تلوح في الأفق جولة جديدة من التصعيد التجاري بين الولاياتالمتحدةوالصين، بعدما أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الخميس، عن نية فرض رسوم جمركية بنسبة 93.5% على واردات الجرافيت الصيني، وهي مادة استراتيجية تُستخدم في صناعة بطاريات الليثيوم أيون، خصوصًا تلك المخصصة للسيارات الكهربائية وتقنيات تخزين الطاقة. ويُعد الجرافيت، الذي تنتجه الصين بكميات ضخمة، عنصرًا أساسيًا في بطاريات الهواتف الذكية، وأجهزة الحاسوب المحمولة، والسيارات الكهربائية. وتهدف واشنطن من هذه الخطوة إلى مواجهة ما تعتبره دعمًا غير قانوني تقدمه بكين لمصنّعي الجرافيت لديها، بما يؤدي إلى تشويه قواعد المنافسة التجارية العالمية. تحقيق جارٍ حول الممارسات الصينية جاء هذا الإعلان في أعقاب تحقيق أولي أجرته لجنة التجارة الدولية الأميركية (ITC)، بعد شكوى تقدمت بها مجموعة من المنتجين الأميركيين وعدد من الشركات في خمس ولايات. واتهم مقدّمو الشكوى الصين بأنها تُغرق الأسواق العالمية بالجرافيت بأسعار منخفضة بشكل غير عادل، مما يجعل المنافسة شبه مستحيلة بالنسبة للمصنعين الأميركيين. ولا يزال التحقيق في مرحلته الاستكشافية، ومن المنتظر أن يستمر حتى 5 ديسمبر 2025، وهو الموعد الذي ستصدر فيه اللجنة قرارها بشأن ما إذا كانت بكين تنتهج ممارسات تجارية مناهضة للمنافسة. وإذا ثبتت تلك الادعاءات، فإن 70 شركة صينية ستكون معنية مباشرة بهذه الرسوم الجمركية. ووفقًا لوزارة التجارة الأميركية، فقد بلغت قيمة واردات الجرافيت من الصين نحو 350 مليون دولار عام 2023. ومن بين أبرز زبائن الموردين الصينيين: شركة تيسلا الأميركية، وسامسونغ وLG الكوريتان، وباناسونيك اليابانية، وجميعها تعتمد بشكل كبير على الجرافيت في تصنيع البطاريات. موجة جديدة من الرسوم الانتقائية في حال دخلت هذه الرسوم حيّز التنفيذ، فإنها ستُضاف إلى رسوم جمركية نسبتها 30% كانت قد فُرضت منتصف ماي 2025 على جميع الواردات الصينية إلى الولاياتالمتحدة. وتُعد هذه الخطوة ثاني إجراء جمركي انتقائي تتخذه إدارة ترامب في أقل من ثلاثة أشهر. ففي أواخر أفريل، أعلنت واشنطن نيتها فرض ضريبة بنسبة 3,521% على الألواح الشمسية المستوردة من جنوب شرق آسيا، متهمة عدة شركات — معظمها تابعة لمجموعات صينية — بالحصول على دعم حكومي ضخم. وتندرج هذه الإجراءات ضمن استراتيجية أميركية أوسع لإعادة توطين سلاسل التوريد الاستراتيجية، وخصوصًا في قطاعات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة. ومن خلال استهداف الجرافيت الصيني، تسعى واشنطن إلى ضرب أحد الأعصاب الحساسة في مسار التحول الطاقي العالمي. وإذا تم إقرار هذه الضريبة بنسبة 93.5%، فقد تُعيد رسم خريطة سوق البطاريات العالمية، مع ما يعنيه ذلك من تأثير مباشر على الموردين الصينيين وشركائهم الدوليين، بمن فيهم كبار المصنعين. ويبقى السؤال: هل ستنجح هذه الضغوط الجمركية في إعادة تحريك عجلة الإنتاج الأميركي؟ أم أنها ستزيد من تفاقم الحرب التجارية المشتعلة بين أكبر اقتصادين في العالم؟ تعليقات