في مواجهة التراجع المزمن لقيمة عملتها الوطنية، أعادت إيران طرح إصلاح نقدي جذري يقضي بحذف أربعة أصفار من الريال. المشروع، الذي صادقت عليه اللجنة الاقتصادية بالبرلمان الإيراني يوم الأحد 3 أوت 2025، يقترح إدخال "ريال جديد" يعادل 10.000 ريال من العملة الحالية. وأكد رئيس اللجنة، شمس الدين حسيني، المصادقة على النص، موضحًا أن اسم "الريال" سيبقى العملة الرسمية للبلاد. وسيواكب الإصلاح اعتماد وحدة نقدية فرعية جديدة تُدعى "غيران"، تعادل السنتيم، بحيث يتكون الريال الجديد من 100 غيران، وفقًا لما أورده موقع البرلمان الإيراني "إيكانا". عملة تنهار بلا توقف يشهد الريال الإيراني انهيارًا مستمرًا منذ سنوات، نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على البلاد. وتسارعت وتيرة هذا الانهيار بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني سنة 2018 وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية من قبل إدارة ترامب. ومنذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في جانفي 2025، ازدادت الأزمة عمقًا. يوم الأحد، بلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء 925.000 ريال، مقابل 913.500 ريال في اليوم السابق، وفقًا لصحيفة "دنياي اقتصاد" الاقتصادية الإيرانية. وقد أدّى هذا الوضع إلى فقدان عميق للثقة، مما جعل الريال شبه غير صالح للاستخدام في التعاملات المالية الدولية. إصلاح طُرح سابقًا ولم يُنفذ ليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها مقترح حذف الأصفار من العملة الإيرانية. فقد تم تقديم مشروع مماثل سنة 2019، لكنه لم يُفعّل قط. أما النسخة الحالية، فلا تزال بانتظار المصادقة من قبل البرلمان بأكمله، ثم الموافقة النهائية من مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة المخولة بمراجعة القوانين. واعترف محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، مؤخرًا بأن الريال "لا يحظى بصورة إيجابية" على الساحة الدولية. وترى السلطات أن هذا الإصلاح يهدف إلى "تسهيل المعاملات والرقابة داخل المؤسسات" العامة، وفق ما صرّح به المتحدث باسم اللجنة الاقتصادية، حاكم مامكان. ارتباك بين الريال والتومان فعليًا، يعتمد الإيرانيون منذ سنوات وحدة مبسطة تُعرف ب"التومان"، حيث يعادل التومان الواحد 10 ريالات. فعلى سبيل المثال، 10.000 ريال تُترجم عادة إلى 1.000 تومان. هذه الازدواجية بين العملة الرسمية وتلك المستخدمة يوميًا، تخلق ارتباكًا دائمًا، خاصة لدى الزوار الأجانب. وقد تُساهم الإصلاحات الحالية في إضفاء وضوح طال انتظاره، سواء للمواطنين أو للشركاء الاقتصاديين لإيران، إلى جانب توجيه رسالة رمزية مفادها: استعادة السيطرة النقدية. لكن تبقى المسألة الجوهرية: هل سيكون هذا الإصلاح كافيًا لاستعادة الثقة في عملة أضعفتها سنوات من العقوبات والاضطرابات؟ في انتظار ذلك، يبقى مصير الريال الجديد مرهونًا بتصويت البرلمان وموافقة مجلس صيانة الدستور. تعليقات