في الوقت الذي أصبحت فيه شركة Nvidia في جويلية 2025 الشركة الأعلى قيمة في العالم، بعد أن تخطت حاجز 4000 مليار دولار، يفاجئ مؤسسها المشارك ورئيسها التنفيذي، جنسن هوانغ، الجميع بإعادة النظر في مساره الأكاديمي الخاص. طالب مستقبلي؟ يمكن لجامعة أن توجهك الاسم* اللقب* رقم الهاتف* البريد الإلكتروني* بالنقر على "إرسال"، تؤكد أنك تم إعلامك بكيفية معالجة بياناتك الشخصية وقد وافقت عليها. *جميع الخانات إجبارية من بكين: العلوم الفيزيائية بدلاً من علوم الحاسوب أمام حشد من الصحفيين في بكين، صرّح رئيس عملاق التكنولوجيا أن تخصصه سيكون مختلفًا لو كان في عمر العشرين اليوم، مؤكداً أنه كان سيختار العلوم الفيزيائية بدلاً من علوم الحاسوب. تصريح يعكس تغيراً عميقاً في أولويات قطاع التكنولوجيا. عصامي في عالم التكنولوجيا يتحول إلى تاسع أغنى رجل في العالم وُلد جنسن هوانغ عام 1963 في تايوان، وتخرّج في الهندسة الكهربائية من جامعة ولاية أوريغون ومن ثم من جامعة ستانفورد. شارك في تأسيس شركة Nvidia عام 1993 مع كل من كريس مالاكوفسكي وكورتيس بريم. وبعد ثلاثين عاماً، أصبحت الشركة في قلب ثورة الذكاء الاصطناعي، بفضل معالجاتها الرسومية (GPU) التي لا غنى عنها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة. ويمتلك هوانغ البالغ من العمر 61 عامًا نسبة 3.5٪ من أسهم Nvidia، وقد بلغت ثروته 151 مليار دولار في يوليو 2025، ما جعله يحتل المرتبة التاسعة في مؤشر بلومبرغ لأثرياء العالم. ورغم هذا النجاح الكبير، لا يزال يتساءل اليوم عن الأسس التي قامت عليها دراسته. وقال: "لو أن جنسن الشاب في العشرين حصل الآن على شهادته، لربما اختار العلوم الفيزيائية أكثر من علوم البرمجيات". العلوم الفيزيائية مفتاح الثورة المقبلة هذا التغير في الرؤية يأتي من قناعة واضحة بالمستقبل. فبالنسبة لهوانغ، فإن موجة الذكاء الاصطناعي المقبلة لن تكون برمجية فقط، بل ستكون مادية. فهو يتحدث عن "ذكاء اصطناعي مادي"، نوع من الذكاء يستوعب قوانين الطبيعة مثل الاحتكاك، العطالة، والسببية، بهدف التفاعل مع العالم الحقيقي والتأثير عليه من خلال تحريك الأشياء والتحكم بالبيئات والأنظمة الصناعية. وتتطلب هذه الرؤية تضافرًا بين العلوم الأساسية مثل الفيزياء، والكيمياء، والميكانيكا، وعلم الفلك، مع خوارزميات التعلم الآلي. ويقول: "الموجة القادمة تتطلب منا أن نفهم أشياء مثل قوانين الفيزياء، والاحتكاك، والعطالة، والسبب والنتيجة". حل لأزمة نقص اليد العاملة العالمية في ظل أزمة سوق العمل العالمية، لا سيما في قطاعات الصناعة واللوجستيات، يرى جنسن هوانغ في الأتمتة والروبوتات حلاً طويل الأمد. وتخطط Nvidia لبناء جيل جديد من المصانع الذكية المؤتمتة خلال السنوات العشر المقبلة، وهي منشآت يُفترض أن تضمن استمرارية الإنتاج دون الاعتماد الكامل على البشر. وأوضح قائلاً: "نأمل أن تكون المصانع في غضون عشر سنوات عالية الأتمتة، لتتمكن من مواجهة النقص الحاد في اليد العاملة الذي يشهده العالم أجمع". وهكذا، تتحول Nvidia، التي لطالما اعتُبرت شركة مختصة في أشباه الموصلات، إلى ركيزة أساسية في الثورة الصناعية الجديدة القائمة على الروبوتات الذكية. الذكاء الاصطناعي أصبح قادراً على التفكير يشير هوانغ إلى أن هذا التحول بدأ مع ظهور شبكة AlexNet في أوائل العقد الماضي، والتي شكلت نقطة تحول في مجال التعرف على الصور بالحاسوب. ومنذ ذلك الحين، تطور الذكاء الاصطناعي ليصل إلى مرحلة جديدة يسميها هوانغ "الذكاء القادر على الاستدلال" (Reasoning AI)، وهو نوع من الذكاء لا يقتصر فقط على توليد المحتوى، بل يمكنه أيضًا حل المشكلات المعقدة، والتنبؤ، والتفاعل مع المواقف غير المسبوقة. هذه المرحلة الجديدة تتطلب كوادر علمية متعددة المهارات، قادرة على التنقل بين مختبر الفيزياء وسطور البرمجة. ولهوانغ، هذا يعني أننا بحاجة إلى تكوين جيل يفهم الطبيعة كما يفهم الخوارزميات. رسالة واضحة إلى الشباب من خلال كلمته، يوجه هوانغ رسالة صريحة إلى الطلبة: لا تحصروا أنفسكم في تخصص علوم الحاسوب. العالم بحاجة إلى عقول تفهم الواقع الفيزيائي لتطوير آلات قادرة على العمل داخله. فمهندس الغد لن يكون مجرد مبرمج، بل سيصبح مهندس أنظمة متكاملة قائمة على قوانين الطبيعة. هذا التوجه يعيد تسليط الضوء على أهمية التكوين في العلوم الأساسية، والتي غالبًا ما يتم تهميشها لصالح التخصصات التطبيقية الجاهزة لسوق العمل. وفي وقت تُكوّن فيه تونس آلاف المهندسين والعلماء الموهوبين كل عام، يكتسب هذا الخطاب أهمية خاصة. وبذلك، يسلّط جنسن هوانغ، بوصفه رمزًا للنجاح التكنولوجي العالمي، الضوء مجددًا على العلوم الفيزيائية باعتبارها الأساس للثورة الصناعية المقبلة. ورسالة هوانغ واضحة للشباب التونسي وللمواهب حول العالم: لقد حان الوقت لفهم العالم الواقعي، من أجل بناء عالم الغد. تعليقات