أبرم الاتحاد الأوروبي، يوم الأحد 37 جويلية، اتفاقاً تجارياً كبيراً مع الولاياتالمتحدة، يقضي بشراء محروقات أمريكية – من غاز طبيعي مسال ونفط ووقود نووي – بقيمة إجمالية تبلغ 750 مليار دولار حتى عام 2028. هذا القرار، الذي يهدف إلى تعويض واردات الطاقة الروسية في ظل الحرب في أوكرانيا، أثار انتقادات سياسية حادة، لا سيما في فرنسا، حيث اعتبرت المعارضة أن الاتفاق يمثل تراجعاً عن السيادة الوطنية. ميثاق طاقي واقتصادي عبر الأطلسي أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن الاتفاق خلال مؤتمر في اسكتلندا، عقب لقائها بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبموجب الاتفاق، يلتزم الاتحاد الأوروبي بشراء كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال والنفط والوقود النووي من الولاياتالمتحدة، في حين سيضخ الأوروبيون 600 مليار دولار من الاستثمارات في مشاريع صناعية وتكنولوجية أمريكية. تندرج هذه الخطوة في إطار خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى تقليص الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة، وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين ضفتي الأطلسي. تخفيض الرسوم الجمركية في عدة قطاعات في المقابل، وافقت الولاياتالمتحدة على خفض الرسوم الجمركية على الواردات الأوروبية إلى 15٪، بعد أن كانت تعتزم فرض رسوم بنسبة 30٪. كما اتفقت الجهتان على إلغاء الحواجز الجمركية في عدد من القطاعات الحيوية، أبرزها: * الطيران المدني، * بعض المواد الكيميائية، * معدات أشباه الموصلات، * المنتجات الزراعية، * والمواد الأولية الإستراتيجية. لكن الاتفاق لا يشمل الأدوية، فيما تبقى الضرائب على الصلب والألمنيوم على حالها. فرنسا: المعارضة تصف الاتفاق بالاستسلام رغم ترحيب بروكسل بالاتفاق ووصفه ب"الجيد"، وفقاً لتصريحات أورسولا فون دير لاين، فقد واجه الاتفاق انتقادات شديدة من مختلف التيارات السياسية في فرنسا. حزب التجمع الوطني وفرنسا الأبية اعتبرا الاتفاق خضوعاً للمصالح الأمريكية، على حساب الصناعة والسيادة الفرنسية. مارين لوبان وصفت الاتفاق بأنه «فشل سياسي واقتصادي وأخلاقي»، وقالت: «لقد قبلت المفوضية ببنود غير متوازنة، لا يمكن لأي حكومة وطنية أن توافق عليها. إنه استسلام كامل في معركة السيادة الطاقية والعسكرية.» أما جان لوك ميلانشون، فقد اعتبر أن "كل شيء قُدم على طبق من ذهب لترامب"، مندداً بما وصفه انتهاكاً لمعاهدة لشبونة: «رسوم جمركية، التزامات شراء، ضرائب خفية على الناتج المحلي… الليبرالية الأوروبية أصبحت نكتة سيئة.» وفي الاتجاه نفسه، صرح بيار جوفيه، النائب الأوروبي والأمين العام للحزب الاشتراكي، بأن الاتفاق يعكس تبعية اقتصادية خطيرة: «القبول بنسبة 15٪ من الرسوم هو تضحية بوظائفنا، وإنتاجنا، وبيئتنا.» تبعية معكوسة؟ بالنسبة لمؤيدي الاتفاق، يمثل هذا الأخير استجابة براغماتية لحالة الطوارئ الطاقية، وأداة لتقوية الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة في عالم متعدد الأقطاب. أما منتقدوه، فيرون فيه منعطفاً مقلقاً نحو تبعية جديدة، هذه المرة تجاه واشنطن، في تناقض واضح مع طموحات أوروبا نحو الاستقلال الاستراتيجي. ومع اقتراب الشتاء واستمرار التوترات الجيوسياسية، يطرح الاتفاق سؤالاً محورياً: هل تستطيع أوروبا ضمان أمنها الطاقي دون أن تتنازل عن سيادتها الصناعية؟ تعليقات