إن التحول في مجال الطاقة في تونس ليس مجرد تحول تقني أو اقتصادي؛ بل هو كفاح من أجل السيادة والعدالة والاستدامة على المدى الطويل. وفي حال جرى التعامل معها بإصلاحاتٍ جريئة، يمكن لتونس أن تشكل سابقة في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، ونموذجاً تخدم فيه مصادر الطاقة المتجددة الشعب أولاً، وليس فقط السوق العالمية. يأتي ذلك ضمن تقرير لمبادرة الاصلاح العربي، مؤسسة بحثية، في إطار انعقاد طاولة مستديرة حول التحول في مجال الطاقة في تونس ارتكز على الدعوة الى إعادة هيكلة التعاون الدولي في عملية انتقال الطاقة لخدمة المصالح الوطنية. ولمواجهة هذه التحديات، تم التأكيد على ضرورة تنويع تونس لشراكاتها في قطاع الطاقات المتجددة بشكلٍ استباقي، واستكشاف فرص الاستثمار مع الشركاء الأفارقة والآسيويين، مثل الصين التي قد تقدم نماذج مالية بشروطٍ أقل. وقد يتيح تعزيز العلاقات داخل أفريقيا ومنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا الأوسع نطاقاً استراتيجيات الطاقة التي تتماشى بشكلٍ أوثق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي المحلي بدلاً من الضرورات الخارجية التي يحركها الربح. ومع ذلك، فإن مجرد تحويل الاعتماد من جهة أجنبية إلى أخرى لن يكون كافياً وفق تقرير مبادرة الاصلاح العربي إذ يجب أن تستثمر تونس في هياكل الملكية المحلية، وتبتعد عن النماذج التي يقودها المستثمرون من أعلى إلى أسفل، إلى مشاريع الطاقة المتجددة التي يقودها المجتمع المحلي وتضمن توزيع منافع الطاقة بشكلٍ عادل. هذا وجرت الإشارة الى نجاح دول مثل الدنمارك في تطبيق نماذج الطاقة القائمة على التعاون، إذ تمتلك المجتمعات المحلية بشكلٍ جماعي مزارع الرياح والطاقة الشمسية وتستفيد منها. ويمكن أن يوفر هذا النهج، إذا جرى تكييفه مع السياق التونسي، مساراً قابلاً للتطبيق نحو السيادة في مجال الطاقة، ما يقلّل من الاعتماد على التمويل الخارجي ويضمن أن تخدم مصادر الطاقة المتجددة الاحتياجات المحلية أولاً. يشار الى ان تونس تواجه تحديات كبيرة في تحولها في مجال الطاقة، لكن لديها أيضًا فرصًا لتعزيز الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وهو ما حفز البلاد على المرور الى السرعة القصوى في قطاع الانتقال الطاقي. ويعد الاعتماد على الوقود الأحفوري أحد التحديات الرئيسية التي تواجه تونس. وفي الوقت الحالي، يعتمد أكثر من 97% من إمداداتها من الطاقة على الوقود الأحفوري المستورد، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار في السوق الدولية. للحد من هذا الاعتماد، وضعت تونس هدفا طموحا يتمثل في إنتاج 35% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وذلك بشكل رئيسي من خلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية.