قد تشكل مقترح قانون جديد معروض على مجلس نواب الشعب نقطة تحوّل في تنظيم الزمن المدرسي في تونس. فقد تقدم عدد من النواب، من بينهم النائبة ريم الصغير، بمبادرة تشريعية تهدف إلى اعتماد نظام الحصة الواحدة في مؤسسات التعليم العمومي، من التعليم الابتدائي إلى الثانوي. وترمي هذه المبادرة إلى معالجة الإشكاليات الناتجة عن نظام الحصتين المعمول به حالياً، والذي يعتبره كثيرون غير ملائم للواقع الاجتماعي ولا يتماشى مع وتيرة الحياة اليومية للتلاميذ. وخلال تدخل إذاعي على موجات إذاعة وطنية، قدّمت ريم الصغير ملامح المشروع، مبيّنة أن النص التشريعي يتضمن سبعة فصول، ويشمل جميع المدارس الابتدائية والإعداديات والمعاهد الثانوية العمومية في البلاد. ويقترح النموذج الجديد اعتماد خمس ساعات دراسية متواصلة، إما خلال الفترة الصباحية أو المسائية، وذلك بحسب إمكانيات كل مؤسسة وقيودها اللوجستية. تخفيف العبء وتحسين الجودة من بين الأهداف الرئيسية للمشروع، يسعى النواب الموقّعون إلى تقليص الإرهاق المدرسي، والحفاظ على التوازن النفسي والجسدي للتلاميذ، وتحسين ظروف التعليم. وترى ريم الصغير أن هذا الإصلاح يأتي استجابة للتحولات الاجتماعية، ويهدف إلى تحقيق توازن أفضل بين الزمن المدرسي والحياة الأسرية، مع تعزيز النجاعة التربوية. فالنظام الحالي المعتمد على الحصتين، والذي لا يزال مطبقاً على نطاق واسع، يفرض على التلاميذ تنقلات مرهقة وتشتيتاً للجهد على مدار اليوم الدراسي. أما نظام الحصة الواحدة، فيسمح بتركيز عملية التعلم في فترة زمنية محددة وواضحة، مع إتاحة المجال أمام الأنشطة الموازية، أو الراحة، أو تقديم الدعم البيداغوجي الموجه. إصلاح يثير النقاش ورغم أن المقترح حظي بترحيب من شريحة من الفاعلين التربويين، إلا أن عدداً من الأسئلة العملية لا تزال مطروحة، على غرار إعادة هيكلة جداول التوقيت، والطاقة الاستيعابية للمؤسسات، والنقل المدرسي، وتكييف خدمات المطاعم، وتأطير التلاميذ خارج الساعات الرسمية. وسيخضع مشروع القانون إلى دراسة من قبل اللجان البرلمانية المختصة، كما سيكون محل نقاش مع نقابات التعليم وجمعيات أولياء التلاميذ، وهياكل وزارة التربية. وهكذا، يُعيد مقترح تعميم الحصة الواحدة في المدارس العمومية التونسية طرح النقاش حول تنظيم الزمن المدرسي ورفاه التلميذ. وإذ يعكس هذا الإصلاح الطموح إرادة في التكيّف مع متطلبات العصر والواقع المجتمعي، فإنه سيحتاج إلى إثبات نجاعته تربوياً ولوجستياً على حد سواء. ومن المنتظر أن تكون الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد مدى قابليته للتنفيذ وقبوله من قبل مختلف الأطراف الفاعلة في القطاع التربوي. تعليقات