يشهد المشهد الأوروبي للسيارات الكهربائية تحولاً تاريخياً. فللمرة الأولى منذ انطلاق هذا القطاع، تتصدر فولكسفاغن مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا، متقدمة على تسلا التي تراجعت إلى المرتبة الثانية. تطور بارز يعكس الضغوط الاستراتيجية التي تواجه العلامة الأميركية، والتقدم السريع للمصنّعين الصينيين، وصعود المجموعة الألمانية التي أصبحت اليوم متصدّرة السوق. تسلا تتراجع، وفولكسفاغن تقفز للأمام خلال الفترة ما بين جانفي وجوان 2025، سجلت تسلا تراجعاً بنسبة 33% في مبيعاتها في أوروبا، إذ باعت 109,262 سيارة من مختلف الطرازات، مقابل قفزة هائلة بنسبة 78% لفولكسفاغن التي باعت 135,427 سيارة كهربائية، تشمل جميع علامات المجموعة (أودي، سكودا، كوبرا...). ويعود تراجع تسلا أساساً إلى تباطؤ إنتاج الطراز الجديد من Model Y الذي أُعيد تصميمه مطلع العام. هذا الطراز، الذي كان لفترة طويلة الأكثر مبيعاً لدى الشركة، لم تصل نسخته الأساسية (Propulsion) إلى صالات العرض إلا في بداية الصيف. النتيجة: انخفاضات حادة في أسواق رئيسية مثل فرنسا (-40%) وألمانيا (-58%). ومع ذلك، يظل Model Y الطراز الكهربائي الأكثر مبيعاً في القارة، لكن تفوقه يتقلص. فولكسفاغن تعود بعروض هجومية استندت عودة مجموعة فولكسفاغن بقوة إلى تحسينات تقنية (بطاريات جديدة، محركات مُحسَّنة) وأسعار أكثر تنافسية، خصوصاً من خلال نظام التأجير التمويلي المدعوم. احتل الطراز الرياضي متعدد الاستخدامات ID.4 المرتبة الثانية في المبيعات خلال النصف الأول من العام، بزيادة 38% مقارنة ب2024. أما السيارة السيدان ID.7، المدعومة من سوق أساطيل الشركات، فقد حققت مفاجأة بحلولها في المرتبة الرابعة. كما لفتت علامة سكودا الأنظار مع سيارتها الرياضية متعددة الاستخدامات الجديدة Elroq، التي احتلت المركز الثالث في المبيعات خلال يونيو، والمركز الثامن على مستوى النصف الأول كاملاً. أما شقيقها الأكبر Enyaq المُجدّد، فسجل بدوره زيادة بنسبة 38%. ويأتي تعافي المجموعة بعد انطلاقة صعبة لخط إنتاجها الكهربائي، بسبب مشكلات برمجية في منصة MEB. الصينيون يترسخون... وMG تتراجع على صعيد العلامات الصينية، تبدو الصورة متباينة. فقد تراجعت مبيعات MG بنسبة 45%، متأثرة بتجديد طرازها MG5 EV وتراجع أداء السيارة المدمجة MG4 مع اقتراب نهاية دورة إنتاجها. في المقابل، حققت BYD نمواً هائلاً بنسبة 143% في مبيعات النصف الأول من 2025، لتصل إلى 41,270 وحدة، متأخرة قليلاً عن بيجو (43,679 وحدة). ومن المتوقع أن يظهر أثر إطلاق سيارتها الصغيرة Dolphin Surf، التي طرحت مطلع الصيف، خلال النصف الثاني من العام. ومن العلامات الواعدة أيضاً XPeng، التي ما زالت محدودة الحضور لكنها سجلت قفزة بنسبة 273%، مدفوعة بطرازها الرياضي متعدد الاستخدامات G6 المنافس مباشرة لModel Y. وبعد دخولها السوق الفرنسية في 2024، تواصل العلامة الصينية توسعها السريع في الأسواق الأوروبية الكبرى. وهكذا، يبدو سوق السيارات الكهربائية الأوروبي في 2025 أكثر تنافسية من أي وقت مضى. ورغم أن تسلا لا تزال لاعباً رئيسياً، فإن تراجعها المؤقت يصب في مصلحة فولكسفاغن، التي تستفيد من منظومة متعددة العلامات وصلت إلى درجة النضج. وفي الوقت نفسه، يرسخ المصنعون الصينيون حضورهم، ما ينذر بإعادة تشكيل دائمة للصدارة الأوروبية في الأشهر المقبلة. ومع استعداد تسلا لإطلاق نسخة أكثر اقتصادية من Model Y بسعر يقارب 35 ألف يورو، فإنها تحضّر لردّها. المعركة لم تبدأ بعد. تعليقات