كشف المحلل المالي معز حديدان، أن حجم الدعم الذي ترصده الدولة التونسية سنويًا، يبلغ نحو 20 ألف مليون دينار، موزعًا بين عدة قطاعات حيوية تمسّ حياة المواطنين بشكل مباشر. وأوضح حديدان، ل"اكسبراس أف أم"، أن الجزء الأكبر من هذا الدعم يُوجَّه إلى المحروقات، بقيمة تناهز 7 آلاف مليون دينار، تليها المواد الأساسية بنحو 3,800 مليون دينار، من بينها 1,300 مليون دينار منها لدعم الخبز (الباقات) تحديدًا. كما تُخصص الدولة 680 مليون دينار لدعم النقل العمومي. وفي ما يتعلّق بدعم الخبز، أوضح المحلل المالي، أن الدولة تنفق ما يقارب 300 مليون دينار على 4 مليارات خبزة (باقات) تُستهلك سنويًا، بمعدل دعم يُقدَّر ب320 مليمًا على كل خبزة. لكنه نبّه إلى أن نحو مليار خبزة من هذا العدد يتم هدرها سنويًا. وفي مقارنة لافتة، أفاد معز حديدان، أنّ تكلفة بناء مستشفى جامعي حديث تقدّر بنحو 342 مليون دينار، وهو ما يعني أن الميزانية السنوية المخصصة لدعم الخبز يمكن أن تُستخدم لبناء 4 مستشفيات جامعية. كما يمكن بها شراء حوالي 2,200 حافلة جديدة. وأضاف معز حديدان أن منظومة الدعم الحالية تُفرز تداعيات سلبية متعددة، من أبرزها تراجع الفلاحين تدريجيًا عن زراعة الحبوب بسبب اختلال التوازن في السوق والأسعار. وأشار إلى أن تعديلًا طفيفًا في سعر الخبز، كزيادة ب100 مليم في سعر "الباقات"، لن يكون له أثر كبير على القدرة الشرائية للمواطن، لكنه بالمقابل يوفّر للدولة موارد تُعادل تكلفة بناء مستشفى جامعي سنويًا. وتساءل في هذا السياق: "ما الذي يجب أن يكون أولوية اليوم؟ الاستمرار في دعم غير موجه إلى مستحقيه، أم الاستثمار في البنية التحتية للصحة والنقل؟". ورأى معز حديدان أن تعديل سعر الخبزة يمكن أن يُسهم في الحد من ظاهرة التبذير، معتبرًا أن الزيادة الرمزية قد تدفع المستهلك إلى ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر.