هي واحدة من أكثر سهرات الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي حضورا جماهيريا حيث بلغ العدد 7 آلاف شخص (بحسب مصدر أمني). وعلى هتافات الحاضرين المدوية في أرجاء المسرح الأثري بقرطاج، اعتلى الفنان اللبناني آدم، في سهرة الاثنين 18 أوت ركح قرطاج العريق ليملأ فضاءه بصوته المخملي ويغدق على الجمهور بباقة من أغانيه العاطفية والطربية. كانت التوقعات عموما تشير إلى أن هذه السهرة لن تكون كسابقاتها، فهذا الفنان كان أول من نفدت تذاكر حفله ساعات قليلة بعد طرحها للبيع منذ العاشر من جويلية الماضي. وامتلأت المدرجات قبل الموعد بسويعات من قبل جمهور شبابي أغلبه من النساء حفظ أغاني آدم عن ظهر قلب وردّد كلماتها طوال السهرة. الفنان آدم واسمه الحقيقي وائل شحادة تسلّح بقوة صوت حنجرته التي شبّت على الإنشاد منذ سن التاسعة، فكان لا يحتاج سوى إلى ميكروفون وجمهور يصغي إلى ألوانه الطربية الشبابية، فغنّى "نحنا سوا" ثم جاءت "في حدا" و"على بالي" و"خلص الدمع" تباعا كأنها محطات من سيرة عاطفية عاشها معظم الحاضرين بطريقتهم الخاصة. وقد جال بصوته بين الحزن والاشتياق وتنقل بين المقامات كما يتنقل العاشق بين أطياف الذكرى. ومنذ أن اكتشفه الملحن نقولا سعادة نخلة قبل أكثر من عقدين، كانت نبوءة الصوت المعجزة تلاحق آدم. وقد بدأ بالغناء للسيدة أم كلثوم وعبد الحليم وذكرى، لكنه لم يتوقف عند تقليد الكبار وإنما رسم لنفسه مسارا خاصا به صاعدا من "مش باقي غير أشواقي" إلى "كل واحد عنده سر"، مرورا بأغاني المسلسلات والألبومات التي أطلقها من 2001 حتى اليوم. ولم يخيّب آدم ظنّ جمهوره وبدا وكأنه يدرك جيدا قيمة هذا الركح وقداسة هذه السهرة التي تعني لفنان عربي ما تعنيه قمة المجد. // آدم: "مسرح قرطاج حلم طال انتظاره... والحب جوهر تجربتي الفنية" وكان الفنان اللبناني آدم عبُر، في ندوة صحفية عُقدت الأحد 17 أوت، عن سعادته البالغة بظهوره الأول على ركح المسرح الأثري بقرطاج، مؤكدا أن هذه المشاركة تمثل حلما طالما انتظره منذ سنوات. وقال: "الوقوف على مسرح قرطاج شرف كبير وحلم شخصي رافقني منذ بداياتي وأنا محظوظ أن أحققه اليوم". أوضح أن مشروعه الفني يقوم أساسا على الأغنية العاطفية ذات الطابع الدرامي، معتبرا أنه يعبر من خلالها عن الواقع الإنساني وقضاياه اليومية. وأضاف: "في كل ما أقدمه هناك مسحة وجدانية مرتبطة بالحب لأنني أؤمن أن الفن بلا حب لا يمكن أن يصل إلى الناس ولا يمكن أن يترك أثرا". وأشار إلى أنه يجد نفسه في الأغنية الدرامية تحديدا، لكنه لا يمانع في خوض تجارب مختلفة شرط أن تبقى وفية لأسلوبه القائم على الإحساس والصدق الفني. كما كشف أنه منفتح على التعاون مع موسيقيين تونسيين في المستقبل، مشيرا إلى أن الفضاء الفني في تونس زاخر بالأسماء المهمة وبالأصوات القادرة على إثراء التجربة الغنائية العربية. وأكد أنه لا يستبعد المشاركة في أعمال درامية أو موسيقية تونسية إذا ما توفرت الظروف الملائمة لذلك. وحول ما تغير في مسيرته منذ انطلاقته في بداية الألفية الثالثة، أوضح آدم أنه حاول الحفاظ على هويته الغنائية مع السعي إلى تطوير أدواته. وقال: "الموسيقى تتغير باستمرار لكن الأساس بالنسبة إلي هو أن أبقى وفيا لذاتي. قد أضيف تقنيات جديدة أو أغير في التوزيع لكن الجوهر يبقى مرتبطا بالصوت والإحساس". وختم آدم بالقول إن المشاركة في مهرجان قرطاج تمثل منعطفا أساسيا في مسيرته، وإنها خطوة يريد البناء عليها مستقبلا عبر مشاريع أكثر تنوعا. وأضاف: "أنا سعيد بهذا اللقاء مع الجمهور التونسي وأتمنى أن يكون بداية لتجارب جديدة لأن الفن بالنسبة إلي ليس فقط أغان تقدم وإنما علاقة حقيقية مع الناس تبنى على المحبة والصدق". الأخبار