شهدت العلاقات بين تونس وسلطنة عُمان منعطفًا جديدًا، مع إعلان البلدين عن إطلاق خطة عمل مشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون في عدد من المجالات الاستراتيجية، وذلك بمناسبة الزيارة الرسمية التي أداها وزير الخارجية العُماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي إلى تونس. ويأتي هذا القرار امتدادًا لأعمال اللجنة التونسية-العُمانية المشتركة التي انعقدت في مسقط قبل سنة ونصف، والتي تُستكمل حاليًا مراحلها النهائية. نحو شراكة متعددة المحاور وفي ندوة صحفية انعقدت يوم الأربعاء بالعاصمة تونس، أشاد وزير الشؤون الخارجية التونسي، محمد علي النفتي، ب"الإرادة السياسية المشتركة" التي تقود جهود البلدين لتعميق العلاقات الثنائية، مؤكّدًا أن هذه المبادرة تندرج في إطار التحضيرات الجارية للزيارة الرسمية المنتظرة للسلطان هيثم بن طارق إلى تونس، بدعوة من الرئيس قيس سعيّد. وقد شملت المباحثات بين الوزيرين عددًا من القطاعات ذات الأولوية، أبرزها: * الأمن والعدالة * الصحة والتعليم * الطاقات المتجددة والأمن الغذائي * تكنولوجيا الاتصال والتجارة وفي سياق هذا التعاون الموسع، من المنتظر أن يؤدي وزير التجارة العُماني زيارة إلى تونس خلال شهر سبتمبر المقبل، بهدف استكشاف فرص جديدة للاستثمار الثنائي. وتندرج هذه الآفاق الاقتصادية ضمن استمرارية شراكة تاريخية انطلقت من قطاع التعليم، وتسعى اليوم إلى التوسع نحو مجالات واعدة ذات قيمة مضافة مشتركة. ونوّه الوزير النفتي في هذا الإطار بجودة العلاقات التونسية-العُمانية، واصفًا إيّاها ب"النموذجية"، لما تتسم به من ثقة متبادلة، وتقارب في الرؤى السياسية، وطموح مشترك لبناء شراكة متوازنة ومستدامة. تقارب دبلوماسي ودعم مشترك لفلسطين على الصعيد الجيوسياسي، ذكّر الوزير العُماني بتطابق مواقف تونس وسلطنة عُمان إزاء القضايا الإقليمية والدولية، مشددًا على دعمهما الثابت للقضية الفلسطينية وتمسكهما باحترام الشرعية الدولية. وقد جرى تأكيد هذا التقارب أيضًا خلال اجتماع موسّع بين وفدي البلدين، انعقد في إطار الزيارة، وسمح بمواصلة التشاور السياسي حول المسائل ذات الاهتمام المشترك. وهكذا، تمثل خطة العمل التونسية-العُمانية محطة جديدة في مسار التقارب بين تونسومسقط. فأكثر من مجرد اتفاق دبلوماسي، تُعد هذه الخطة استراتيجية منسقة تهدف إلى تعزيز التعاون متعدد القطاعات، وتنشيط التبادل الاقتصادي، والدفاع عن دبلوماسية قائمة على مبادئ السلم، والاحترام المتبادل، والتضامن الإقليمي. وفي انتظار زيارة السلطان العُماني، تعكس هذه الديناميكية حرص تونس على تنويع شراكاتها وتعزيز حضورها في منطقة الخليج والعالم العربي.