطة بالشيخوخة و الانفجار في الطلب على التكنولوجيا الرقمية. رواتب مرتفعة و حرية تنقل ميسّرة تجذب سويسرا أيضًا بفضل رواتبها التنافسية، التي تتراوح بين 3500 و 6500 يورو شهريًا، حسب القطاع و الخبرة و المؤهلات. كما تستفيد البلاد من الاتفاقيات الثنائية لحرية تنقل الأشخاص مع الاتحاد الأوروبي (ALCP)، ما يُسهّل على المواطنين الأوروبيين الترشح و الاستقرار فيها. و تُعزّز عوامل إضافية من جاذبية السوق السويسرية، مثل مرونة ساعات العمل، والتكوين المستمر، والإعفاءات الضريبية للعاملين على الحدود. القطاعات التي تشهد أكبر نسب التوظيف فيما يلي أبرز المجالات التي تعاني من نقص في اليد العاملة: * الصحة: أطباء، ممرضون، مساعدون صحيون، صيادلة. * تكنولوجيا المعلومات: مهندسو برمجيات، مطوّرون، محلّلو بيانات. * البناء: عمّال بناء، مرصّفون، كهربائيون، رؤساء ورشات. * اللوجستيات والنقل: سائقون، عمّال مستودعات، موزّعون. * التربية: مدرسون متخصصون، مدرّبون تقنيون. * الفندقة والمطاعم: طهاة، نُدُل، موظفو استقبال. * التجارة والخدمات: بائعون، عمال نظافة، مقدّمو خدمات شخصية. و بحسب المختصين في التوظيف، لا يتردد بعض أصحاب العمل في تخفيف شروط الانتداب، كالتخلي عن اشتراط بعض الشهادات أو الخبرات، من أجل تلبية الطلب المتزايد في أقرب الآجال. و في هذا السياق، يوضح الخبير في سوق العمل، يانيك كيبفر: "تعاني بعض القطاعات، مثل البناء والمهن التقنية، من نقص حاد على المستوى المحلي، ما يجعل من اليد العاملة الأجنبية عنصرًا لا غنى عنه لضمان استمرارية النشاط." و بالإضافة إلى الرواتب المجزية، غالبًا ما تُعتبر جودة الحياة في سويسرا عاملاً حاسمًا: بيئة طبيعية استثنائية، معدلات جريمة منخفضة، منظومة صحية فعّالة (رغم تكلفتها)، وأحد أدنى معدلات البطالة في أوروبا، كل ذلك يعزز صورة سويسرا كدولة مستقرة ومزدهرة. و هكذا، تبرز سويسرا كأرضٍ للفرص المهنية، حيث يتم تقدير الكفاءات حق قدرها. وبالنسبة للعمال المؤهلين من تونس أو من باقي أوروبا، يُعدّ هذا الوقت الأمثل للتفكير في مسار مهني بالخارج، في إطار آمن، مجزٍ، ويوفر آفاقًا حقيقية للتطور. مع توفّر 85 ألف وظيفة شاغرة على الفور، فإن الفرصة مفتوحة على مصراعيها.