تستعد مدينة القلعة الكبرى لتعيش على إيقاع الثقافة من 15 إلى 24 أوت 2025، مع انطلاق الدورة العاشرة من مهرجان "مرايا الفنون"، الذي أصبح حدثًا لا غنى عنه في صيف تونس الثقافي. ينظَّم هذا الحدث من قبل جمعية إشراق للثقافة والفنون، بالشراكة مع دار الثقافة بالمدينة، ويحتفي هذا العام بعشر سنوات من الالتزام الفني، والابتكار، والانفتاح على مختلف أشكال التعبير. وسيفتتح المهرجان بعرض ضخم يحييه أوركسترا الوطن العربي بقيادة المايسترو عبد الرحمان العيادي، أحد أبرز رموز الموسيقى التونسية، في حفل يُتوقع أن يجذب جمهورًا واسعًا من مختلف أنحاء الجهة، ما يعكس مدى ترسّخ هذا الحدث محليًا ووطنياً. برمجة متنوعة وملتزمة في قلب هذه الدورة الاحتفالية، يقدّم المهرجان برنامجًا ثريًا وملتزمًا، من أبرز محطاته حضور فرقة "الكوفية" الفلسطينية التي ستقدّم عرضًا في 16 أوت يمزج بين الفلكلور والرسائل السياسية. كما سيكون للقضية الفلسطينية حضور فني خاص طيلة أيام المهرجان من خلال تدخلات بصرية وموسيقية ورمزية. ويحتفي المهرجان أيضًا بالمشهد الفني الشاب في تونس، من خلال الفنانة عفيفة العويني (17 أوت)، والفنان المتعدد المواهب سيف الدين معيوف (21 أوت)، ابن مدينة القلعة الكبرى، الذي سيقدّم أمسية موسيقية تجمع بين مؤلفاته الخاصة وإعادة إحياء للتراث الموسيقي التونسي. أما سهرة الاختتام، المقرّرة في 24 أوت، فستكون مع الفنانة المتميّزة سونيا بن عبد الله وعرضها "زخارف"، تحت قيادة المايسترو معز بوسلّاح، في ختام يعد بالكثير من الأناقة والعمق الفني. المسرح والرقص والشعر حاضرة بقوة ككل عام، يحتل المسرح مكانة محورية ضمن فعاليات المهرجان. وسيكون الجمهور على موعد مع عرض "اعتراف" للمخرج محمد علي سعيد يوم 19 أوت، يليه عرض موسيقي-مسرحي بعنوان "الغانجة" لمنير مخينيني يوم 20 أوت. كما سيحتضن المسرح عرضًا راقصًا من تقديم نادي الرقص التابع لدار الثقافة في 23 أوت. أما الشعر، فسيكون حاضرًا من خلال "ليلة القوافي" (18 أوت)، التي ستجمع أسماء بارزة من الساحة الأدبية التونسية على غرار محمد الجلالي، أشرف القرقني، إكرام الحرايقي، بشير عبيد، دلال الجعبلي، ومحمد الناصر العكرمي. وستُدير الأمسية الشاعرة راضية التواتي، بمرافقة موسيقية على آلة الكمان يقدمها ياسين عزيز. فضاء للتفكير حول الثقافة والفضاء العام بالتوازي مع العروض، ستُعقد ندوة فكرية كبرى يوم 23 أوت بعنوان: "التعبير الفني في الفضاء العام والسياسات الثقافية: أي علاقة؟" وسيشارك فيها عدد من الشخصيات البارزة من بينهم وزيرة الثقافة السابقة سنية مبارك، والأساتذة الجامعيون أحمد خواجة، منذر المثيبعي، فتحي بن عامر، وعالمة الاجتماع الفلسطينية ميسّر عطياني. أما التنسيق العلمي فستتولاه الأستاذة ربيعة بلطيفة، أستاذة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس. كما ستشهد الندوة تكريمًا للمسرحي والتلفزيوني الراحل فرج شوشان، أحد أبناء القلعة الكبرى، الذي وافته المنية في ديسمبر 2024، في لمسة وفاء لذكراه وتأكيدًا على بصمته في المشهد الفني الوطني. الفن التشكيلي كخيط ناظم طيلة أيام المهرجان، سيكون الزوار على موعد مع معرض للفنون التشكيلية يضم أعمالًا لفنانين بارزين مثل علي الزنايدي، ربيعة بلطيفة، إيمان بالحاج، والفنان الفلسطيني مروان العلان. وسيُبرز هذا المعرض تنوّع الأساليب والرؤى داخل المشهد الفني المعاصر في تونس وفلسطين، ليشكّل جسورًا فنية وثقافية بين البلدين. وهكذا، يؤكد مهرجان "مرايا الفنون" في دورته العاشرة مجددًا دوره الريادي في إبراز المواهب التونسية، وانفتاحه على القضايا العادلة، وسعيه إلى خلق حوار بين الفنون، الأجيال، والمناطق. فهو ليس مجرد احتفال فني، بل فضاء حيّ للذاكرة والإبداع وتطلعات بلدٍ يؤمن بأن للثقافة القدرة على إنارة المستقبل. تعليقات