منذ الهجوم الذي شنّته حركة حماس ضدّ إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والتصعيد العسكري الذي أعقبه في غزة، تشهد أستراليا ارتفاعًا حادًا في حوادث الإسلاموفوبيا، وفقًا لعدة مصادر جامعية وجمعيات مدنية. و تستهدف موجة الكراهية هذه بالأساس النساء و الفتيات المسلمات و هنّ في الغالب مرئيات بسبب ارتدائهن الحجاب، وسط مناخ سياسي و اجتماعي يزداد توترًا يومًا بعد يوم. الغالبية العظمى من الضحايا نساء بحسب نورة عماث، المديرة التنفيذية لمنصة "Islamophobia Register Australia"، فإن حوالي 75٪ من ضحايا هذه الاعتداءات هنّ من النساء أو المراهقات المسلمات. و غالبًا ما يكون الجناة رجالًا غير مسلمين، ينفذون أفعالهم في الأماكن العامة أو عبر الإنترنت. و تقول عماث: «بالنسبة للعديد من النساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب، أصبح التعرض لعمل إسلاموفوبي تجربة شبه يومية في أستراليا». و تضيف أن الأحداث الجيوسياسية قد تشكّل عوامل محفّزة، لكنها لا تفسّر وحدها تجذّر هذا السلوك العدائي. الدور الحاسم للخطاب السياسي تشير المسؤولة إلى التأثير الكبير للخطاب السياسي: «الخطاب السياسي يؤثّر بشدّة على مستوى الحوادث التي نسجلها. يمكنه أن يزيدها... أو يهدّئها». و في سياق يطلق فيه بعض المسؤولين الأستراليين تصريحات مبهمة أو تحمل طابعًا تمييزيًا تجاه المسلمين، تصبح العلاقة بين الساحة السياسية وتفاقم الظاهرة أكثر إثارة للقلق. و قد وثّق تقرير نُشر في مارس من قبل باحثين من جامعتي "موناش" و"ديكن"، أكثر من 600 حادثة إسلاموفوبيا في أستراليا بين جانفي 2023 ونوفمبر 2024، شملت اعتداءات جسدية وتهديدات ومضايقات سواء ميدانيًا أو عبر الإنترنت. و يؤكد التقرير أن النساء المسلمات مازلن أكثر الفئات استهدافًا، خصوصًا بسبب ظهورهنّ العلني وارتدائهنّ رموزًا دينية مرئية. سياق دولي يؤجج التوترات يأتي تصاعد الإسلاموفوبيا في أستراليا ضمن مناخ عالمي شديد التوتر. فمنذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 59,800 فلسطيني في العمليات العسكرية الإسرائيلية، ما ساهم في تغذية انقسام عاطفي وسياسي على المستوى الدولي. و يبدو أن هذا الاستقطاب يمتدّ ليطال شوارع المدن الكبرى في أستراليا، حيث تتعرض الأقليات لاعتداءات واستهداف مباشر. و هكذا، تبرز هذه الوضعية المقلقة الآثار السلبية للنزاعات الدولية على التماسك الاجتماعي في بلدان بعيدة عن مناطق الحرب. تحدٍّ أمام التعددية الثقافية الأسترالية و رغم تمسك أستراليا بتقاليدها المتعددة الثقافات، فإنها تواجه اليوم تحديًا جوهريًا: كيفية التصدي بفاعلية لتصاعد الكراهية الدينية وحماية مواطنيها الأكثر عرضة للخطر، وفي مقدّمتهم النساء المسلمات، اللواتي أصبحن ضحايا رئيسيات لمناخ من الخوف المألوف و المستهان به. تعليقات