في مشهد أثار الجدل داخل أروقة الدبلوماسية الأميركية، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضيوفه الأفارقة خلال غداء عمل أقيم في البيت الأبيض، بسلسلة من التصرفات التي وُصفت بغير اللائقة، كان أبرزها مقاطعته للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، وتوجيهه تعليقات محرجة لبقية القادة الحاضرين. فخلال القمة المصغّرة التي جمعت يوم الأربعاء قادة كلٍّ من موريتانيا، ليبيريا، السنغال، الغابونوغينيا بيساو، أوقف ترامب حديث ولد الغزواني أثناء تطرّقه إلى الموقع الإستراتيجي لبلاده وفرص الاستثمار فيها، بعدما تجاوزت كلمته سبع دقائق، فيما بدا أن الرئيس الأميركي بدأ يفقد صبره. ولوّح ترامب بيديه وهزّ رأسه بنوع من الانزعاج، في إشارة واضحة لرغبته في إنهاء حديث الغزواني. ولدى ملاحظة الأخير لذلك، علّق قائلاً: "لا أريد أن أضيع الكثير من الوقت في هذا"، ليقاطعه ترامب مباشرة بالقول: "ربما يتعين علينا الإسراع قليلاً في الحديث، لأن لدينا جدولاً زمنياً حافلاً". وفي تصرف آخر لافت، توجّه ترامب إلى رئيس غينيا بيساو، عمر سيسوكو إمبالو، مطالباً إياه بذكر اسمه وبلده، ما أثار انزعاجاً صامتاً في أوساط الحضور. كما لم يخفِ الرئيس الأميركي دهشته من طلاقة الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي في اللغة الإنجليزية، موجهاً له سؤالاً بدا محرجاً: "هل تعلمتها في ليبيريا؟"، ليجيبه بواكاي بابتسامة مقتضبة قائلاً: "نعم سيدي". ورغم أن الإنجليزية هي اللغة الرسمية والأكثر انتشاراً في ليبيريا، التي تأسست عام 1822 كمستوطنة للعبيد المحررين العائدين من الولاياتالمتحدة، بدا أن ترامب لم يكن على دراية بهذه الحقائق، إذ واصل التعبير عن إعجابه بطلاقة ضيفه قائلاً: "هذا مثير حقاً. لديّ أشخاص حول هذه الطاولة لا يتحدثونها بنفس إتقانك لها". وتُعرف ليبيريا بكونها أقدم جمهورية في أفريقيا جنوب الصحراء، ويشكل استخدام اللغة الإنجليزية فيها جزءاً من إرثها التاريخي المتصل بالولاياتالمتحدة، الأمر الذي لم يغب عن بعض المراقبين الذين اعتبروا أسئلة ترامب دليلاً على ضعف إلمامه بالتاريخ الأفريقي. وتأتي هذه الحادثة لتضاف إلى سلسلة من المواقف التي اتُهم فيها ترامب بتصرفات غير دبلوماسية مع عدد من القادة الذين زاروا البيت الأبيض خلال ولاياته السابقة. وكانت القمة الأميركية الأفريقية المصغرة التي احتضنها البيت الأبيض قد ناقشت آفاق التعاون الاقتصادي، وسبل تعزيز السلم والأمن في القارة الأفريقية، في ظل اهتمام واشنطن المتزايد بالتوازنات الجيوسياسية في المنطقة. تعليقات